رياض محرز.. ثعلب هرب من قسوة الحياة إلى أحضان التاريخ
"العين الرياضية" تستعرض في تقرير خاص عن النجم الجزائري رياض محرز أبرز المحطات في حياته ومسيرته الكروية والصعوبات التي تغلب عليها.
في حي فقير بضاحية سارسيل بالعاصمة الفرنسية باريس عام 1991، رُزق المهاجر الجزائري أحمد كريم محرز، وزوجته المغربية حليمة، بولدهما رياض، الذي بات لاحقا واحدا من أبرز النجوم في سماء الكرة العالمية.
رياض محرز، صاحب الـ29 عاما، نجم مانشستر سيتي الإنجليزي ومنتخب الجزائر، خاض رحلة كفاح مريرة، من أندية الهواة في فرنسا، وصولا إلى قمة المجد في إنجلترا.
ونجح "ثعلب الفنك" في التغلب على الظروف القاسية ببداية حياته، ونجح بإصراره في حفر اسمه بقائمة نجوم كرة القدم.
نشأة صعبة
عاش رياض محرز طفولته في أحد الأحياء التي انتشر فيها الفقر والإجرام بالعاصمة الفرنسية، وكان والده شغوفا بكرة القدم، حيث لعب لعدد من أندية الهواة في الجزائر، وخاصة في قريته بولاية تلمسان قرب الحدود الجزائرية المغربية، قبل انتقاله إلى فرنسا بحثا عن الرزق وسعيا للعلاج من أمراض القلب.
ورث رياض حب كرة القدم عن والده، الذي شجعه على ممارسة شغفه، والتحق من صغره بنادي سارسيل، أحد أندية الهواة في فرنسا.
وكأن الأيام لم تكن قاسية بما يكفي على الأسرة المهاجرة، انفصل والد محرز عن والدته وهو بعمر 8 سنوات، لكن ظل رياض على اتصال بوالده، الذي كان شديد التعلق به.
وتلقى رياض محرز لاعب السيتي صدمة قوية عند بلوغه الـ15 من عمره بوفاة والده بسبب علل القلب التي كان يعاني منها، وحينها أدرك اللاعب أن عليه أن يخوض وحده مشوارا صعبا وطويلا من أجل النجاح.
مشوار طويل
بعد عدة سنوات مع نادي سارسيل، انضم رياض محرز إلى نادي كيمبر بدوري الدرجة الرابعة الفرنسي في عام 2009، وقضى معه موسما واحدا قبل انتقاله إلى لوهافر، أحد أندية الدرجة الثانية.
لعب محرز 3 مواسم مع الفريق الرديف في لوهافر، وتم تصعيده إلى الفريق الأول في 2013، وجذب بموهبته أنظار عدد من الأندية الفرنسية الكبيرة.
عدة أندية درست خيار التعاقد مع الموهبة الجزائرية الصاعدة، منها موناكو، فيما رفضت أندية أخرى ضمه بحجة أن "جسده هزيل"، وكان من بين تلك الأندية باريس سان جيرمان.
وفي يناير/كانون الثاني 2014، انتقل محرز إلى ليستر سيتي القابع حينها في "التشامبيونشيب" مقابل 500 ألف يورو، وساهم النجم الجزائري في صعود "الثعالب" إلى الدوري الإنجليزي الممتاز في موسم 2014-2015، بعد غياب استمر 10 سنوات عن الأضواء.
صانع المعجزة
في موسم 2014-2015 نجا ليستر سيتي من الهبوط بأعجوبة، قبل أن يحقق محرز ورفاقه معجزة غير متوقعة في الموسم التالي، بالفوز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز، لأول مرة في تاريخ النادي.
رياض محرز، وجيمي فاردي نجما ليستر، كانا حجر الأساس في تتويج "الثعالب" بلقب البريمييرليج، وتألق النجم الجزائري بشكل واضح في الموسم المذكور، حيث سجل 17 هدفا وصنع 11 في 37 لقاء بالدوري، أي أنه ساهم في 38 من 68 هدفا سجلها فريق المدرب كلاوديو رانييري في ذلك الحين.
إنجاز محرز مع ليستر قاده للتتويج بجائزة لاعب العام في إنجلترا عام 2016، كما نال في العام ذاته جائزة أفضل لاعب أفريقي المقدمة من الاتحاد الأفريقي لكرة القدم "كاف"، فضلا عن تتويجه بجائزة أفضل لاعب جزائري عامي 2015 و2016.
استمر محرز موسمين إضافيين مع ليستر سيتي، ليرحل إلى مانشستر سيتي في صيف 2018 مقابل 67.8 مليون يورو، بعدما شارك في 179 مباراة بقميص "الثعالب" في مختلف المسابقات، سجل خلالها 48 هدفا وصنع 38.
وواصل محرز كتابة التاريخ بعد انضمامه إلى السيتي، حيث لعب مع الفريق السماوي 98 مباراة سجل خلالها 26 هدفا وصنع 29، وحقق 5 ألقاب، منها الرباعية المحلية التاريخية (الدوري وكأس الاتحاد وكأس الرابطة والدرع الخيرية)، التي فاز بها فريق المدرب بيب جوارديولا العام الماضي.
حامل راية الأجداد
فضّل رياض محرز تحقيق حلم والده، واختار تمثيل منتخب الجزائر الذي انضم إليه في 2014 بعدما استدعاه المدرب الأسبق وحيد خاليلوزيتش.
كان رياض أحد أهم العناصر التي قادت منتخب الجزائر للفوز بلقب كأس أمم أفريقيا "مصر 2019"، للمرة الثانية في تاريخ "محاربي الصحراء"، وهو اللقب الذي طال انتظاره 29 عاما.
محرز، الذي كان قادرا على تمثيل منتخبات فرنسا والمغرب، عبر في أكثر من مناسبة عن فخره باللعب للجزائر، وقال في تصريحات سابقة: "هدفي مع المنتخب الجزائري أمام نيجيريا في نصف نهائي كأس أمم أفريقيا 2019 أفضل من التتويج بلقب كأس العالم 1000 مرة مع فرنسا".
كذلك تحدث عن اللعب لمنتخب المغرب، حيث قال: "لم يسبق أن فكرت باللعب للمنتخب المغربي، دائما ما كانت رغبتي اللعب للجزائر ولا شيء آخر، نعم والدتي مغربية لكن رغبة والدي كانت أن أنضم إلى المنتخب الجزائري".
يذكر أن محرز، القائد الحالي لمنتخب الجزائر، لعب 59 مباراة رسمية وودية بقميص "الخضر"، وسجل خلالها 16 هدفا.
aXA6IDEzLjU5LjczLjI0OCA=
جزيرة ام اند امز