روسيا تسعى للتخلي عن الدولار في مواجهة عقوبات أمريكية جديدة
تكثف موسكو جهودها لوقف اعتماد اقتصادها على الدولار، في وقت تسعى واشنطن فيه لفرض مزيد من العقوبات الشديدة.
تكثف موسكو جهودها لوقف اعتماد اقتصادها على الدولار، في وقت تسعى واشنطن فيه لفرض مزيد من العقوبات الشديدة التي من شأنها حرمان روسيا من الوصول إلى أسواق الدين الأجنبية، وقطع العملة الخضراء عن مصارفها.
وطالما ندد الرئيس فلاديمير بوتين بهيمنة العملة الأمريكية على المسرح العالمي، لكن جهود روسيا السابقة لوقف اعتماد اقتصادها على الدولار لم تحقق نجاحا يذكر حتى الآن.
ووسط مخاوف دوائر الأعمال الروسية من جولة جديدة من التدابير الأمريكية ضد موسكو على خلفية ضم القرم والنزاع في أوكرانيا، اتخذت السلطات الروسية الآن خطوات ملموسة على أمل تحقيق هدفها القديم.
ومن المتوقع أن تعرض وزارة المال والبنك المركزي الروسيان في وقت قريب أمام رئيس الحكومة ديمتري مدفيديف، تدابير لزيادة استخدام عملات أخرى في المداولات التجارية الدولية.
وقال بوتين الشهر الماضي "سوف نمضي حتما في هذا الاتجاه".
وأضاف "ليس لأننا نريد تقويض الدولار بل لأننا نريد ضمان أمننا، لأنهم يفرضون باستمرار عقوبات علينا ويحرموننا ببساطة من فرصة لاستخدام الدولار".
وحذر المراقبون من أن المهمة أمام روسيا طموحة جدا، لكن سياسة أمريكية لا يمكن التكهن بها وعقوبات أمريكية جديدة على إيران ونزاع واشنطن التجاري مع الصين، يمكن في الواقع أن تساعد موسكو.
وقالت يولر هيرمس، شركة تأمين القروض ومقرها فرنسا، في تقرير مؤخرا إن "وقف الاعتماد على الدولار على نطاق واسع سيستغرق وقتا يقدر بين سنة ونصف و5 سنوات".
وأضافت أن مساعي روسيا لوقف الاعتماد على الدولار "قد تكون أسهل الآن في عالم من تصاعد الحمائية الأمريكية".
وقالت يولر هيرمس إن تعاملات روسيا مع الاتحاد الأوروبي والصين التي تمثل نحو 60% من التجارة الروسية الخارجية يمكن نقلها لليورو واليوان، فيما التعاملات مع دول الاتحاد السوفياتي السابق يمكن أن تجرى بالروبل.
وأكد بوتين ونظيره الصيني شي جين بينغ مرارا رغبتهما في زيادة استخدام الروبل واليوان في التعاملات التجارية عبر الحدود.
في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، قالت السلطات الروسية إنها بصدد إعداد اتفاقية حول استخدام العملات الوطنية مع الصين.
وبحسب بنك إينغ، فإن التجارة الصينية-الروسية بالروبل واليوان تضاعفت 4 مرات في السنوات الأربع الماضية، رغم أنها لا تزال تمثل نحو 18%.
وقال نائب رئيس الوزراء يوري بوريسوف إن الهند ستسدد ثمن بطاريات الصواريخ أرض-جو إس-400 الروسية بالروبل.
وبدورها قالت حاكمة البنك المركزي الروسي إلفيرا نابيولينا إنها تريد تشجيع المصارف على التعامل بالروبل.
وروسيا التي ترزح تحت عقوبات أمريكية منذ 2014، قامت بتطوير نظامها الخاص للتعاملات المالية، لحماية نفسها من حظر محتمل لاستخدام نظام سويفت الدولي لخدمات التراسل المالي المؤمن.
- خفض عضوي
قال ديمتري بوليفوي، كبير الاقتصاديين لدى صندوق الثروة السيادي "صندوق الاستثمار المباشر الروسي" إن مزيدا من التجارة والتعاملات الحيوية بين الدول يمكن أن يقوي نمط التخلي عن الاعتماد على الدولار.
وتابع بوليفوي "حصل خفض طبيعي وفعلي للمدفوعات بالدولار على مر السنوات".
وأضاف أن الصندوق السيادي الروسي كان "رائدا" في إنشاء صندوقين مع الصين لتسديد صفقات بالعملتين الوطنيتين.
وأوضح "أولى التعاملات مستحقة في 2019.. ويمكن تأسيس آليات استثمار مشابهة في دول أخرى".
وبحسب بيانات البنك المركزي فإن نسبة المدفوعات بالدولار لتصدير بضائع وخدمات، انخفضت من 80 إلى 68% بين 2013 و2017.
وفي نفس الوقت فإن نسبة التعاملات باليورو ارتفعت من 9 إلى 16%، فيما ارتفعت نسبة التعاملات بالروبل من 10 إلى 14%.
والنمط أقل وضوحا بالنسبة للواردات، حيث تراجعت نسبة الدفعات بالدولار من 41 إلى 36%.
ولن تتمكن روسيا من التخلص كليا من الدولار في وقت قريب لأن اقتصادها لا يزال يعتمد بشكل كبير على النفط، المسعّر بالدولار.
لكن البلاد خفضت أرصدة الدين الحكومي الأمريكي بنحو 80 مليار دولار هذا العام.
وقالت يولر هيرمس إن "تدابير أخرى قد تتمثل في إزالة شركات روسية كبرى من البورصات الأجنبية وزيادة احتياطي الذهب واليورو".
وقال أوليغ كوزمين، خبير الاقتصاد لدى رنيسانس كابيتال، إنه لا يزال هناك الكثير من العراقيل أمام استخدام العملات الوطنية.
وأضاف "لا أحد يحتاج -مثلا- للروبل الروسي في كرواتيا وللعملة الكرواتية في روسيا".
وتابع "لكن في حال وجود آلية سهلة وفاعلة لتحويل عملة ما مباشرة إلى عملة أخرى، يمكن في تلك الحالة أن تعمل بشكل جيد".