عام على حكومة روبلي.. ماذا تغير في الصومال؟
مرّ عام سريع على تعيين محمد حسين روبلي رئيسا لوزراء الصومال، نجح خلاله في إرساء اتفاق سياسي جنّب البلاد الدخول في أتون حرب أهلية.
لكن الظروف التي تولى فيها روبلي دفة تسيير الحكومة لم تتغير كثيرا، حيث لا يزال الرئيس المنتهية ولايته محمد عبدالله فرماجو، يشد حبل الصلاحيات مع رئيس الحكومة، في اختراق لاتفاق الصوماليّين.
في الـ17 من سبتمبر/أيلول العام الماضي توصل فرماجو مع رؤساء الولايات إلى اتفاق بشأن الانتخابات يقضي بإجراء الاقتراع غير المباشر في الانتخابات العامة، وحينها عُين روبلي خلفا لحسن علي خيري؛ الذي سحب البرلمان منه الثقة في 25 يوليو/تموز 2020.
فقد مر رئيس الوزراء الصومالي محمد حسين روبلي خلال الفترة التي قضاها على هرم السلطة التنفيذية في البلاد بثلاث مراحل؛ وفق قراءة المشهد السياسي.
وبعد مرور عام على قيادة روبلي الحكومة الصومالية تحاول "العين الإخبارية" في هذا التقرير رصد مسيرة روبلي على مدى 12 شهرا، عبر استعراض المراحل التي مر بها وإنجازاته خلال تلك الفترة، والتحديات التي واجهها؛ التي كان آخرها دخول حلبة صراع الصلاحيات مع فرماجو، حيث لا يزال النزال مستمرا.
مرحلة الجمود - سبتمبر 2020-فبراير 2021
يصف مراقبون هذه الفترة بأنها كانت مرحلة جمود رئيس الوزراء؛ إذ كان حينها فرماجو يعيش آخر أيام شرعيته الدستورية، وكان يهيمن على السلطة التنفيذية، وانشغل روبلي بإعادة ترتيب مكتبه وتعيين مستشارين وموظفين قادرين على العمل معه لما بعد انتهاء ولاية الرئيس الصومالي، والتعامل مع انعكاساتها.
صعود.. 9 فبراير-30 أبريل
في تلك المرحلة بدأ رئيس الوزراء الصومالي ينشط ويلعب دور الوسيط بين فرماجو والمعارضة والولايات، وكان الخلاف السياسي حول الانتخابات، وتوجه فرماجو نحو التمديد من بين التحديات التي قادت روبلي إلى لعب دوره كرئيس للوزراء في تلك الفترة.
انتهت ولاية فرماجو وأعلنت المعارضة في بيان رسمي عدم اعترافها به كرئيس شرعي للبلاد، ودعت رئيس الوزراء لقيادة المرحلة الانتقالية، بصفته يرأس حكومة تصريف أعمال، وعليه تولي مسؤوليات فرماجو، والإشراف على الانتخابات، وأمن البلاد، وهي مطالب لم يقبل الرئيس المنتهية ولايته تنفيذها.
هاجمت عناصر من قوات الأمن موالية لفرماجو مقار المرشحين الرئاسيين في مقديشو في الـ19 من فبراير/ شباط، وأغلقت شوراع العاصمة وأطلق الرصاص على متظاهرين سلميين، ثم فتح روبلي حوارا سياسيا مع المعارضة وطالبهم بالوثوق بقيادته.
لكن فرماجو أجج المشهد بإعلانه التمديد لمدة عامين عبر البرلمان في 14 من أبريل/ نيسان 2021، وبعد أسبوع واحد انقسم الجيش تجاه هذه الخطوة ودخلت قوات عسكرية رافضة للتمديد مقديشو، التي شهدت اشتباكات مسلحة.
ثم تراجع فرماجو عن التمديد تحت وطأة الهزيمة العسكرية، وخضع لمطالب المعارضة بتسليم إشراف الانتخابات وأمنها لروبلي.
بعد التوتر الأمني أحبطت محاولة فرماجو ترسيخ التمديد لنفسه، بعد رفض كل من رئيس الوزراء ورؤساء الولايات والمرشحين، وفي كل تلك الأحداث لعب روبلي دور وسيط بين فرماجو والمعارضة وأنقذ البلاد من حرب أهلية شاملة، كادت تدمر مقديشو.
