بعد الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي أصبح من الواضح خسارة الإصلاحيين، ولكن فوز المحافظين بصدق توقعاتهم للمعركة.
ما زالت السياسات الأمريكية الخارجية تتأثر بمفهوم الواقعية السياسية الذي يتبناه المعلم الأكبر في السياسة الأمريكية هنري كيسنجر، ونشهد بوضوح هذا النهج عندما يستلم الجمهوريون السلطة في أمريكا، وهذه الواقعية تؤمن بالتاريخ وأن الصراع بين الدول حتمي من خلال الحروب التي سطرت تاريخ البشرية، كل ذلك من أجل إثبات السيادة ونشر القيم وفرض السلام بجانب إيمان ضعيف بالدور الذي يمكن أن تؤديه هيئة الأمم المتحدة في هذا الجانب.
تأثيرات فسخ الاتفاق مع إيران من جانب أمريكا سوف تظهر آثاره تدريجيا خلال الأشهر المقبلة، وقد ينقّض الحرس الثوري على السلطة بدعم من الداخل الإيراني، وفي حالة لم يحدث ذلك فسوف تكون المواجهة الداخلية والحرب الأهلية في إيران بديلا جاهزا.
تجربة جديدة للواقعية الأمريكية في عهد الجمهوريين في مواجهة الحرس الثوري الإيراني الذي سوف يسعى إلى التضحية بكل شيء في سبيل عدم خسارته لمكتسباته القومية والأيديولوجية في إيران والمنطقة خلال الأربعة عقود الماضية. الحرس الثوري لن يتوقف عن ممارسة الضغوطات سواء في الداخل الإيراني أو خارجيا.
على المستوى الداخلي، لن تتخلى المؤسسة العسكرية المتمثلة في الحرس الثوري عن مكتسباتها حتى لو اضطرت للتضحية بالمرشد الحالي، وهذا ما سوف يفعله الحرس الثوري في حالة تضاعف الضغط الشعبي، التاريخ الإيراني معتاد على تلك المنهجيات من التغيير الدرامي وفترة الانقلاب على الشاه تعزز هذه الفرضية.
بعد الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي أصبح من الواضح خسارة الإصلاحيين، ولكن فوز المحافظين بصدق توقعاتهم للمعركة من خلال دعمهم المستمر لعدم الثقة في أمريكا لا يمكن أن يشكّل استراتيجية موثوقة من جانب الحرس الثوري الذي يمكن أن يغير المعادلة بسرعة من أجل المحافظة على مكتسباته. الضغط الشعبي سوف يشكّل فرصة ثمينة للحرس الثوري لتغيير معظم رموز المؤسسة الدينية، بما فيها المرشد الأعلى ومجلس تشخيص النظام وغيره من القوى الدينية الفاعلة.
تأثيرات فسخ الاتفاق مع إيران من جانب أمريكا سوف تظهر آثاره تدريجيا خلال الأشهر المقبلة، وقد ينقض الحرس الثوري على السلطة بدعم من الداخل الإيراني، وفي حالة لم يحدث ذلك فسوف تكون المواجهة الداخلية والحرب الأهلية في إيران بديلا جاهزا، لأن القوى المدنية والشعب لن يستحيل عليهما القيام بثورات تستهدف الإطاحة بالنظام وحرسه.
على المستوى الخارجي، هناك تحدٍ كبير يواجه إيران؛ فالمنطقة التي توجد فيها إيران في مقابل إسرائيل في سوريا ولبنان تتجهز لشكل من المواجهة التي يصعب تقدير صورتها النهائية. إيران سوف تلجأ إلى الضغط على إسرائيل وأمريكا من خلال صناعة القلق على الحدود السورية الإسرائيلية، ولكن السؤال يقول إلى أي مدى يمكن تحقيق النجاح هناك؟
الحلول أمام الحرس الثوري لن تتجاوز خيارات ثلاثة؛ أولها التضحية بالداخل الإيراني والاستمرار في المواجهة الإقليمية وتعزيز القمع الداخلي، وهذا السلوك وعبر التاريخ، يؤدي إلى الانهيار سياسيا، الخيار الثاني انسحاب النظام الإيراني من المشروعات الإقليمية والعودة للانكفاء الداخلي وتعلم الدرس وتغيير الاتجاهات الاستراتيجية، وهذا مستبعد كونه خيارا لو تم تطبيقه فسوف يهد نظام الملالي والحرس الثوري، وقد يأتي بنظام مدني في الداخل الإيراني.
الخيار الثالث قد يدفع بإيران إلى محاولة إجراء التعديلات الطفيفة على السياسات الداخلية والخارجية الإيرانية على اعتبار أن ذلك سوف يوفر مساحة لاستعادة الأنفاس، ولكن هذا الخيار هو الأكثر خطورة بالنسبة للنظام الإيراني؛ لأنه أسرع الطرق للانهيار.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة