الطريق إلى 2100.. هل يتخطى سكان العالم 10 مليارات نسمة؟
وفقا لبيانات من مراجعة الأمم المتحدة لعام 2022 للتوقعات السكانية العالمية، يمكن أن نشهد ذروة تتجاوز 10.4 مليار شخص في وقت ما في أواخر ثمانينيات القرن الحادي والعشرين.
في حين أن توقعات الأمم المتحدة هي الأكثر استخداما على نطاق واسع، فإن هذا لا يعني بالضرورة أنها الأكثر دقة. فقد تنبأت العديد من النماذج البديلة بذروة مبكرة وأدنى، مما يشير إلى أن عدد سكان العالم قد ينخفض في وقت أقرب من المتوقع.
وفي المراجعات الأخيرة للأمم المتحدة، خفضت تقديراتها الخاصة لعدد سكان العالم في عام 2100، من 10.9 مليار نسمة (اعتبارا من عام 2019) إلى 10.4 مليار نسمة (اعتبارا من عام 2022).
وبالنظر لتصور التوقعات السكانية حتى عام 2100 من 3 منظمات، هي، الأمم المتحدة، ومعهد القياسات والتقييم الصحي (IHME)، والمعهد الدولي لتحليل النظم التطبيقية (IIASA) سنجد هناك اختلافات بارزة.
وفقا للبيانات التي رصدها موقع "visualcapitalist" سنجد أن توقعات الأمم المتحدة اعتبارا من عام 2022، وIHME اعتبارا من عام 2020، وIIASA اعتبارا من عام 2014.
من هذه البيانات يمكن أن نرى أن الأمم المتحدة تتوقع أن يصل العالم إلى ذروة عدد السكان في عام 2086، بالإضافة إلى الحفاظ على أكثر من 10 مليارات شخص في عام 2100.
من ناحية أخرى، لا يتوقع أي من نموذجي IHME أو IIASA أن يصل عدد سكان العالم إلى 10 مليارات نسمة، بل يتوقعان بدلا من ذلك ذروة قدرها 9.7 مليار نسمة في ستينيات القرن الحادي والعشرين بحسب (IHME) أو 9.4 مليار نسمة في عام 2070 بحسب (IIASA). ويتنبأ كلا النموذجين أيضا بتراجع عدد السكان إلى نطاق 8 مليارات بحلول عام 2100.
الفارق عند عام 2100 كبير، حيث إن توقعات معهد القياس والتقييم الصحي أقل من توقعات الأمم المتحدة بنحو 1.6 مليار شخص، على سبيل المثال.
ما هو IHME وIIASA، ولماذا يختلفان؟
معهد القياسات الصحية والتقييم (IHME) هو معهد أبحاث مقره سياتل تأسس في عام 2007 من قبل مؤسسة بيل وميليندا غيتس. وتتلخص مهمته في "تقديم الأدلة ذات الصلة والصحيحة علمياً إلى العالم في الوقت المناسب لتحسين السياسات والممارسات الصحية".
المعهد الدولي لتحليل النظم التطبيقية (IIASA)، هو معهد أبحاث دولي مقره في النمسا، ويعود تاريخه إلى عام 1972. وقد تم تأسيسه لتحسين التعاون العلمي بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة، ويضم اليوم أعضاء في أكثر من 20 دولة.
لفهم سبب اختلاف نموذجي IHME وIIASA عن نماذج الأمم المتحدة، يجب إلقاء نظرة على توقعات كل منظمة لمعدل الخصوبة، والذي يتم قياسه بعدد الأطفال لكل امرأة.
يتوقع معهد القياس والتقييم والمعهد الدولي لتحليل السياسات أن تنخفض معدلات الخصوبة العالمية بمعدل أسرع قبل عام 2050، ثم تستقر مع اقترابنا من عام 2100. ويتناقض هذا مع توقعات الأمم المتحدة، التي تتوقع انخفاض الخصوبة بمعدل أبطأ وأكثر ثباتا طوال العام.
وبشكل عام، ينخفض معدل المواليد في أي بلد كلما أصبح أكثر تطورا. ويرجع ذلك إلى عوامل عديدة مثل ارتفاع معدلات التعليم بين النساء (وبالتالي زيادة عدد النساء في القوى العاملة)، وزيادة فرص الحصول على وسائل منع الحمل وتنظيم الأسرة، فضلا عن ارتفاع تكاليف الإنجاب.
ما مدى سرعة انخفاض معدلات الخصوبة في أفريقيا؟
تتمتع منطقة جنوب الصحراء الكبرى بواحد من أعلى معدلات الخصوبة في العالم، ولكن هذا المعدل يتراجع بسرعة حيث تشهد المنطقة نموا اقتصاديا سريعا.
على سبيل المثال، ارتفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في منطقة جنوب الصحراء الكبرى من 632 دولارا في عام 2000 إلى 1690 دولارا في عام 2022.
وبسبب هذا التحول الاقتصادي، يعتقد بعض الباحثين أن أفريقيا سوف تشهد تحولا ديموغرافيا سريعا مماثلا لما حدث في شرق آسيا، حيث ينخفض النمو السكاني بشكل حاد.
على سبيل المثال، وجدت دراسة استقصائية أجرتها اليونيسف في عام 2021 أن معدلات الخصوبة في نيجيريا انخفضت من 5.8 إلى 4.6 (بانخفاض بنسبة 17%) في غضون 5 سنوات فقط.
وبالعودة الآن إلى السؤال المطروح، كيف تختلف توقعات معدل الخصوبة للأمم المتحدة ومعهد القياس والتقييم في منطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا؟
قد تبدو هذه الاختلافات صغيرة، ولكن حتى بضعة أرقام عشرية يمكن أن يكون لها تأثير كبير. على سبيل المثال، عند إعادة النظر في توقعات الأمم المتحدة السكانية لعام 2100، والتي كانت 10.4 مليار نسمة.
وفي ظل سيناريو الخصوبة المنخفض الذي وضعته الأمم المتحدة (تظل معدلات المواليد أقل بنسبة 0.5)، فإن عدد السكان في عام 2100 سيكون أقل بكثير ليصل إلى 7 مليارات نسمة. وفي الوقت نفسه، في ظل سيناريو الخصوبة المرتفعة (تظل معدلات المواليد أعلى بمقدار 0.5)، سيرتفع عدد السكان إلى 14.7 مليار نسمة.
ونتيجة لذلك، فإن كيفية تغير معدلات المواليد في المناطق ذات الخصوبة العالية مثل منطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا سيكون لها تأثير كبير على الوقت الذي سيصل فيه عدد سكان العالم إلى ذروته.