أزمة بحرية صامتة.. لندن تراقب سفن تجسس روسية تتسلل نحو مياهها
كشفت الحكومة البريطانية عن حادثة خطيرة تتعلق بأنشطة سفن تجسس روسية قرب المياه الإقليمية للمملكة المتحدة، بعدما أكد وزير الدفاع جون هيلي أن طياري سلاح الجو الملكي تعرّضوا لتوجيه أشعة ليزر من سفينة الاستطلاع الروسية “يانتار” خلال قيامهم بمهام مراقبة.
وقال هيلي، وفق ما نقلته التايمز، إن السفينة الروسية رُصدت قبالة سواحل اسكتلندا خلال الأيام الماضية، مؤكداً أن القوات البحرية والجوية البريطانية تتابع تحركاتها “عن كثب وعلى مدار الساعة”.
وأضاف الوزير في خطاب ألقاه في داونينغ ستريت أن فرقاطة تابعة للبحرية الملكية إلى جانب طائرات استطلاع من سلاح الجو الملكي كُلّفت بملاحقة كل حركة للسفينة الروسية، مشيراً إلى أن الطيارين تعرضوا فعلياً لإشعاع ليزري من على متن “يانتار”.
وتعد هذه المرة الثانية خلال 3 أشهر التي تدخل فيها السفينة الروسية المياه البريطانية، بعد رصدها في يناير/كانون الثاني الماضي قرب كابلات بحرية حساسة، ما دفع البحرية الملكية إلى تعزيز إجراءات المراقبة.
وحذّر وزير الدفاع البريطاني من دخول العالم مرحلة “غير مسبوقة من الخطر وعدم اليقين”، مشيراً إلى سلسلة من التطورات التي تعكس ـ بحسب وصفه ـ تحولاً جذرياً في البيئة الأمنية الدولية.
وقال: “شهدنا خلال العام الماضي حرباً دفعت الشرق الأوسط إلى حافة الانفجار، وتوتراً عسكرياً بين الهند وباكستان، وتصعيداً روسياً في أوكرانيا. كما واجهت أوروبا اضطرابات واسعة بسبب الطائرات المسيّرة، وتصاعد وتيرة التوغلات الروسية في أجواء الناتو، إضافة إلى 90 ألف هجوم سيبراني استهدف منظومتنا الدفاعية”.
كما أعلن أن الحكومة تسعى لجعل بريطانيا “أفضل بيئة للاستثمار الدفاعي” خلال الدورة البرلمانية الحالية، وتحويل القوات المسلحة البريطانية إلى “الأكثر ابتكاراً داخل الناتو”، عبر مزيج من التمويل الحكومي والمشاركة الواسعة للقطاع الخاص.

“يانتار”.. سفينة غامضة بقدرات فريدة وتاريخ من المهام السرية
أثارت عودة “يانتار” إلى المياه البريطانية للمرة الثانية منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي قلقاً واضحاً في لندن، وسط تحذيرات من تنامي الأنشطة الروسية قرب البنى التحتية الحيوية للمملكة المتحدة، خصوصاً الكابلات البحرية التي تمر عبر شمال الأطلسي.
وبُنيت “يانتار” — التي يعني اسمها “الكهرمان” - في حوض سفن بمدينة كالينينغراد، ودخلت الخدمة الفعلية مع البحرية الروسية عام 2015 رغم تصنيفها الرسمي كسفينة “أبحاث محيطية”.
وتتمتع السفينة بقدرات تجعلها واحدة من أبرز منصات التجسس البحري الروسية، إذ تضم: معدات متخصصة لقطع الكابلات البحرية، وغواصتين مأهولتين ذاتيتي الدفع قادرتين على الغوص حتى عمق 6000 متر، ومركبات روبوتية للعمل تحت الماء، وطاقم يصل إلى 60 فرداً. ويبلغ طول السفينة 108 أمتار وعرض 17 متراً ووزن يتجاوز 5500 طن
وقال إيغور بونوماريوف، أحد أبرز مسؤولي حوض بناء السفن، عند تسليمها للبحرية الروسية: "هذه السفينة فريدة في قدراتها، وتتفوّق على نظيراتها الأجنبية في بعض الجوانب".
سجلّ عملياتي يُقلق الغرب
وخلال العقد الماضي، ارتبط اسم “يانتار” بعدد من المهام المثيرة للجدل: ففي عام رُصدت قرب قاعدة الغواصات النووية الأمريكية في كينغز باي بجورجيا، وسط اعتقاد بأنها تبحث عن حساسات بحرية أمريكية.
وفي 2016 أمضت ثلاثة أيام قرب السواحل السورية بمحاذاة كابلات حيوية تربط تركيا بشمال قبرص، كما شاركت في العثور على “معدات سرية” لمقاتلات روسية تحطمت في البحر.
وفي عام 2017 شاركت في عملية البحث عن الغواصة الأرجنتينية “سان خوان” المفقودة.
كما رصدتها دول الناتو مراراً قرب خطوط كابلات الاتصالات العابرة للمحيطات. هذه الأنشطة زادت من مخاوف الغرب بشأن إمكانية استهداف البنى التحتية البحرية، التي يعتمد عليها الاقتصاد العالمي في الاتصالات ونقل البيانات.
وفي سياق يعكس طبيعة “لعبة التجسس البحرية”، سُئل مسؤول عسكري أمريكي عام 2015، عبر قناة فوكس نيوز، عمّا إذا كانت الولايات المتحدة تشغّل سفناً مشابهة قرب السواحل الروسية، فأجاب ساخراً: "بالطبع نفعل… هل تعتقد أن تلك سفن أبحاث المحيطات تلك تدرس الحيتان؟”.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTU4IA==
جزيرة ام اند امز