صفقة «بلا تنازلات».. هكذا يرى بوتين نهاية الحرب في أوكرانيا
كما تدور نقاشات بين صناع السياسات الغربيين والخبراء حول كيفية إنهاء الحرب في أوكرانيا، يدور نفس النوع من المحادثات في روسيا.
وفي مقال بمجلة فورين بوليسي الأمريكية، قال أناتول ليفين، مدير برنامج أوراسيا في معهد كوينسي للحكم الرشيد، إنه أجرى محادثات سرية مع مجموعة واسعة من قادة المؤسسة الروسية، بينهم دبلوماسيون سابقون، وأعضاء مراكز بحوث، وأكاديميون، ورجال أعمال، حول أفكارهم بشأن الحرب، وشكل نهايتها، تستحق أن يتم فهمها بشكل أفضل في الغرب وفي أوكرانيا نفسها.
وبحسب التقرير ترى أقلية صغيرة ضرورة مواصلة روسيا القتال من أجل تحقيق النصر الكامل في أوكرانيا، بما في ذلك ضم مناطق جديدة كبيرة من الأراضي الأوكرانية أو إنشاء نظام عميل في كييف، فيما ترى الأغلبية ضرورة وقف إطلاق النار المبكر على طول خطوط المعركة القائمة تقريبا. ولديها ثقة عالية في أن الجيش الأوكراني لن يتمكن أبدا من اختراق واستعادة كميات كبيرة من الأراضي الأوكرانية المفقودة.
ووفقا للتقرير، لم يغير التوغل الأوكراني في كورسك الحسابات والآراء الروسية الأساسية ــ وخاصة لأن الجيش الروسي واصل في الوقت نفسه تحقيق تقدم كبير في الشرق، في دونباس. وعلى حد تعبير أحد خبراء الأمن الروس: "قد يساعد الهجوم على كورسك أوكرانيا في نهاية المطاف على الحصول على شروط أفضل إلى حد ما، ولكنه لن يكون نصرا حقيقيا. وسوف يضطرون عاجلاً أم آجلاً إلى الانسحاب من كورسك، لكننا لن ننسحب أبداً من شبه جزيرة القرم ودونباس".
وقال ليفين إن كل الأشخاص الذين تحدث معهم أكدوا على أنه لا يمكن الانسحاب من الأراضي التي تسيطر عليها روسيا في المناطق الأوكرانية الأربع التي تدعي موسكو أنها ضمتها. واقترح غالبية الأشخاص إعادة أي أراضٍ في مقاطعات أخرى مثل خاركيف إلى أوكرانيا في مقابل نزع السلاح منها. وهو من شأنه أن يساعد في ضمان وقف إطلاق النار، كما سيسمح لبوتن بالزعم بأنه ضمن سلامة المقاطعات الروسية المجاورة، والتي تعرضت في الأشهر الأخيرة للقصف الأوكراني.
ويعتقد بعض الروس الأكثر تفاؤلاً أنه بإمكانية تبادل الأراضي في خاركيف بأراضٍ في المقاطعات الأربع، التي لا تحتل روسيا أياً منها بالكامل في الوقت الحالي.
كما يجمع كل القادة الروس على ضرورة الحياد الأوكراني. وتولى أقسام من المؤسسة الروسية اهتماماً جاداً لكيفية تأمين تسوية سلمية دون ضمانات وإمدادات عسكرية غربية رسمية لأوكرانيا.
ومن هنا جاءت الأفكار التي نوقشت على نطاق واسع حول معاهدة سلام صدّق عليها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ومجموعة البريكس، بشأن مناطق واسعة منزوعة السلاح تؤمنها قوة تابعة للأمم المتحدة.
إحدى النقاط المهمة التي تجد إجماعا في الإدارة الروسية، هو أنه لا توجد أي فرصة على الإطلاق لأي اعتراف دولي رسمي وقانوني بضم روسيا للأراضي الأوكرانية، ومن ثم لن تضغط روسيا من أجل ذلك. وتعلم روسيا جيدا بأن هذا الرفض لن يكون من أوكرانيا والغرب فحسب، بل وأيضًا من قبل الصين والهند وجنوب أفريقيا، التي لم تعترف أي منها بضم روسيا لشبه جزيرة القرم في عام 2014.
لذا تعتزم الحكومة الروسية تأجيل قضية وضع هذه الأراضي إلى مفاوضات مستقبلية لا نهاية لها (كما اقترحت الحكومة الأوكرانية فيما يتعلق بشبه جزيرة القرم في مارس/آذار 2022)، حتى ينسى الجميع الأمر في النهاية.
في ظاهر الأمر، يبدو هذا سخيفا. فأوكرانيا لن تتخلى طواعية عن مدينتي خيرسون وزابوريجيا. ولكن بوتين لم يقل إن روسيا ستسيطر على تلك الأراضي في هذه الحالة. وهذا يترك الباب مفتوحا أمام احتمال قبول بوتين لصفقة يتم بموجبها نزع السلاح من هذه المناطق ولكن تحت الإدارة الأوكرانية، وأن يكون وضعها ــ مثل الأجزاء التي تحتلها روسيا من مقاطعتي خيرسون وزابوريجيا ــ خاضعا للمفاوضات في المستقبل.
aXA6IDE4LjIyNy40OS43MyA=
جزيرة ام اند امز