3 رؤساء تمت محاكمتهم.. ما هي جرائم الحرب؟
سلطت اتهامات المحكمة الجنائية الدولية إلى روسيا حول الحرب في أوكرانيا الأضواء على مصطلح جرائم الحرب والإبادة الجماعية.
والأربعاء، وصف الرئيس الأمريكي جو بايدن نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، صراحة بـ"مجرم الحرب" جراء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
لكن إعلان أن شخصا ما هو مجرم حرب ليس ببساطة نطق الكلمات؛ فهناك مجموعة من التعريفات والعمليات التي تحدد من هو مجرم الحرب وكيف يجب معاقبته، بحسب وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية.
وكان البيت الأبيض يتجنب استخدام هذا التوصيف مع بوتين، قائلًا إنه يتطلب تحقيقا وحكما دوليا، وبعدما استخدم بايدن الكلمة، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين بساكي إن كلام الرئيس كان "نابعا من قلبه"، مجددة تصريحاتها بأن هناك عملية لاتخاذ قرار رسمي.
واليوم، قال وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف للمشرعين في الاتحاد الأوروبي إنه "ينبغي عليهم تصنيف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مجرم حرب".
وتحدث ريزنيكوف عبر رابط فيديو قائلا: "أناشد جميع أعضاء الهيئة البرلمانية الأوروبية تصنيف بوتين مجرم حرب". واستشهد بأمثلة منها ما قال إنها "ضربة جوية روسية أمس الأربعاء لمسرح كان يأوي 1200 امرأة وطفل" على حد قوله.
وهو ما رد عليه المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، بقوله، "إن مزاعم الرئيس الأمريكي بأن الرئيس فلاديمير بوتين مجرم حرب غير مقبولة وإن الولايات المتحدة ليس لها الحق في وعظ روسيا بعد مشاركتها في الكثير من الصراعات".
وقبيل بدء الحرب الروسية الأوكرانية في 24 فبراير/شباط الماضي، دائما ما أعلنت موسكو حقها في الدفاع عن أمنها وإزاحة من سمتهم بـ"النازيين"، وذلك في ظل إصرار كييف وحلفائها في الغرب بضمها إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو"، الذي يرغب في التوسع شرقا، ما يعني إقامة قواعد عسكرية قرب حدودها.
كما قالت روسيا إن عمليتها العسكرية جاءت للدفاع عن جمهوريتي دونيتسك ولوهانسك شرق أوكرانيا من "الإبادة الجماعية" التي تقوم بها كييف ضد المنطقتين اللتين أعلنتا استقلالهما عن كييف واعترفت موسكو بهما مؤخرا.
وفي الاستخدام الشائع، مع ذلك، اكتسبت العبارة معنى عاما كمصطلح عام يشير لإنسان يرتكب فظائع.
وبدأت التحقيقات في الحرب الأوكرانية بالفعل، وتعمل الولايات المتحدة و44 دولة أخرى معا للتحقيق في انتهاكات وتجاوزات محتملة، بعدما قرر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة تشكيل لجنة تحقيق. وهناك تحقيق آخر تجريه المحكمة الجنائية الدولية، وهي هيئة مستقلة مقرها هولندا.
وقال ديفيد كرين، الذي عمل على جرائم الحرب لعقود وشغل منصب المدعي العام للمحكمة الخاصة لسيراليون التابعة للأمم المتحدة، التي حاكمت الرئيس الليبيري السابق تشارلز تيلور، إن الأمر لا يزال في بدايته.
ويرأس كرين حاليا "شبكة المساءلة العالمية"، التي تعمل مع المحكمة الدولية والأمم المتحدة من بين مؤسسات أخرى.
ومع بدء الحرب شكلت الشبكة مجموعة عمل لجمع معلومات جنائية عن جرائم الحرب، كما أنه يعد مسودة نموذج لائحة اتهام ضد بوتين، وتوقع صدور لائحة اتهام لبوتين خلال عام، مع العلم ألا يوجد قانون تقادم بهذا الشأن.
ما هي جريمة الحرب؟
عادة تعرف جرائم الحرب بأنها الجرائم التي تنتهك القوانين وأعراف الحرب، بحسب صحيفة "آي" البريطانية.
والتعريف مشتق من اتفاقيات جنيف لعام 1949، ويستند على فكرة أنه يمكن تحميل الأفراد المسؤولية عن أفعال الدولة أو جيشها.
وهناك العديد من الأفعال التي تعتبر جرائم حرب، وتتضمن: احتجاز الرهائن، التعذيب أو المعاملة غير الآدمية لأسرى الحرب، إجبار الأطفال على القتال، واستهداف المدنيين.
ولا يمكن مهاجمة المدنيين عمدا ولا البنى التحتية الضرورية لبقائهم على قيد الحياة.
وتحظر بعض أنواع الأسلحة كذلك، مثل: الألغام الأرضية المضادة للأفراد، والأسلحة الكيميائية أو البيولوجية، بسبب المعاناة العشوائية التي تتسبب فيها.
وتختلف جرائم الحرب عن الإبادة، وهي المحاولة المتعمدة لتدمير مجموعة محددة من الناس، والجرائم ضد الإنسانية، التي تتضمن القتل، أو الاغتصاب، أو اضطهاد مجموعة ما.
وبموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، تعرف جرائم الحرب بأنها: القتل المتعمد، والتعذيب أو المعاملة غير الإنسانية، بما في ذلك التجارب البيولوجية، والتسبب عمدا في معاناة شديدة أو إصابة خطيرة بالجسم أو الصحة، التدمير واسع النطاق للممتلكات ومصادرتها، دون ضرورة عسكرية تبرر ذلك وبطريقة غير قانونية وتعسفية.
كما تعرف بأنها إجبار أسير حرب أو شخص محمي آخر على الخدمة ضمن قوات قوة معادية، والحرمان المتعمد لأسير حرب أو شخص محمي آخر من حقه في محاكمة عادلة ونظامية، والترحيل أو النقل غير القانوني أو الحبس غير المشروع، واحتجاز الرهائن.
من هو مجرم الحرب؟
ينطبق المصطلح على أي شخص ينتهك مجموعة من القواعد التي اعتمدها قادة العالم وتعرف بقانون النزاعات المسلحة. وتحكم هذه القواعد سلوك الدول في وقت الحرب.
وجرى تعديل وتوسيع نطاق تلك القواعد على مدار القرن الماضي، مستمدة من اتفاقيات جنيف في أعقاب الحرب العالمية الثانية والبروتوكولات المضافة لاحقا.
وتستهدف القواعد حماية الأشخاص الذين لا يشاركون في القتال وأولئك ممن لم يعد يمكنهم القتال، بما في ذلك المدنيين، مثل: الأطباء والممرضين، والجنود الجرحى وأسرى الحرب.
وتوضح المعاهدات والبروتوكولات من يمكن استهدافه وبأي أسلحة؛ حيث تحظر أسلحة بعينها، من بينها الكيماوية والبيولوجية.
وتتضمن ما تسمى بـ"الانتهاكات الجسيمة" للاتفاقيات التي ترقى لجرائم حرب، القتل العمد والتدمير الواسع والاستيلاء على الممتلكات بدون ضرورة عسكرية تبرره. وتتضمن جرائم الحرب الأخرى: الاستهداف المتعمد للمدنيين، واستخدام القوة المفرطة، والدروع البشرية، واحتجاز الرهائن.
وتلاحق المحكمة الجنائية الدولية كذلك الجرائم ضد البشرية المرتكبة في سياق "هجوم واسع أو منهجي ضد سكان مدنيين." وهذا يتضمن القتل، والإبادة، والنقل القسري، والتعذيب، والاغتصاب، والاستعباد الجنسي.
ويمكن مساءلة القادة قانونيا، إذا أمروا، أو حتى كانوا يعلمون، أو كانوا بوضع يسمح لهم بمعرفة الجرائم دون فعل شيء لمنع وقوعها.
مسارات العدالة
بشكل عام، هناك أربعة مسارات للتحقيق في جرائم الحرب وتحديدا، بالرغم من أن لكل منها حدودا. الأول يكون من خلال المحكمة الجنائية الدولية، ويتمثل الثاني في إذا حولت الأمم المتحدة عملها بلجنة التحقيق إلى محكمة دولية جنائية مختلطة لجرائم الحرب.
ويتمثل الخيار الثالث في إنشاء مجلس قضائي أو محكمة لمحاكمة المتهمين من خلال مجموعة من الدول المهتمة أو المعنية، مثل حلف شمال الأطلسي (الناتو)، الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة. وتعتبر المحاكم العسكرية في نورمبرغ بعد الحرب العالمية الثانية ضد القادة النازيين مثالا.
وأخيرا، تتمتع بعض الدول بقوانينها الخاصة لمحاكمة جرائم الحرب؛ ففي ألمانيا على سبيل المثال، تجري تحقيقا بشأن االحرب في أوكرانيا بالفعل. لكن لا يوجد بالولايات المتحدة مثل هذا القانون، لكن لدى وزارة العدل قسما خاصا يركز على أعمال مثل الإبادة الدولية، والتعذيب، وتجنيد الأطفال، وختان الإناث.
هل حوكم قادة دول بالماضي؟
نعم.. من محاكم ما بعد الحرب العالمية الثانية في نورمبرغ وطوكيو إلى محاكم مخصصة حديثة، حوكم قادة كبار عن أفعالهم في دول من بينها البوسنة وكمبوديا ورواندا.
ومثل الزعيم اليوغسلافي السابق سلوبودان ميلوسيفيتش أمام محكمة للأمم المتحدة في لاهاي لإثارة صراعات دامية مع انهيار يوغوسلافيا أوائل التسعينات. وتوفي في زنزانته قبل توصل المحكمة إلى حكم.
وحوكم حليفه من صرب البوسنة رادوفان كاراديتش، والقائد العسكري لصرب البوسنة الجنرال راتكو ملاديتش، بنجاح ويقضيان الآن عقوبة السجن مدى الحياة.
كما حكم على الرئيس الليبيري السابق تشارلز تايلور بالسجن 50 عاما بعد إدانته برعاية فظائع في سيراليون المجاورة.
وكان رئيس تشاد السابق حسين حبري، الذي توفي العام الماضي، أول رئيس دولة سابق يدان بجرائم ضد الإنسانية أمام محكمة أفريقية، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة.
aXA6IDMuMTI5LjQyLjE5OCA= جزيرة ام اند امز