غواصات «أوسكار 2» الروسية... قاتلة حاملات الطائرات

في ذروة الحرب الباردة، سعت موسكو لمواجهة التفوق الأمريكي في مجال حاملات الطائرات التي شكلت العمود الفقري للقوة البحرية لحلف شمال الأطلسي "الناتو".
ولأن الاتحاد السوفياتي لا يمتلك حاملات طائرات تضاهي تلك الأمريكية، ركز على تطوير أنظمة قادرة على الحد من فاعلية هذه الحاملات.
وكان من أبرز هذه الأنظمة غواصة فئة "أوسكار-2" المعروفة بمشروع "949 إيه أنتي"، والتي أطلق عليها في الكرملين لقب "قاتلة حاملات الطائرات".
ووفقا لتقرير مجلة "ناشيونال إنترست" فقد تم تصميم غواصة "أوسكار-2" في سبعينيات القرن الماضي بهدف تنفيذ ضربات مدمرة ضد أهداف عالية القيمة من مسافات بعيدة، مع الحفاظ على القدرة على البقاء تحت الماء وصعوبة اكتشافها.
وتمثلت مهمة الغواصة الأساسية، في استهداف حاملات الطائرات الأمريكية عبر إطلاق وابل من صواريخ "بي-700 غرانيت" الأسرع من الصوت، والتي يجري توجيهها عبر الأقمار الصناعية. وقد صُممت هذه الصواريخ لتشن هجمات منسقة على أنظمة دفاع الحاملات، مما يجعل الغواصة آلة قتل متخصصة في مواجهة حاملات الطائرات.
تصميم استثنائي لمهمة وحيدة
تُعد غواصة "أوسكار-2" واحدة من أضخم الغواصات في العالم، حيث يصل إزاحتها عند الغمر إلى حوالي 24 ألف طن، ما يجعلها رابع أكبر غواصة تم بناؤها بعد غواصات "تايفون" و"بوريه" الروسية، و"أوهايو" الأمريكية.
ويتميز تصميمها بهيكل مزدوج يتكون من هيكل ضغط داخلي محاط بهيكل خارجي هيدروديناميكي، مما يزيد من قدرتها على البقاء تحت الهجوم ويوفر طفوًا احتياطيًا كبيرًا.
زودت الغواصة بمفاعلين نوويين من نوع "OK-650M.02" يولدان طاقة حرارية تصل إلى 190 ميغاواط لكل مفاعل، ما يمكنها من بلوغ سرعة تحت الماء تصل إلى 33.4 عقدة (نحو 61 كيلومترًا في الساعة)، مما يسمح لها بمواكبة مجموعات القتال البحرية الأمريكية.
ترسانة القتل المتخصصة
رغم ضخامة حجمها وقوتها، تُعتبر قدرة "أوسكار-2" على التخفي أقل تطورًا مقارنة بالغواصات الروسية الأحدث مثل "أكولا-2" و"ياسِن".
ومع ذلك، يبقى سلاحها الأساسي هو ما يميزها بشكل خاص، حيث تحمل 24 صاروخًا من نوع "بي-700 غرانيت" مثبتة في قاذفات خارج هيكل الضغط، ويمكن لكل صاروخ حمل رأس حربي تقليدي يزن 750 كغم أو رأس نووي، بمدى يصل إلى 550 كيلومترًا.
وتعمل الصواريخ بشكل منسق على هيئة "هجوم سرب" لإغراق أنظمة الدفاع المعادية.
بالإضافة إلى صواريخها المجنحة، تمتلك الغواصة أربع أنابيب طوربيد عيار 533 ملم، وأنبوبين عيار 650 ملم، يمكنها من خلالها إطلاق طوربيدات وصواريخ مضادة للغواصات من طراز "Tsakra RPK-2"، وصواريخ مضادة للسفن من طراز "Vodopad 86R"
كما يمكنها زرع ما يصل إلى 32 لغمًا بحريًا، وتضم الغواصة حزمة متطورة من أجهزة الاستشعار تشمل سونارًا ورادارات وأنظمة اعتراض إلكتروني، ما يمكنها من اكتشاف الأهداف والتعامل معها بفعالية عالية.
ووفقا للتقرير، يبلغ عدد أفراد طاقم "أوسكار-2" حوالي 107 أفراد، وهي مصممة لمهام طويلة الأمد توفر فيها للضباط الكبار كبائن فردية وصالة ألعاب رياضية، مما يعكس اهتمام الاتحاد السوفياتي بتحسين راحة الطاقم.
كما تحتوي على كبسولة هروب طارئة في البرج تتسع لنحو 110 أشخاص، وهي ميزة مشتركة مع غواصات "تايفون" تعكس التركيز على السلامة في حالات الطوارئ.
تم بناء 11 غواصة من طراز "أوسكار-2" في حوض "سيفماش" بمدينة "سيفيرودفينسك" بين عامي 1982 و1996، خُصصت 5 منها لأسطول الشمال و6 للمحيط الهادئ، مما يعكس التوجه الاستراتيجي السوفياتي نحو المسرحين الأطلسي والهادئ.
سلاح من زمن بارد لا يموت
بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، ظلت هذه الغواصات أولوية للبحرية الروسية، حيث جرى الحفاظ على جاهزيتها بشكل أفضل من باقي فئات الغواصات خلال فترة التسعينيات الصعبة اقتصاديًا.
وفي عام 2011، أطلقت روسيا برنامج تحديث شامل لغواصات "أوسكار-2" تحت اسم "مشروع 949AM"، بهدف إطالة عمر الخدمة وتحسين القدرات القتالية.
وشمل التحديث استبدال صواريخ "غرانيت" القديمة بصواريخ حديثة من طراز "كاليبر 3 أو "أونيكسP-800" التي تتميز بمدى أبعد ومرونة أكبر. كما تم تحديث أنظمة المعلومات القتالية، الملاحة، التحكم في النيران، والرادارات والسونار، لجعل الغواصات أقرب تقنيًا إلى غواصات "ياسِن" الحديثة.
وعلى الرغم من أن غواصات "أوسكار-2" تظل من بين أقوى الغواصات في العالم، فإن عمرها يتقدم تدريجيًا، ومن المتوقع استبدالها بغواصات "ياسِن" الأحدث.
ورغم ذلك، لا تزال موسكو متمسكة بهذه الغواصات لأنها تظل تهديدًا خطيرًا لحاملات الطائرات الأمريكية، خصوصًا في ظل تطور أسلحة مضادة لحاملات الطائرات.
aXA6IDIxNi43My4yMTcuMSA= جزيرة ام اند امز