صادق جلال العظم يفارق الحياة في منفاه
وفاة الفيلسوف والمفكر السوري صادق جلال العظم بمنفاه في برلين، عن عمر يناهز 82 عاما بعد صراع مع المرض.
بعد صراع مع مرض عضال، توفي الفيلسوف والمفكر السوري صادق جلال العظم، مساء الأحد 11 ديسمبر/كانون الأول، بمنفاه في برلين، عن عمر يناهز 82 عاماً.
ونعى الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب المفكر الراحل في بيان جاء فيه "رحيل صادق جلال العظم خسارة كبيرة لكنه الرحيل العارض الطارئ يقابله الحضور قويا ناصعا متواصلا من خلال ما تركه في الذاكرة.. وهنا يكمن العزاء."
وتابع البيان "إن الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب إذ ينعي إلى الوسط الثقافي العربي المفكر والأكاديمي والكاتب الكبير صادق جلال العظم وقد غادر دنيانا في منفاه بعد محنة المرض التي ألمت به ليعبر عن عميق ألمه داعيا له بالرحمة والمغفرة ولذويه ومحبيه وتلاميذه بالصبر والسلوان."
يعتبر العظم من أبرز مفكري سوريا والعالم العربي، ارتبطت مسيرته الثقافية بكثير من الجدل، بسبب آرائه التي كان ينحاز لها في الفلسفة والثقافة والسياسة والاجتماع، وهو الجدل الذي وصل لدرجة الملاحقات القانونية في بيروت بتهمة إثارة النعرات الطائفية والعنصرية بسبب كتابه الأشهر "نقد الفكر الديني" الذي نشر عام 1969، والتي انتهت بإنصاف حيثيات الحكم الصادر بحق العظم باعتباره يضم "أبحاثاً علمية فلسفية تتضمن نقداً علمياً فلسفياً".
ولد الراحل في دمشق عام 1934، وتخرّج في قسم الفلسفة بالجامعة الأمريكية ببيروت عام 1957، وحصل بعدها على الدكتوراه من جامعة "ييل" في الولايات المتحدة الأمريكية باختصاص الفلسفة المعاصرة، حيث قدّم أطروحته حول الفيلسوف الفرنسي "هنري برغسون".
شغل عدّة مناصب، من أهمها أستاذ للفلسفة والفكر العربي الحديث والمعاصر في جامعة نيويورك والجامعة الأمريكية في بيروت التي سيُفصل منها لاحقاً بعد الضجة الكبيرة التي أثارها صدور كتابه نقد الفكر الديني، ثم يغادر بيروت التي سُجن فيها لمدة بسيطة على خلفية هذا الكتاب للتدريس في الجامعة الأردنيّة، قبل أن يعود إلى دمشق ليعمل أستاذاً في جامعتها.
ترأّس صادق جلال العظم تحرير مجلة الدراسات العربية الصادرة في بيروت، ثم شغل منصب رئيس قسم الدراسات الفلسفية والاجتماعية في كلية الآداب بدمشق بين عامي" 1993-1998".
بعد تقاعده تنقل العظم بين جامعات عدّة في العالم، حيث عمل أستاذاً في جامعتي برنستون وهارفارد في أمريكا، وفي جامعات هامبورغ وهومبولت وأولدنبورغ في ألمانيا، وفي جامعة توهوكو في اليابان وفي جامعة أنتويرب في بلجيكا، وهو عضو في أكاديمية العلوم والآداب الأوروبية، ومن أهم المدافعين عن حقوق الإنسان في العالم العربي.
حاز العظم عدّة جوائز دوليّة، كان آخرها "وسام الشرف الألماني" من معهد غوته الألماني عام 2015، كما نال جائزة ليوبولد لوكاش للتفوق العلمي، التي تمنحها جامعة توبينغن في ألمانيا وجائزة إيرازموس الشهيرة في هولندا.
إلى جانب "نقد الفكر الديني" قدم العظم العديد من المؤلفات أبزها "الحب والحب العذري"، و"فلسفة الأخلاق عند هنري برغسون"، و"دراسات في الفلسفة الغربية الحديثة"، و"النقد الذاتي بعد الهزيمة"، و"دراسات يسارية حول القضية الفلسطينية"، و"الصهيونية والصراع الطبقي"، و"زيارة السادات وبؤس السلام العادل"، و"الاستشراق والاستشراق معكوساً".
كان ابنه قد نعى والده على صفحته على فيس بوك بقوله: “نعي من ابني صادق جلال العظم، عمرو وإيفان… وبالنيابة عن عائلته نعلمكم ببالغ الحزن والأسى وفاة والدنا صادق جلال العظم اليوم الأحد 11/12/2016 في منفاه برلين- ألمانيا، لم يعُد هناك من ينتقد ذواتنا بعد هزائمنا”.