السير على الجمر.. مقاصد بوتين من "الضم" والتلويح النووي
في كل لحظة دولية معينة، ينحت مصطلح أو اسم أحيانا يتوارى بعدها دون ذكرى، وفي أحيان أخرى يستقر في كتب التاريخ كبداية أو نهاية.
ولحظة "إعلان الضم" في روسيا، اليوم الجمعة، يمكن أن تصنف ضمن الفئة الثانية، إذ من المنتظر أن تحدث صدى ويكون لها ما قبلها وما بعدها، لما تعكسه من تصعيد محتمل لصراع أثقل كاهل العالم في الأشهر السبعة الماضية.
وفي وقت سابق اليوم الجمعة، أعلن بوتين، خلال مراسم رسمية في موسكو، ضم 4 مناطق في أوكرانيا، إلى الاتحاد الروسي، وقال في خطاب "هذه هي إرادة الملايين من الناس"، وفق ما نقلته "رويترز".
وجاء "إعلان الضم" بعد أيام قليلة من استفتاءات مثيرة للجدل، نظمتها موسكو على عجل في هذه المناطق، وقالت إنها أثبتت تأييد ما يقترب من 99% من سكان هذه المناطق للالتحاق بروسيا.
في المقابل، نددت كييف بهذه العملية ووصفتها بـ"غير الشرعية"، فيما أعلنت الحكومات الغربية تباعا "عدم قانونية الضم"، وعدم اعترافها به.
ووفق رويترز، فإن ضم هذه المناطق "يعني أن جبهة القتال ستتوسع عبر أراض أعلنت روسيا أنها تابعة لها (ولا تسيطر عليها)، وقال رئيس روسيا إنه مستعد للدفاع عنها بالأسلحة النووية إذا اقتضى الأمر".
لكن النقطة الأكثر إثارة في حديث بوتين، قوله إن "الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة في العالم التي استخدمت الأسلحة النووية مرتين، ودمرت مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين"، مضيفا "بالمناسبة.. لقد خلقوا سابقة".
هذه العبارات فهمت بين مراقبين على أنها بمثابة فتح الباب أمام إمكانية استخدام روسيا الأسلحة النووية، خاصة أنها جاءت بعد بيان للكرملين اعتبر فيه أي هجوم على المناطق المنضمة حديثا، هجوما على روسيا نفسها.
3 نقاط رئيسية
وتعليقا على خطاب بوتين وما ورد فيه، قالت الكاتبة الروسية إلينا شريننكو، عبر حسابها في "تويتر": "هذا، على ما يبدو، هو أكثر خطابات فلاديمير بوتين عداء لأمريكا"، مضيفة أن "استخدام عبارة خلقت سابقة عند الحديث عن استخدام الأسلحة النووية،مزعج للغاية".
وبدا الخبير في الشأن الروسي ألكسندر بونوف أكثر تدقيقا، وقال "كان خطاب بوتين بمناسبة ضم أربع مناطق أوكرانية، تكرارا مضجرا للأساطير حول الغرب القديم والخيالي، ولكن كانت هناك ثلاثة جوانب جديرة بالاهتمام من وجهة نظر عملية".
وأوضح في سلسلة تغريدات على حسابه عبر "تويتر" تابعتها "العين الإخبارية"، "أول نقطة مهمة في خطاب بوتين قوله: الولايات المتحدة فجرت خطوط أنابيب الغاز نورد ستريم"، وأضاف الخبير "تتمثل العواقب العملية لهذا الاتهام في أن روسيا الآن "يحق لها" الرد بالمثل".
وتابع الخبير في الشؤون الروسية "وروسيا كذلك ليست مسؤولة عن وقف إمدادات الطاقة إلى أوروبا بعد التخريب الأخير، وقد لا تضطر شركة غازبروم الروسية إلى تعويضات عن الشحنات التي لم يجر تسليمها".
"القتال مستمر"
بونوف الذي يعمل في مركز كارنيجي (مكتب موسكو)، قال أيضا "ثاني نقطة هي دعوة القوات الأوكرانية للانسحاب من الأراضي الروسية الجديدة ووقف إطلاق النار".
وأوضح الخبير "نظرًا لأن جميع المناطق الأربعة الجديدة تخضع لسيطرة القوات الروسية جزئيا، فهذه الدعوة بمثابة إعلان عن استمرار الحرب التقليدية إذا لم تستجب كييف".
ومضى قائلا "النقطة الثالثة المهمة في الخطاب هي حديث بوتين عن تشكيل الولايات المتحدة سابقة عبر استخدام الأسلحة النووية في اليابان"، مضيفا "المعنى الضمني هو أن روسيا أفضل من الولايات المتحدة، ولن تقوم بإلقاء قنابل ذرية بدون ضرورة عسكرية".
واستدرك قائلا "ولكن ماذا لو ظهرت مثل هذه الضرورة العسكرية؟ إن هذا التصريح يعد عمليا إعلان عن أشياء قادمة".
أما الخبير رالف فويكس فكتب على حسابه بـ"تويتر": "بالتوازي مع عمليات الضم، يستعد بوتين لشن هجوم عسكري جديد.. هناك بوادر على فتح جبهة جديدة من بيلاروسيا".
وتابع "يتعين على الغرب الآن تعزيز الزخم العسكري الأوكراني في الشرق قبل أن يتمكن بوتين من إرسال قوات جديدة إلى الخطوط الأمامية"، مضيفا "لم يتم حسم الحرب بعد.. سوف يفعل بوتين أي شيء لتغيير الوضع الحالي على الأرض"، في إشارة إلى هجوم أوكرانيا المضاد واستعادتها السيطرة على بعض المناطق.
ووفق مراقبين، فإن الوضع الحالي بات متفجرا بشكل غير مسبوق، ويشبه سيرا على الجمر، إذ من الممكن أن يتوسع القتال في أي وقت من الأوقات، ويطال مناطق أخرى.
aXA6IDE4LjIyMi40NC4xNTYg جزيرة ام اند امز