موالون لروسيا بالبرلمان الألماني.. اختراق أمني أم أزمة مفتعلة؟
تفجرت قضية تبدو كبيرة في ألمانيا، هذه الأيام، إذ طفا إلى السطح تقرير عن وجود موظفين موالين لروسيا في البرلمان الألماني "البوندستاغ".
ويتعلق الأمر على وجه الدقة، بموظفين سابقين لدى السياسية اليسارية الموالية لروسيا هايكه هانسل، يعملان في الوقت الحالي مع النائب عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم، كريستيان كلينك.
وتعود القضية بشكل أساسي إلى سبتمبر/أيلول الماضي، عندما نجح حزب اليسار الذي يتهم بأنه وريث الحزب الشيوعي في ألمانيا الشرقية، في دخول البرلمان الألماني بنسبة ضعيفة للغاية مقارنة بالانتخابات السابقة في 2017، ما أدى إلى فقد عدد من نوابه مقاعدهم وبالتالي خسارة موظفيهم لوظائفهم السابقة.
لكن بعض الموظفين الذين يملكون خبرة من العمل داخل البرلمان، وجدوا وظائف جديدة لدى نواب من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، مثل السياسية اليسارية هيلين إيفريم سومر، التي تعمل الآن مع نائب عن الحزب الحاكم في البرلمان، وهي حالة غير إشكالية.
أما الحالة شديدة الإشكالية هي عمل بيرجيت بوك لونا وكارلوس هينسفورث، اللذان سبق لهما العمل أيضًا مع النائبة اليسارية هايكه هانسل، في مكتب النائب الحالي كريستيان كلينك.
وخلال الأعوام الماضية، صنعت هانسيل لنفسها اسمًا على أنها موالية لموسكو، وكذلك عبر سلسلة من التصرفات التي لم تلق قبولا، مثل السفر إلى فنزويلا ولقاء نيكولاس مادورو، وفق مجلة دير شبيجل الألمانية.
وما يعكس مدى قرب الموظفين لونا وكارولس من روسيا، هو أن زميلهما الثالث في مكتب هانسل قبل أعوام، فلوران فارفغ، أصبح فيما بعد رئيسًا للقناة الروسية الناطقة بالألمانية "روسيا اليوم".
بوك لونا، على سبيل المثال، ارتبط اسمها لسنوات مع ممثلين في حركة تسمى "stand up" حركها سياسيون مرتبطون بروسيا في حزب اليسار، كما شاركت في وقت سابق الشهر الجاري، في مظاهرة ببرلين لوقف "الحرب الاقتصادية" ضد موسكو، ووقف تسليم الأسلحة إلى أوكرانيا.
كما ظهرت لونا خلال المظاهرة، وفق دير شبيجل، إلى جانب السياسي اليساري ألكسندر كينج، الذي يشغل عضوية برلمان ولاية برلين، ويعد من الفريق الموالي لروسيا داخل حزب اليسار أيضا.
أما كارلوس هينسفورث، الموظف الجديد الآخر في الحزب الديمقراطي الاشتراكي، فقد شارك قبل سنوات، رابطا على "تويتر"، لمقطع فيديو يصف الثورة ضد النظام الموالي لروسيا في أوكرانيا في 2014، بأنها "انقلاب".
مؤخرًا، وفي 13 فبراير/شباط الماضي، شارك هينسفورث دعوة على فيسبوك، لتشكيل سلسلة بشرية في المنطقة بين السفارتين الأمريكية والروسية ببرلين، تحت شعار "أمن روسيا من أمن لبلدنا".
لكن اللافت في القضية أن النائب كريستيان كلينك الذي يوظف الموظفين المثيرين للجدل في مكتبه، يُنظر إليه داخل الحزب الاشتراكي الديمقراطي باعتباره من أشد مؤيدي تسليم الأسلحة لأوكرانيا، ولم يلفت الانتباه بعد باعتباره يساريًا راديكاليًا، وفق دير شبيجل.
بيد أن كلينك نائب عن الحزب الحاكم، ويشغل عضوية لجنة الدفاع في البرلمان الألماني، أي أنه يتعامل مع معلومات سرية حساسة بشكل يومي يمكن أن تكون متاحة أيضا لموظفيه في المكتب، ما يثير كثير من الخطر، بحسب المجلة الألمانية.
ولا يبدو أن الموقف السياسي لموظفيه يمثل مشكلة بالنسبة لعضو البرلمان عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي، إذ أجاب كلينك على سؤال من دير شبيجل بجملة واحدة: "أنا لا أعلق علنًا على شؤون الموظفين".
فيما أعلنت مجموعته البرلمانية أن أعضاء البوندستاغ عن الحزب الحاكم، وظفوا أشخاصا على مسؤوليتهم الخاصة، فيما تضطلع الجهات الأمنية المختصة بالفحوصات الأمنية للموظفين قبل السماح لهم بدخول البرلمان.
ووفق رصد أجرته "العين الإخبارية"، فإن كلينك ليس فقط معروفا بتأييده تسليم أسلحة لأوكرانيا، لكنه أيضا قام بزيارة دعم لكييف في 25 أغسطس/آب الماضي، والتقى مسؤولين أوكرانيين.
وبعد عودته مباشرة من الزيارة، كتب عمودا ظهر في وسائل إعلام ألمانية، يطالب الحكومة الاتحادية، بتسليم مزيد من الأسلحة الألمانية إلى الجيش الأوكراني.
مواقف كلينك الثابت المؤيد لكييف، تظهر أنه لا يتشارك نفس مواقف موظفيه المثيرين للجدل، وتدفع البعض للقول بإن كارلوس ولونا، مجرد موظفين ولا داعي لتضخيم الأمور.
لكن البعض الآخر يدفع بأن كلينك يشغل موقع حساس في لجنة الدفاع ويطلع على معلومات شديدة الحساسية، خاصة عن برنامج إعادة تسليح الجيش الألماني الجديد، ووجود موالون لروسيا في مكتبه، اختراق أمني، وفق مراقبين,