مشروعات الحرس الثوري الفاشلة تنذر بـ"أزمة جفاف كبرى" في إيران
جلسة سرية في البرلمان الإيراني بعد تفاقم أزمة المياه العذبة في البلاد وارتفاع معدلات الجفاف.
عقد البرلمان الإيراني جلسة سرية بحضور وزيري الطاقة والزراعة بعد تفاقم أزمة شح مياه الشرب داخل إيران، لاسيما مع ارتفاع معدلات الجفاف وتناقص نسب هطول الأمطار بنحو 50% خلال الأشهر القليلة الماضية، الأمر الذي بات ينذر بعواقب وخيمة.
وكشف موقع "راديو فردا" المعارض تفاصيل تلك الجلسة التي وصفها بأنها كانت سرية ومغلقة، والتي عقدت بحضور علي لاريجاني، رئيس البرلمان الإيراني، الأربعاء، الذي أدلى بتصريحات بعد قرابة ساعتين ونصف الساعة، عن ضرورة إصدار قرارات حاسمة بشأن الاستغلال الأمثل للمياه في قطاعي الزراعة والصناعة، نظراً لانخفاض نسب هطول الأمطار في البلاد إضافة إلى الاحتباس الحراري، على حد قوله.
ورفض لاريجاني الإفصاح عن مزيد من التفاصيل بخصوص محتوى تلك الجلسة السرية، لافتاً إلى تشكيل كل من الحكومة والبرلمان مجموعات عمل متخصصة في هذا الصدد، لبحث تطورات تلك الأزمة، غير أن وكالة أنباء خانة ملت الإيرانية نقلت عن بهروز نعمتي، المتحدث باسم رئيس البرلمان، قوله إن تلك الجلسة تمخضت عن تشكيل لجنة حكومية برئاسة المساعد الأول للرئيس الإيراني، لبحث المشكلات المتعلقة بالمياه، والتي سيكون قرارها أساساً لإعادة توزيع حصص المياه بالبلاد.
وتكشف أحدث التقارير الرسمية الصادرة عن مكتب معلومات موارد المياه في إيران، والتابع لشركة إدارة الموارد المائية الحكومية في إيران، عن انخفاض في نسب مياه الأمطار على مدار الخمسة أشهر الأخيرة، حيث سجلت نحو 101 ملي متر مكعب، بمعدل انخفاض 50% عن الفترة ذاتها من العام الماضي.
كما كشفت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إيرنا" في تقرير لها مؤخراً، نقلاً عن مسؤول بيئي بمحافظة سيستان وبلوشستان جنوب شرقي إيران، والتي تقطنها أغلبية سنية، عن وصول معدلات الجفاف بها إلى نحو 100%، في حين وصلت معدلات النقص بمخزون المياه أمام السدود في محافظة خراسان الشمالية إلى نحو 71%، والتي تقع في أقصى شمال شرق البلاد.
وحذر مسؤولون إيرانيون مؤخراً من دخول إيران أزمة طاحنة، بسبب نقص كميات مياه الشرب، وتناقص معدل سقوط الأمطار إلى نحو 50% مقارنة مع العام الماضي، وسط انخفاض منسوب المياه أمام السدود.
وكشف إسحاق جهانجيري، نائب الرئيس الإيراني، خلال مؤتمر بمنطقة مكران جنوب إيران، عن انخفاض معدلات سقوط الأمطار، وذلك بالمقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي، لافتاً إلى أن "هذا الأمر يعد تحدياً كبيراً"، بحسب تعبيره.
وأكد جهانجيري، بحسب موقع "راديو فردا"، ضرورة الانتباه لمشكلة نقص مياه الشرب، والعمل على حل الأزمات البيئية المرتبطة بها، بينما حذر "محمد تقي توكلي"، مستشار وزير الطاقة الإيراني، من المشكلة ذاتها، لافتاً إلى وصول الانخفاض في منسوب المياه أمام السدود بالبلاد إلى نحو 37% مقارنة بالعام الماضي.
وأعرب توكلي، بحسب وكالة أنباء ايسنا، عن مخاوف تنتاب وزارة الطاقة الإيرانية مع دخول فصل الصيف وزيادة الجفاف، الأمر الذي يعزز من زيادة فرص التوتر المائي ببعض المدن في البلاد، وسط تحول الأزمة إلى مشكلة أمنية بالبرلمان الإيراني.
وأشار مستشار وزير الطاقة الإيراني إلى سوء حالة عدد من السدود، وعدم فاعليتها في تخزين أكبر قدر ممكن من المياه، مؤكداً عدم قدرة وزارته على تحمل أعباء هذه المشكلة وحدها، في الوقت الذي حذر مسؤولون رسميون من تفاقم تلك الأزمة وتحولها إلى أزمة مزمنة، خاصة أنها كانت أحد العوامل وراء الاحتجاجات الشعبية الأخيرة ضد نظام الملالي.
وتشهد إيران انخفاضاً متزايداً في معدلات المياه الصالحة للشرب، بسبب سوء الاستخدام الحكومي، وسط أزمات بيئية طاحنة من بينها الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، إلى جانب بناء الحرس الثوري سدود دون تخطيط مسبق، ما أدى إلى انخفاض الكميات المتواجدة بالسدود إلى 21 مليار متر مكعب، بعد أن كانت في العام الماضي 25 مليار متر مكعب.
وأشارت صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير لها مؤخراً، بحسب تقديرات أحد خبراء مركز ستيمسمون للأبحاث، أن نحو 12 محافظة إيرانية من أصل 31 ستكون عرضة لفقدان مصادر المياه العذبة بها خلال الـ50 عاماً المقبلة.
وتشير تقارير غربية إلى أن إساءة استخدام مصادر المياه في إيران على مدار عقود أدت إلى أزمة شح المياه العذبة، وقد ساعدت على تعميقها عوامل أخرى مثل الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، حيث كانت ضمن العوامل التي دفعت إلى خروج احتجاجات حاشدة مطلع يناير/كانون الثاني الماضي ضد نظام الملالي، بحسب ما يقول الباحث أمير توماج في مقال نشرته مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات.
ويضيف توماج أن "سياسات الحكومات الإيرانية المتعاقبة أدت بشكل منهجي إلى الإسراف في استخدام المياه" إضافة إلى عوامل أخرى مثل "الفساد وانعدام الرؤية الصائبة وبناء مليشيات الحرس الثوري السدود دون عوائق وعدم كفاية الهياكل الأولية لتوزيع المياه والمشروعات الزراعية غير المجدية وتدني نوعية المياه".
ويبرهن توماج على صحة وجهة نظره بارتفاع نسبة الملوحة بسرعة كبيرة في نهر كارون الواقع بإقليم الأحواز ذي الأغلبية العربية جنوب البلاد، ويعد أحد أكبر أنهار إيران، وذلك بعدما شيدت عليه مليشيات الحرس الثوري سد كوتفند في أرض قريبة من أحواض ملحية، رغم التحذيرات من آثار المشكلة.