اقتصاد فلسطين رهن حرب غزة.. 3 سيناريوهات «مؤلمة» تتوقعها الأمم المتحدة
أكد تقرير جديد لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أن حرب غزة ستكون تداعياتها كارثية على الاقتصاد الفلسطيني.
وأفضت حرب غزة إلى خسائر فادحة في الأرواح وأضرار جسيمة في البنى التحتية، ستؤّدي إلى تداعيات اجتماعية واقتصادية قصيرة وطويلة الأجل ستعاني منها الأراضي الفلسطينية.
وسعت الأمم المتحدة إلى تقدير حجم الضرر المالي جراء الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، قائلة إن الصراع سيشل النمو الاقتصادي، ويزيد من نقص التغذية ويؤدي إلى تراجع متوسط العمر المتوقع في الأراضي الفلسطينية.
وتوقع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في تقرير جديد أن يتسبب الصراع، الذي اندلع في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عندما شنت حركة "حماس" هجوما على مستوطنات إسرائيلية، في خفض الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني بنسبة كبيرة تصل إلى 12% هذا العام، إذا ما استمر الصراع لشهرين آخرين.
- مسؤول بالفاو يحذر: حرب غزة تهدد الأمن الغذائي في الدول العربية
- أكثر من 60%.. غزة تعاني من فقدان الوظائف بسبب الحرب
وشنت إسرائيل حملة جوية وبرية عقابية على قطاع غزة، في أعقاب هجمات حماس. ودمرت هذه الهجمات شمال غزة، وتقول السلطات الصحية الفلسطينية إن أكثر من 10 آلاف شخص قتلوا، بينما فر مئات الآلاف من منازلهم.
وبحسب التقرير تشير الحسابات التقريبية إلى خسائر محتملة في الناتج المحلي الإجمالي يمكن أن تصل إلى 15 في المائة إذا استمرت الحرب لثلاثة أشهر، وذلك مقارنة بالمستوى المتوّقع لعام 2023 قبل الحرب. وفي حالة السيناريوهات الثلاثة التي تم توقعها، فإن الاقتصاد الفلسطيني سيتعرض لتباطؤً أكبر.
وبحسب السيناريو الأول، بعد بلوغ الحرب شهرها الأول، فمن المتوقع أن يكون الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني قد انخفض بمقدار 4.2 في المائة، مقارنة بتقديرات ما قبل الحرب لعامُّ 2023، ما يعني تكبد خسائر قدرها 857 مليون دولار.
أما السيناريو الثاني، مع استمرار الحرب لشهرين، فسترتفع الخسائر الاقتصادية المقدرة إلى 8.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، أو 1.7 مليار دولار. والسيناريو الثالث إذا استمّّرت الحرب لشهر ثالث، فسترتفع الخسائر إلى 12.2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، أي إلى 2.5 مليار دولار.
ونقلت وكالة بلومبرغ للأنباء عن تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن "مستوى الدمار هذا سيعيد غزة إلى الوراء سنوات عديدة.. وإذا تم اعتبار جهود إعادة الإعمار السابقة مرجعا، ستكون إعادة الإعمار بطيئة، مع عواقب شديدة على النشاط الاقتصادي والصحة والتعليم وفرص التنمية على المدى الطويل".
ووفقا للتقرير، بلغت خسائر الوظائف حوالي 400 ألف وظيفة بعد مرور أكثر من شهر على اندلاع الصراع، فضلا عن تدمير حوالي نصف مساكن غزة.
وأضاف التقرير أن حوالي 625 ألف طالب أصبحوا بدون تعليم، ويمكن أن تشهد غزة قفزة في عدد الفقراء بحوالي 50%.
وتتوقع الوكالة التابعة للأمم المتحدة ألا تخفض الحرب آفاق النمو على المدى القصير فحسب، بل ستكون لها تداعيات بعيدة المدى على المنطقة.
ومن المتوقع أن يخفض الصراع متوسط العمر المتوقع ويؤدي إلى ارتفاع في نقص التغذية، ما يعيد التنمية الإنسانية في المنطقة إلى الوراء 16 عاما.
