حرب أوكرانيا.. سيناريوهات متقلبة تحرك "خطوطا ثابتة"
ربما وصلت الحرب في أوكرانيا إلى طريق مسدود، لكن ذلك لا ينفي احتمالات التغيير، فعلى الأرجح سيكون 2023 عاما مفصليا مشحونا بالتقلبات.
الجنرال المتقاعد ديفيد بتريوس، القائد السابق للقيادة المركزية بالجيش الأمريكي والمدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، يتوقع أن تبدو الحرب مختلفة هذا العام مع شن الجانبين هجمات كبيرة على الأرجح.
وقال بتريوس، في مقابلة مع شبكة "سي إن إن" الأمريكية، إن الروس خسروا عدة معارك بسبب الإخفاقات المتعددة لثقافتهم العسكرية وعقيدتهم، وهياكلهم التنظيمية والتدريب والتجهيز.
ورغم انتقاد بتريوس انسحاب إدارة جو بايدن من أفغانستان، كان له رأي مختلف بشأن أوكرانيا، حيث رأى أن فريق الرئيس الأمريكي أدى عملا مثيرا للإعجاب في قيادة حلف شمال الأطلسي (الناتو) والغرب لمواجهة الحرب الروسية، رغم أنه كانت هناك أوقات أراد فيها بتريوس أن يرى اتخاذ قرارات لتقديم أنظمة أسلحة معينة (مثل دبابات غربية وذخائر دقيقة بعيدة المدى) في وقت أقرب.
خطوط ثابتة
لدى سؤاله عن الفائز بالحرب، قال الجنرال المتقاعد إنها ليست روسيا، موضحا أنها خسرت معارك كييف وسومي وتشيرنيهيف وخاركيف، كما فشلت في السيطرة على باقي الساحل الجنوبي لأوكرانيا (ولم تمر حتى عبر ميكولايف، ناهيك بالميناء الرئيسي في أوديسا).
واعتبر أن موسكو فقدت ما كسبته في مقاطعة خاركيف، واضطرت لسحب قواتها الوحيدة غرب نهر دنيبرو في خيرسون، لأن القوات الأوكرانية أعاقت روابط الجسر الحيوي إلى تلك القوات.
ومع ذلك، رأى أن خطوط المعركة منذ انسحاب القوات غرب دنيبرو الخريف الماضي، كانت ثابتة إلى حد ما، رغم تحقيق القوات الروسية مكاسب مكلفة في القرى حول باخموت في جنوب شرق أوكرانيا.
ووفق الجنرال المتقاعد، فإنه بفضل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تبين أن وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في عام 2019 للناتو بأنه يعاني من "موت دماغي" سابق لأوانه.
وحول أداء الجيش الروسي في أوكرانيا، رأى أنه لم يكن مفاجئا تماما، لافتا إلى أنه كان قد أوضح خلال مقابلة مع مجلة "أتلانتك" والتي نشرت قبل فترة قصيرة على بدء الحرب، الصعوبات التي توقع أن تواجهها روسيا.
ولفت إلى أن شن حرب بعدد قوات حوالي 190 ألفا أقل بكثير مما سيكون مطلوبا، لا سيما إن كان الأوكرانيون يتمتعون بالعزيمة.
أما عن أسباب الإخفاقات الروسية فقال إنها عدة، بما في ذلك التصميم السيئ للحملة، والتدريب غير الكافي على الإطلاق، وضعف القيادة والاتصالات، والمعدات الرديئة، والقدرات اللوجستية غير الكافية، وعدم القدرة على تحقيق تأثيرات الأسلحة المشتركة (توظيف جميع القدرات البرية والجوية معا بكفاءة)، والبنية التنظيمية غير الكافية.
وحول تأثير الروح المعنوية على الأداء في الحرب، قال إن الأوكرانيين يعتبرون الصراع المستمر هو حربهم من أجل الاستقلال، وكانت استجابتهم متماشية مع ذلك، لافتا إلى أن الرئيس فولوديمير زيلينسكي كان قويا بشكل إيجابي في حشد الأوكرانيين لخدمة بلدهم مع نضالها من أجل بقائها الوطني.