القيادة الفعلية 1 مايو- حتى الآن
لعب رئيس الوزراء دورا قياديا بعد تخلص المعارضة من فرماجو، وحظي بدعم كافة الأطراف، وتمكن من إنهاء انقسام الجيش بشأن التمديد، عبر اتفاق شامل مع المعارضة والضباط الذين قادوا إفشال التمديد، وتوج بالتوصل لطي جميع الملفات الخلافية حول الانتخابات، في 27 من مايو/أيار 2021.
وبعد حل الملفات الداخلية توجه رئيس الوزراء لإصلاح العلاقات الدبلوماسية مع كينيا ومصر وقام بزيارات رسمية إلى هذين البلدين.
كما التقى سفير دولة الإمارات في مقديشو مرتين على الأقل، لكن فرماجو الذي أزّم العلاقات مع هذه الدول لم يقبل بذلك، فبدأ بعرقلة جهود رئيس الوزراء والتدخل في عمل الحكومة، كما أفشل زيارات كانت مخططة لرئيس الوزراء، إلى دول من بينها السعودية.
وفي مرحلة القيادة اختفت موظفة بوكالة المخابرات الصومالية تدعى إكرام تهليل فارح في 26 من يونيو/ حزيران، وأعلنت المخابرات مقتلها على أيدي حركة الشباب بعد تسليمها دون تفاصيل، ونفت الحركة لاحقا.
أزمة الموظفة إكرام كانت فارقة في علاقة فرماجو وروبلي، حيث أدت إلى عزل رئيس الوزراء رئيس المخابرات فهد ياسين؛ رجل فرماجو المقرب، وفجر ذلك أزمة سياسية وصلاحيات بين الرجلين، أعلن الرئيس المنتهية ولايته في أحدث محطاتها سحب صلاحيات رئيس الوزراء؛ في خطوة وصفها خبراء القانون ومكتب رئيس الوزراء بأنها "غير دستورية".
تحديات وإنجازات
واجه روبلي تحديات كبيرة من بينها سيطرة فرماجو على المشهد قبل انقضاء ولايته، ما عرضه لانتقادات شديدة من قبل المعارضة، واجه الخلاف السياسي بين الصوماليين بشأن الانتخابات، ثم تأجيل الانتخابات العامة عن موعدها.
كما شكل انتهاء ولاية فرماجو تحديا لرئيس الوزراء، وإعلان المعارضة عدم اعترافها به كرئيس شرعي للبلاد، ومهاجمة فرماجو مقار المرشحين ومظاهراتهم السلمية بالسلاح.
وكان التمديد وانقسام الجيش والمواجهات المسلحة بين فصائل موالية لفرماجو وأخرى معارضة أشد وطأة على روبلي، من صراع الصلاحيات، الذي ختم به عامه الأول، في الحكومة.
من بين إنجازات روبلي خلال العام إنقاذ البلاد من حرب أهلية كاد يسببها التمديد، وصياغة اتفاق سياسي مقنع لكل الأطراف حول الانتخابات، وإجراء انتخابات مجلس الشيوخ (54 عضوا).
أزمة فرماجو وروبلي.. إلى أين؟
تبقى الأزمة بين فرماجو وروبلي التي فجرتها قضية إكرام وأدت إلى طرد فهد ياسين من المخابرات مفتوحة على كل الاحتمالات؛ فإما تحقيق تسوية عبر الحوار، أو تطور القضية إلى صراع مسلح.
وتتركز الأزمة حول تمسك روبلي بتحقيق العدالة في قضية إكرام ورفض فرماجو ذلك لتحصين رجاله من الإدانة مستقبلا، إضافة إلى تعيين قيادة جديدة للمخابرات موالية له، وعدم تأثر الأزمة الحالية على الانتخابات التشريعية.
وتستمر جهود دولية ومحلية لحل أزمة الصلاحيات التي أصبح تعيين قيادات الأمن عنوانا لها، في ظل تمسك كلا الطرفين بموقفه؛ إذ يرفض روبلي تدخل فرماجو في عمل الحكومة، ويصر الأخير على عدم تقبل قرارات الطرف الآخر.