حذّرت الأمم المتحدة الخميس من أنّ "الصدمة" التي أحدثتها حرب غزة على المستويين الاجتماعي والاقتصادي ستودي بمئات الآلاف من الفلسطينيين إلى الفقر، محذرة من آثار طويلة المدى في غزة والضفة الغربية المحتلة كذلك.
وقدّر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ارتفاع معدل الفقر في الأراضي الفلسطينية (قطاع غزة والضفة) بعد شهر على اندلاع الحرب، من 26,7 إلى 31,9 بالمئة. ويعني ذلك زيادة 285 ألف شخص إلى عدد الفقراء الذي كان يقدّر بنحو 1,5 مليون قبل الحرب.
وقد تبلغ نسبة الفقر 35,8 بالمئة إذا استمرت الحرب شهراً إضافياً (500 ألف فقير إضافي)، وإلى 38,8 بالمئة إذا استمرت شهرين إضافيين (أي أكثر من 660 ألف فقير إضافي)، بحسب التقرير.
وكانت نسبة البطالة بلغت 24,7 بالمئة قبل الحرب، وقد ترتفع بين 5 و13 بالمئة في العام 2023، مع فقدان نحو 182 ألف وظيفة في قطاع غزة، و208 آلاف وظيفة في الضفة الغربية المحتلة على خلفية القيود المفروضة على حركة البضائع وعلى العمال الفلسطينيين الذين منعوا من دخول إسرائيل للعمل.
وقال مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أخيم شتاينر لوكالة فرانس برس إن الوضع ينذر "بأزمة في التنمية خلال السنوات المقبلة".
وأكد التقرير أنّ صوراً التُقطت عبر الأقمار الاصطناعية في مدينة غزة وفي شمال القطاع، تُظهر تضرر أكثر من 36 بالمئة من البيوت البلاستيكية الزراعية وتضرر أكثر من ألف حقل جراء أعمال الحفر.
وقال شتاينر "وفقًا للسيناريو الأكثر حذرًا الذي وضعناه، يهدد هذا الصراع بإعادة التنمية عشر سنوات إلى الوراء على الأقل" في الأراضي الفلسطينية.
وبحسب سيناريو أكثر تشاؤماً، فإن مؤشر التنمية البشرية (الذي يأخذ في الاعتبار متوسط العمر، والتعليم، ومستوى المعيشة) قد ينخفض ليعود إلى ما كان عليه في 2007، وهو العام الذي شهد فرض إسرائيل حصار على القطاع بعد سيطرة حركة حماس عليه بالكامل.
وعليه شدّد شتاينر على أهمية التفكير في التنمية وليس فقط في المساعدات الإنسانية، داعياً إلى استخلاص "الدروس" من الماضي، ولا سيما في ظل بطء عمليات إعادة الإعمار سابقاً واعتماد غزة على المساعدة.
ولفت التقرير إلى أنّ 1700 منزل دُمّروا خلال الحرب بين حماس وإسرائيل في مايو/أيار 2021 واستغرقت إعادة بناء 200 منها فقط، عاماً كاملا.
وقال شتاينر "علينا التفكير بكيفية تسريع عملية إزالة الأنقاض وإيصال المواد". ودعا أيضاً إلى تركيب ألواح شمسية ووحدات لتحلية المياه، مضيفا أن ذلك "ليتمكن السكان المحتجزون في قطاع غزة من البقاء على قيد الحياة، ولكن أيضاً لضمان وجود اقتصاد فعال خلال سنوات قد تشهد توترات".
وفي سياق متصل، قالت منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة، يوم الإثنين، إن غزة فقدت أكثر من 60% من الوظائف منذ اندلاع الصراع بين إسرائيل وحركة حماس؛ مما فاقم سوء الوضع الاقتصادي المتردي في القطاع الذي تحاصره إسرائيل.
وأضافت المنظمة في أول تقييم لتأثير التوغل البري والقصف الجوي الإسرائيلي لغزة بعد الهجوم الذي نفذته حركة حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، إن الخسائر تصل إجمالا إلى 182 ألف وظيفة في القطاع الفلسطيني الصغير.
aXA6IDMuMTM1LjIwNS4yNiA= جزيرة ام اند امز