سعد عبدالوهاب.. فنان "الأمل" الذي لحّن نشيد الإمارات الوطني
ألحان النشيد الوطني الإماراتي سبقت كلماته بنحو 16 عاما؛ إذ وضعها سعد عبدالوهاب عام 1971، ووضعت الكلمات التي تتماشى معها عام 1986
بإعلان قيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة في 2 ديسمبر 1971، تفجرت طاقة من الأمل في ربوع المنطقة العربية؛ إذ قدم حكام الإمارات السبع نموذجا يحتذى به في الاتحاد، وجاء النشيد الوطني معبرا عن هذه الحالة لحنا وكلمات.
وإذا كان قيام الاتحاد قد فجّر في حد ذاته طاقة من الأمل، فإن خير من يعبر عن ذلك هو الملحن المصري سعد عبدالوهاب، والذي اشتهر بأنه "فنان الفرحة والأمل والتفاؤل".
وظهر عبدالوهاب في ذروة مناخ غنائي سيطرت عليه أغاني الشكوى والدموع، فجاء الملحن الشاب الذي تخرج في كلية الزراعة جامعة القاهرة 1949 حاملا طابعا جديدا تميز بسرعة الإيقاع، الذي يعطي أحاسيس الفرحة والأمل والتفاؤل، ليثبت أنه سبق زمنه بعقود طويلة.
ورغم نشأة عبدالوهاب في بيت فني؛ إذ إن عمه هو موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، إلا أن المفارقة الغريبة أنه كاد ينخرط في بداية حياته بعيدا عن الفن؛ إذ عمل في شركة السكر بنجع حمادي، ولكن لم يستمر بها سوى 10 أيام فقط، حتى جاءته الموافقة من الإذاعة المصرية باعتماده مذيعا، ليستمر بالإذاعة المصرية لمدة 5 سنوات عمل خلالها مذيعا، إلى جانب ممارسته الغناء خلال تلك الفترة.
وحقق عبدالوهاب نجاحا سريعا لفت انتباه المخرج حسين فوزي الذي قدمه في أعمال سينمائية عدة، غير أن الحظ لم يبتسم له "سينمائيا"؛ إذ رأي عدد من النقاد أن أداءه السينمائي لا يتسم بالإحساس نفسه والعذوبة الموجودين في غنائه وألحانه.
عاند عبدالوهاب الصغير آراء النقاد، وقرر خوض تجربة الإنتاج بنفسه، وأنتج فيلم "أماني العمر" وظهر فيه ممثلا وملحنا لأغاني الفيلم، وشاركته البطولة الفنانة ماجدة الصباحي.
وعلى الرغم من النجاح الذي حققه الفيلم، شعر عبدالوهاب الصغير بأن عملية الإنتاج شاقة جدا، وغير مضمونة، فابتعد فترة عن التمثيل، وانتقل من القاهرة إلى بيروت ثم دمشق، وقضى فترة وهو يحاول تكوين نفسه، لإنتاج المزيد من الأعمال السينمائية.
وأثناء هذه الرحلة يفتح له عمه محمد عبدالوهاب أبواب السينما مرة أخرى، ويمنحه فرصة جديدة لتحقيق النجاح الذي رغب فيه، ليقدم أشهر وأهم أدواره السينمائية في فيلم "علموني الحب" الذي أنتجه عمه، ولعبت بطولته الممثلة إيمان.
وقدم عبدالوهاب الصغير في هذا الفيلم مجموعة من الأغاني المميزة والتي لا تزال محبوبة ومسموعة حتى الآن، ومن أهمها "الدنيا ريشة في هوا"، "على فين وخداني عنيك"، "قلب القاسي".
وبعد عرض الفيلم في السينما وتحقيقه نجاحا أكبر من باقي الأفلام التي شارك فيها عبدالوهاب الصغير، إلا أن ذلك لم يرضِ طموحه ولم يشعر بأن ذلك النجاح كافٍ، ليستمر في التمثيل، فابتعد عن الغناء والتمثيل في مصر نحو 20 عاما، سافر خلالها لدولة الإمارات العربية المتحدة ليعمل مستشارا للأغنية الوطنية في الإذاعة الإماراتية، ليلحن خلال تلك الفترة النشيد الوطني لدولة الإمارات.
ويحكي الشاعر الإماراتي الدكتور عارف الشيخ، قصة النشيد الوطني الذي وضع موسيقاه سعد عبدالوهاب في حديث إذاعي عبر إذاعة "نور دبي" عام 2010، قائلا: "وضع سعد عبدالوهاب بداية العام 1972 ألحان السلام الوطني قبل كتابة النشيد الذي جاء لاحقاً بتوصية من الوزير الإماراتي السابق، أحمد حميد الطاير، أثناء توليه وزارة التربية والتعليم بالإنابة، عام 1986".
وأضاف "ولأني كنت أعمل في الوزارة وقتها، كلفت بكتابة النشيد، مع الإبقاء على اللحن الموجود، وخلال 3 أيام فقط، وضعت الكلمات على لحن الموسيقار المصري سعد عبدالوهاب".
ويعد هذا العمل من أهم الأعمال التي يعتز بها عبدالوهاب الذي رحل عن عالمنا في عام 2004 تاركا ميراثا فنيا يتمثل في 7 أفلام وأكثر من 200 أغنية، وهو عدد قليل إلى حد كبير، لكنه استطاع أن يترك بها بصمة فنية واضحة.
aXA6IDMuMTI5LjQ1LjE0NCA=
جزيرة ام اند امز