وبالتالي، يتابع، يعرف الأوكرانيون ما يقاتلون من أجله، في حين ليس من الواضح أن الأمر نفسه ينطبق على العديد من الجنود الروس، فضلًا عن الأداء الجيد الذي قدمته أوكرانيا حتى الآن مقارنة بروسيا فيما يتعلق بتجنيد وتدريب وتجهيز واستخدام مزيد من القوات، مدعومين بالمساعدات الهائلة التي قدمتها الولايات المتحدة والناتو والدول الغربية الأخرى.
شبح النووي
ورأى بتريوس أنه من الممكن أن يأمر بوتين باستخدام الأسلحة النووية التكتيكية في أوكرانيا، لكنه سيكون قرارا سيئا للغاية من جانبه، حيث إن استخدام مثل هذه الأسلحة سيؤدي إلى وضع روسيا في وضع أسوأ مما كانت عليه قبل استخدامها، بدلاً من وضع أفضل.
وأكد أنه من المهم أن ينقل قادة الولايات المتحدة والدول الغربية -وكذلك الصين والهند- بوضوح وبشكل متكرر لبوتين أن تداعيات استخدام الأسلحة النووية لروسيا ستكون "كارثية"، كما وصفها مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان.
وقال بتريوس إن بوتين عين مؤخرًا الجنرال فاليري غيراسيموف، رئيسا للأركان العامة وقائد الحرب في أوكرانيا على الأرجح للتأكد من أن الجيش ووزارة الدفاع الروسية يبذلان كل ما في وسعهما لضخ قوات إضافية إلى ساحة المعركة في أوكرانيا.
كما كانت روسيا تسعى للحصول على مزيد من العتاد والذخيرة وأنظمة الأسلحة من دول أخرى -مثل إيران وكوريا الشمالية- لتعويض النقص في إنتاج الصناعات العسكرية الروسية التي تقيدها ضوابط التصدير.
وبخلاف ذلك، بحسب قوله، يبدو أن روسيا تحشد قوات إضافية لشن هجوم للسيطرة على أجزاء من دونيتسك ولوهانسك في جنوب شرقي البلاد، في حين تقيم مواقع دفاعية أخرى بالعمق بمناطق أخرى تسيطر عليها في الجنوب.
سمات جديدة
وقال بتريوس إن الحرب هذا العام ستضم سمات جديدة، وأبرزها القدرات الإضافية لدى الجانب الأوكراني، من الدبابات الغربية، ومركبات المشاة القتالية، والذخيرة ذات المدى الأطول والأدق لمنظومات هيمارس، فضلًا عن منظومات الدفاع الجوي الإضافية من عدة أنواع والكميات الهائلة من الذخيرة الإضافية من جميع الأنواع.
وبالإضافة إلى ذلك، يعتقد بتريوس أن القوات الأوكرانية ستتمتع بقدرة أكبر بكثير من الروس على تحقيق تأثيرات الأسلحة المشتركة"، التي تتيح عمليات هجومية أكثر فاعلية ويمكن أن تقوض بعض الدفاعات الروسية.
لكن، بحسب قوله، قد لا يتحقق كل ذلك حتى الربيع أو الصيف؛ نظرًا لمقدار الوقت المطلوب للقوات الأوكرانية لتلقي الدبابات الغربية الجديدة والأنظمة الأخرى والتدريب عليها.
وفي غضون ذلك، وبالإضافة إلى الهجوم الروسي، أعرب عن مخاوفه من وقوع هجمات روسية على البنية التحتية الأوكرانية بالصواريخ والقذائف الروسية، فضلًا عن المسيرات الإيرانية.
ويعتقد الجنرال الأمريكي أن الحرب الأوكرانية ستنتهي بقرار متفاوض عليه، عندما يدرك بوتين أن الحرب غير مستدامة على كل من ساحة المعركة والجبهة الداخلية (التي تأثرت بشدة بالعقوبات المالية والاقتصادية والعقوبات الشخصية وقيود التصدير).
وكذلك عندما تصل أوكرانيا إلى حدود قدرتها على مقاومة الضربات الصاروخية والطائرات المسيرة، والحصول على خطة شبيهة بخطة مارشال للمساعدة في إعادة الإعمار والحصول على ضمانة أمنية قوية.
aXA6IDMuMTIuMTIzLjQxIA== جزيرة ام اند امز