رهان خطير.. كييف تزحف على أراضي روسيا بـ«ظهر مكشوف»
يشارف أغسطس/آب على الانتهاء بعدما نقل الحرب إلى نقطة أكثر سخونة، إذ تغيرت استراتيجية أوكرانيا من الصمود إلى التوغل في الأراضي الروسية.
لذلك، اعتبر تقرير نشرته شبكة "سي إن إن" الأمريكية أن الأسابيع القليلة الماضية في حرب أوكرانيا هي أسرع لحظات التغيير في الصراع منذ بدايته.
وأردف أن هذا التغيير "يُنذر بأن كييف ستلقي بكل ما لديها على الطاولة في محاولة لتحقيق نتائج ملموسة قبل أن تحدد الانتخابات الأمريكية مصيرها، ربما بشكل لا رجعة فيه".
ومنذ الهجوم المفاجئ على منطقة كورسك الروسية في أوائل أغسطس/آب الجاري ارتفعت قدرة أوكرانيا على تحمل المخاطر بشكل كبير.
إذ أعلن كبار القادة الأوكرانيين، يوم الثلاثاء الماضي، سيطرتهم على 100 تجمع سكني روسي، في حين وردت تقارير عن محاولة قوات أوكرانية اقتحام منطقة بيلغورود أيضاً.
والآن.. يتحول التوغل المفاجئ إلى مشروع أطول أمداً، رغم إصرار كييف على أنها تسعى لإقامة منطقة عازلة، وليس احتلالاً انتقامياً، وفق "سي إن إن".
"عجز روسي"
تقرير الشبكة الأمريكية سلط الضوء على ما أسماه "عجز الكرملين عن وقف تقدم أوكرانيا" في الأراضي الروسية، بعد مرور ثلاثة أسابيع من بدء الهجوم.
ويأتي ذلك "العجز" على الرغم من تحويل 30 ألف جندي روسي من الجبهات في أوكرانيا إلى كورسك، وفقاً لتقييم أوكراني قدمه الرئيس فولوديمير زيلينسكي خلال المؤتمر الصحفي السنوي يوم الثلاثاء.
التوغلات الأخيرة لم تأت وليدة الصدفة، إذ شهدت الأشهر الماضية استهداف أوكرانيا أعمق البنى التحتية في روسيا؛ بما في ذلك المطارات، ومصافي النفط، ومراكز الذخيرة، بشكل يومي.
ويوم الأربعاء الماضي، قال مسؤول روسي محلي إن هجوما بطائرة دون طيار أوكرانية اقترب من مورمانسك، المركز البحري الشمالي في الدائرة القطبية الشمالية، حيث يتمركز جزء كبير من قوة الغواصات النووية الروسية، بحسب "سي إن إن".
وفي اليوم ذاته، أفادت التقارير بتوقف الرحلات الجوية في قازان، وهي مدينة تقع شرقي موسكو في منتصف الطريق إلى جبال الأورال، بعد تهديد واضح آخر بطائرات دون طيار.
زيلينسكي أشار أيضا إلى أن قدرة جديدة أخرى كان لها تأثير على النشاط الأوكراني، طائرات مقاتلة من طراز إف-16 وصلت حديثًا، مضيفا أن المقاتلات اعترضت صواريخ روسية هذا الأسبوع.
وعليه رأى تقرير "سي إن إن" أن هذا التغيير التدريجي في قدرات كييف على نشر القوة الجوية "لن ينمو إلا في الأشهر المقبلة وسيعيق الميزة الفريدة لروسيا على المدى الطويل، وهي السيطرة على السماء والقدرة على القصف حسب الرغبة".
من جانبها، ردت موسكو على الهجمات على أراضيها وبنيتها التحتية بطريقتها المعتادة، ضربات على البنية التحتية للطاقة والفنادق والأهداف المدنية في أوكرانيا، وفق الشبكة الأمريكية.
لكن كييف أصرت على أن أعداد القتلى كانت صغيرة نسبيا وأن أعداد عمليات الاعتراض كبيرة.
"كارثة محتملة"
وعلى الرغم من ذلك فإن الهدف الأوسع لروسيا لا يزال دون تغيير وفي متناول اليد، إذ تتقدم عشرات الآلاف من القوات الروسية بشكل ناجح نحو المركز العسكري الأوكراني، مدينة بوكروفسك الاستراتيجية "شرق أوكرانيا".
ووفق "سي إن إن" فإن سقوط بوكروفسك قد يكون على بعد أسابيع، وفقا للتقييمات الحالية لوتيرة التقدم الروسي وسرعة انهيار أوكرانيا في المواقع الدفاعية، وقد تشهد المدينة في أفضل الأحوال قتالا بطيئا يستمر طول فصل الشتاء قبل أن تسقط.
"جبهة مفتوحة"
ووفق الشبكة الأمريكية بعد بوكروفسك لا يوجد خط دفاعي قوي في باقي منطقة دونيتسك، فحتى مدينة دنيبرو ذاتها على الجانب الآخر من منطقة زاباروغيا الشاسعة، على بعد ساعتين بالسيارة.
وعليه، ما لم تتسبب مناورة كورسك في استنزاف روسيا إلى الحد الذي قد يؤدي إلى توقف عمليات الأخيرة في دونيتسك، فسوف تحتاج كييف إلى تحصين المنطقة خلف بوكروفسك بشكل كبير، أو المخاطرة بتقدم روسي سريع عبر أرض مفتوحة قد يغير شكل أوكرانيا في المستقبل.
ويبدو أن زيلينسكي سعيد بقبول هذه المخاطرة، وخلص إلى أن الضرر الذي يمكن أن يلحقه بهيبة بوتين، من خلال تدمير البنية التحتية النفطية والأهداف العسكرية في عمق الأراضي الروسية وضم جزء من أراضيه، هو هدف حرب ضروري وعاجل.
ووفقاً للتقارير المنشورة استولت أوكرانيا الآن على نحو 400 ميل مربع من الأراضي الروسية، وأجبرت نحو 200 ألف روسي على إخلاء هذه المناطق.
وتعادل هذه الأرقام 0.0064% من إجمالي مساحة الأراضي الروسية و0.138% من سكانها.
في المقابل، تسيطر روسيا الآن على نحو 20% من أوكرانيا، ويتردد أن الحرب أجبرت ما يقرب من 35% من سكان البلاد على الفرار من ديارهم.
ووفق تحليل سابق لمجلة "فورين بولسي"، حتى لو تمكنت كييف من التمسك بالأراضي التي استولت عليها مؤخرا في روسيا، فلن توفر ورقة مساومة كبيرة، ومن ثم فإن مصير البلاد سوف يتحدد في المقام الأول بما يحدث في أراضيها، وليس عملية كورسك.