"سلاح روسي" يرعب "الناتو".. هل يؤجج الشتاء "حرارة الحرب"؟
بعد الأمم المتحدة، انضم حلف شمال الأطلسي لقائمة المرعوبين من فصل شتاء قد يتحول لـ"سلاح روسي" في ظل استراتيجية جديدة لـ"حرب بلا قواعد".
حرب روسية أوكرانية تبدو عابرة لجميع التكهنات والقراءات، ومنفتحة على جميع السيناريوهات والأسلحة بما فيها الطاقة التي سرعان ما تحولت إلى أزمة تخنق الغرب وتسد شرايين أوروبا بشكل خاص.
وفي ضوء تطورات تغيب عنها ملامح الحسم، يدخل حلف الناتو مجددا على خط الحرب، محذرا هذه المرة من ورقة يقول إن موسكو تستخدمها للضغط مقابل رفع العقوبات عنها.
واليوم الثلاثاء، اتّهم الأمين العام للحلف، ينس ستولتنبرغ، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بالسعي "لاستخدام الشتاء سلاحا في الحرب" على أوكرانيا.
وقال ستولتنبرغ، في تصريحات أدلى بها من بوخارست: "علينا الاستعداد لعبور مزيد من اللاجئين إلى باقي أنحاء أوروبا" نتيجة "هجوم (روسيا) المتعمّد على الخدمات الأساسية والتدفئة والكهرباء والمياه والغاز" في أوكرانيا.
منصة حشد
ويسبق تصريحات ستولتنبرغ اجتماع لوزراء خارجية دول الحلف، يعقد على مدى يومين في بوخارست، في لقاء قال ستولتنبرغ إنه سيكون بمثابة منصة لحشد مزيد من الدعم لأوكرانيا.
وسيركز الاجتماع على تكثيف المساعدات العسكرية لأوكرانيا مثل أنظمة الدفاع الجوي والذخيرة، حتى مع اعتراف دبلوماسيين بوجود مشكلات تتعلق بالإمداد والطاقة الإنتاجية، لكنهم سيناقشون أيضا تقديم مساعدات غير فتاكة.
وأكد العديد من وزراء الناتو تصريحات ستولتنبرغ حول الاجتماع الذي تشارك فيه فنلندا والسويد إلى جانب الدول الأعضاء بالحلف.
وقال وزير خارجية سلوفاكيا راستسلاف كيسر "ستكون الأشهر المقبلة اختبارا كبيرا لنا جميعا. بالنسبة لأوكرانيا مسألة وجودية وبالنسبة لنا مسألة أخلاقية. علينا أن نواصل مساعدة أوكرانيا ما دام يتطلب الأمر ذلك".
"شتاء غضب"
تحذير أمين عام الناتو لا يعتبر الأول من نوعه، حيث سبق أن نبه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في سبتمبر/ أيلول الماضي، من مخاطر جمة تحدق بالعالم، سواء من جراء النزاعات العسكرية الطاحنة بعدد من المناطق، أو في ظل تفاقم أزمتي المناخ والغذاء، على نحو متسارع.
وفي كلمة ألقاها حينها بافتتاح الدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حذر غوتيريش من أن العالم يواجه ما وصفها بـ"موجة غضب" في الشتاء المقبل.
وتأتي التحذيرات من شتاء صعب في وقت أوقفت فيه روسيا -أو علقت- إمدادات الغاز إلى أوروبا، ما نجم عنه تراجع العرض مقابل استقرار الطلب، وهو ما قاد لارتفاع مجحف في الأسعار.
وفي كلمته، تحدث غوتيريش عن شبح المجاعة وقال إنه يخيم على مناطق من العالم، مشيرا إلى أن الكوكب يشهد ورطة وسط تزايد الانقسامات، الأمر الذي يحول دون التوصل إلى حلول لمعالجة الوضع.
بلا قواعد
استراتيجية الحرب الروسية في أوكرانيا تغيرت منذ أكتوبر/ تشرين أول الماضي، وتحديدا بعد تعيين سيرغي سوروفيكين قائدا جديدا لقيادة "العملية العسكرية الخاصة" في أوكرانيا.
تغيير أخرج مسار الحرب عن قواعده التقليدية، ومنح المحللين العسكريين قناعة بأن المشهد يتأهب للخروج عن ضوابطه المعتادة في النزاعات، والتلويح بجميع الأوراق المتاحة من أجل الضغط ومن ثم الحسم.
استراتيجية جديدة تبلورت على الأرض باستخدام تكتيكات مختلفة فرضها التقدم المفاجئ -أحيانا- للقوات الأوكرانية في عدد من الجبهات، والذي فجر انتقادات للكرملين ودعوات لتسريع الحسم.
غير أن موسكو التي تدرك أن معظم خيوط اللعبة بيديها، تناور بأوراقها القوية، والتي من أهمها الطاقة، فهي المزود الرئيسي للقارة العجوز التي اصطفت ضدها في الحرب وفرضت عليها عقوبات.
ومع قدوم الشتاء، فإن أزمة الطاقة في أوروبا والغرب عموما لن تقتصر-كما يرى مراقبون- على حرمان شعوب القارة من الدفء والرفاهية المعتادة لمواجهة البرد القارس.
لكنها قد تجبر عددا كبيرا من السكان، وخصوصا من الفئة العمرية المسنة، على النزوح أو التوجه إلى بلدان أكثر دفئا، في بوصلة ستكون بلدان شمال أفريقيا محطتها الرئيسية.