الاستخبارات الأمريكية.. التجربة الأفغانية في حقل أوكرانيا
تجري وكالات الاستخبارات الأمريكية مراجعة لتقييماتها بشأن العملية الروسية في أوكرانيا، وإخفاقها حين قدرت الوضع بأفغانستان.
وذكر تقرير لوكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية أن مسؤولي الاستخبارات الأمريكية طُرح عليهم سؤال في مجلس الشيوخ قبل أسابيع من بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا أواخر فبراير/ شباط الماضي.
وكان السؤال، هل يمكن توصيف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بأنه رئيس الوزراء البريطاني الراحل وينستون تشرشل أم رئيس أفغانستان السابق أشرف غني؟
وبعبارة أخرى: "هل سيقود زيلينسكي مقاومة تاريخية أم سيهرب بينما تنهار حكومته؟".
لكن وكالات الاستخبارات الأمريكية استهانت بقدرة أوكرانيا ورئيسها، وبالغت في تقدير روسيا، رغم توقعاتهم بموعد انطلاق العملية. ولم تسقط كييف في غضون أيام قليلة، كما توقعت الولايات المتحدة.
ورغم جهود وكالات الاستخبارات الأمريكية في دعم القوات الأوكرانية، إلا أنها تواجه ضغوطاً من الحزبين الجمهوري والديمقراطي لمراجعة الأخطاء التي ارتكبتها، لعدم تكرار ما وقع في أفغانستان العام الماضي.
تنبؤ
وبدأ مسؤولو الاستخبارات مراجعة الكيفية التي تقيّم بها وكالاتهم، إرادة وقدرة الحكومات الأجنبية على القتال، في الوقت الذي يكثف فيه البيت الأبيض عمليات تسليم الأسلحة ودعم كييف، في محاولة للتنبؤ بما قد يراه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تصعيداً، والسعي لتجنب حرب مباشرة مع روسيا.
كانت لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ قد بعثت برسالة سرية إلى مكتب مدير الاستخبارات الوطنية في مايو/ أيار الماضي، تسأل عن الكيفية التي قيّمت بها وكالات الاستخبارات الوضع في كل من أوكرانيا وأفغانستان، وفقا لما ذكرته شبكة سي إن إن الأمريكية.
وعلى الرغم من عدم وضع جدول زمني معلن بشأن المراجعة التي بدأت قبل رسالة لجنة الاستخبارات، حدد مسؤولون بعض الأخطاء، كما ذكر أشخاص مطلعون على تقييمات ما قبل الحرب طلبوا عدم كشف هوياتهم لمناقشة المعلومات الاستخباراتية الحساسة.
وقالت سو جوردون، النائب الرئيسي السابق لمدير المخابرات الوطنية، إن المحللين ربما اعتمدوا كثيرًا على إحصاء مخزون روسيا من الأدوات العسكرية والإلكترونية.
وأشار التقرير إلى أن زيلينسكي نال إشادة عالمية لرفضه الفرار، عندما أرسلت روسيا فرقاً لمحاولة القبض عليه أو اغتياله.
في المقابل، فر غني الأفغاني من بلاده أغسطس/ آب الماضي وحيدًا ومعزولًا بعد أشهر قليلة من طلب وزير الخارجية الأمريكي منه تشكيل جبهة موحدة مع اقتراب الانسحاب العسكري الأمريكي.
ولم يخبر غني -وفق الوكالة الأمريكية- حتى القادة السياسيين الآخرين الذين كانوا يتفاوضون على انتقال سلمي للسلطة مع طالبان، أنه يتجه نحو الرحيل.
وترك رحيله المفاجئ والسري لكابول، العاصمة، بلا دفة، حيث كانت القوات الأمريكية وحلف شمال الأطلسي في المراحل الأخيرة من انسحابهما الفوضوي من البلاد بعد 20 عامًا.
اعتراف بخطأ التقدير
وبالنسبة إلى زيلينسكي، كانت هناك توترات أيضاً قبل الحرب مع واشنطن بشأن احتمالية هجوم روسي، وما إذا كانت أوكرانيا مستعدة. وكانت إحدى نقاط التوتر، وفقاً لأشخاص مطلعين على الخلاف، هي أن الولايات المتحدة أرادت من أوكرانيا نقل قواتها من الغرب لتعزيز الدفاعات حول كييف.
وحتى ما قبل الحرب بفترة وجيزة، تجاهل زيلينسكي وكبار المسؤولين الأوكرانيين التحذيرات من هجوم روسي، بشكل جزئي، لتهدئة مخاوف الشعب وحماية الاقتصاد.
وعن هذا قال مسؤول أمريكي إن هناك اعتقاداً بأن زيلينسكي لم يختبر أبداً في أزمة من المستوى الذي تواجهه بلاده.
وشهد الفريق سكوت بيرييه، المدير الحالي لوكالة استخبارات الدفاع الأمريكية، في مارس/ آذار بأن "وجهة نظري كانت، بناءً على مجموعة متنوعة من العوامل، أن الأوكرانيين لم يكونوا مستعدين كما اعتقدت. لذلك، شككت في رغبتهم في القتال. كان هذا تقييماً سيئاً من جانبي لأنهم قاتلوا بشجاعة وشرف ويفعلون الصواب".
وفي مايو، نأى بيرييه برأيه عن وجهة نظر دوائر الاستخبارات بأسرها، وقال إنه لم يكن لديه تقييم "يفيد بأنّ الأوكرانيين يفتقرون إلى الإرادة للقتال".