"الغاز الروسي" يقسم ألمانيا.. غرب مؤيد وشرق رافض: ما القصة؟
لا تزال واردات الطاقة الروسية حديث الساعة بأوروبا، فحتى الآن لم تفرض بلدان الاتحاد الأوروبي حظرًا حقيقيًا لها، بل تعقد صفقات بالخفاء.
انقسام بين شرق ألمانيا وغربها
وقد كشف استطلاع حديث للرأي انقسامًا بين شرق ألمانيا وغربها فيما يتعلق بالتخلي عن واردات الطاقة الروسية.
وأظهر الاستطلاع، الذي أجراه معهد "سيفي" لمؤشرات الرأي، أن المواطنين في غرب ألمانيا أكثر استعدادًا لتحمل مصاعب ناجمة عن الحرب الروسية في أوكرانيا.
ووفقًا للاستطلاع، الذي نُشرت نتائجه اليوم السبت، فإن 64% من سكان غرب ألمانيا على استعداد للتخلي عن واردات الطاقة من روسيا، بينما بلغت نسبة من ذكر ذلك في شرق البلاد 42% فقط.
وقال معدو الدراسة التي أُجريت بتكليف من مؤسسة "إيون": "تظهر الحرب في أوكرانيا مرة أخرى المواقف المتباينة بين الغرب والشرق فيما يتعلق بتحول الطاقة والاحتباس الحراري".
وأشار الاستطلاع، الذي شمل 1000 شخص، إلى انقسام مماثل بشأن الاستعداد لخفض التدفئة أو تقليل قيادة السيارات، حيث أبدى هذا الاستعداد في غرب ألمانيا بالنسبة لخفض التدفئة 55%، و70% لتقليل قيادة السيارات، بينما جاءت النسبة أقل من النصف في شرق ألمانيا.
كما رصد الاستطلاع تباينا فيما يتعلق بمصادر الطاقة البديلة، حيث أيد الذين شملهم الاستطلاع في شرق ألمانيا اللجوء إلى الفحم كبديل للغاز الروسي، بينما أراد سكان غرب ألمانيا التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة.
الحظر الأوروبي للنفط والغاز الروسيين يستغرق "أشهراً"
من جانبه، يعمل الاتحاد الأوروبي على توسيع نطاق العقوبات المفروضة على روسيا لتشمل حظرا على النفط والغاز، لكن هذه الإجراءات قد تستغرق "أشهراً"، كما قال مسؤولون أوروبيون لوكالة فرانس برس الجمعة 15 أبريل/نيسان 2022.
وكانت الكتلة أعلنت الأسبوع الماضي فرض حظر على الفحم الروسي، في أول خطوة أوروبية موحدة تستهدف صادرات الطاقة الروسية، مصدر العملة الصعبة الرئيسي لموسكو.
لكن حظر استيراد الفحم لن يكون سارياً قبل منتصف أغسطس/آب، وسيؤثر على حوالي 8 مليارات يورو من مبيعات روسيا في الخارج سنوياً.
وتمثل مبيعات النفط والغاز الروسية إلى الاتحاد الأوروبي نسبة أعلى بكثير من العائدات، ما بين ربع مليار إلى مليار يورو يومياً، بحسب تقديرات مختلفة (80 مليار دولار - 74 مليار يورو) مقابل النفط و20 ملياراً مقابل الغاز، ما يعادل 250 مليون يورو في المتوسط يوميا خلال 2021.
ويميل الرأيان؛ العام والسياسي، في الاتحاد الأوروبي نحو فرض حظر شامل على مصادر الطاقة مع استمرار الحرب الروسية في أوكرانيا.
وقد أدت إثارة غضب الاتحاد الأوروبي إزاء الحرب إلى إنهاء تردد دول أعضاء تعتمد على النفط والغاز الروسيين، مثل ألمانيا، أكبر اقتصاد في الكتلة، وإيطاليا واليونان والنمسا.
وأعلنت بعض دول الاتحاد الأوروبي، مثل ليتوانيا، حظراً وطنياً على النفط والغاز الروسيين.
قد يكون أحد الخيارات لوقف عائدات الحرب الروسية بسرعة هو دفع ثمن واردات الطاقة عبر حساب مضمون لا يمكن موسكو الوصول إليه حتى تسوية ما بعد الحرب.
ويبقى هناك التفكير في الطريقة التي ستنتقم روسيا من خلالها، بقطع الإمدادات عن أوروبا، أو كما قال الرئيس فلاديمير بوتين الأسبوع الماضي، بيع المزيد إلى آسيا. وإذا باعت روسيا النفط الذي رفضه الأوروبيون إلى مشترين آخرين، فلن يكون للعقوبات جدوى.
عقوبات في العلن وصفقات في الخفاء
وبدورها، بدأت شركات طاقة أوروبية في أخذ خطوات استباقية للالتفاف على أي حظر محتمل على النفط الروسي، لتمضي في صفقاتها بعيداً عن العقوبات، بينما يسيطر الانقسام العميق على قادة الاتحاد الأوروبي، حيال حظر الإمدادات الروسية.
وتأتي روسيا في المرتبة الثانية عالمياً في إنتاج النفط الخام، أي بنسبة 14% من إجمالي الإنتاج خلال العام الماضي، حسب ما ذكر معهد أكسفورد لدراسات الطاقة، مشيراً في تقرير صدر في مارس/آذار الماضي، إلى أن حوالي 60% من صادرات روسيا من النفط الخام تذهب إلى القارة الأوروبية، فيما تحصل آسيا على حصة تبلغ 35% منه.
وذكر موقع "أويل برايس" الأمريكي المتخصص في الطاقة في تقرير له في 12 أبريل/نيسان 2022، أن اتخاذ قرار بشأن حظر النفط الروسي سيكون أكثر صعوبة على الأوربيين، مشيرا إلى أن الانقسام يسيطر على دول الاتحاد.
وتطالب بولندا ودول البلطيق (إستونيا ولاتفيا وليتوانيا) بفرض حظر على النفط الروسي، بينما تواصل ألمانيا، أكبر اقتصاد في القارة، معارضة ذلك، قائلة إنه من المستحيل استبدال الإمدادات الروسية على الفور، وأن وقف الواردات سيضر باقتصادها كثيراً، وحتى إذا جرى فرض حظر فقد يكون حظراً تدريجياً للسماح لأوروبا بإيجاد بدائل لإمدادات النفط الروسية، كما أشارت صحيفة وول ستريت جورنال في تقرير.
وبشكل عام، اعتمد الاتحاد الأوروبي على روسيا في 26% من وارداته من النفط الخام، في عام 2020، وفقاً لمكتب إحصاءات الاتحاد الأوروبي "يوروستات". وفيما يتعلق بالغاز الطبيعي، فإنّ الاعتماد أعلى من ذلك، ففي نفس العام تلقى الاتحاد الأوروبي 46% من وارداته من الغاز الطبيعي من روسيا.
aXA6IDE4LjE5MS45Ljkg جزيرة ام اند امز