«سايف».. قرض أوروبي موحّد لبناء ترسانة عسكرية عبر القارة

وضع الاتحاد الأوروبي اللمسات الأخيرة على خطة قروض ضخمة تبلغ 150 مليار يورو، تحت غطاء إعادة التسلح، في مواجهة تنامي التهديدات الروسية والغموض المتصاعد بشأن التزام الولايات المتحدة طويل الأمد بأمن القارة العجوز.
التحرك يعكس تحولًا نوعيًا في عقيدة الاتحاد الدفاعية، ويكرّس – لأول مرة بهذا الحجم – اقتراضًا مشتركًا لتمويل سباق تسلح أوروبي، تهيمن عليه اعتبارات استراتيجية متشابكة تتجاوز الحدود الاقتصادية التقليدية.
- تحديات أمام «الردع الأوروبي» بعد رفع مظلة الدفاع الأمريكية
- روسيا والناتو.. «مناطق تماس» ساخنة ترسم معادلة الأمني الأوروبي
«سايف».. خطة استثنائية
الخطة التي أطلقتها بروكسل في مارس/آذار الماضي تحت مسمى «SAFΕ» (الآلية الأوروبية للقدرات الدفاعية)، تمثل خروجًا عن الأعراف المالية الأوروبية الصارمة التي لطالما حدّت من اللجوء إلى الاقتراض المركزي.
ومع تآكل المظلة الأمريكية التقليدية في عهد ترامب وتزايد القلق من انكفاء واشنطن عن التزاماتها عبر الأطلسي، برزت الحاجة إلى منظومة دفاع ذاتي أوروبية، يكون فيها التمويل المشترك أداة لتعزيز الصناعات العسكرية والقدرات الدفاعية الجماعية.
ورغم الخلافات التي استمرت لأسابيع بين الدول الأعضاء حول كيفية إنفاق الأموال وتوزيعها، انتهى الأمر باعتماد الصيغة الأولية التي تتيح توريد 35% من قيمة الأسلحة من خارج الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك أوكرانيا، ما يفتح الباب أمام تعزيز التحالفات الدفاعية العابرة للحدود، ويمنح كييف متنفسًا في حربها الطويلة مع موسكو.
اتفاقات ما بعد «بريكست»
الملف لم يخلُ من أبعاد سياسية تتجاوز روسيا، إذ جاء الاتفاق بالتزامن مع إعلان شراكة دفاعية جديدة بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، كجزء من عملية «إعادة ضبط» للعلاقات بعد «بريكست».
فبينما لا تزال لندن تحتاج إلى اتفاق منفصل للدخول الكامل إلى البرنامج، فإن التفاهم يعكس تقاطع المصالح الدفاعية من جديد، ويُعيد تشكيل المحور الأوروبي-البريطاني على قاعدة أمنية، بعدما تمزقت سياسيًا واقتصاديًا في السنوات الماضية.
بداية «ناتو أوروبي»؟
وشكّل غياب ضمانات أمريكية راسخة، والتردد المستمر داخل واشنطن بشأن دعم أوكرانيا، دافعًا رئيسيًا للدول الأوروبية – خصوصًا فرنسا وألمانيا – للمضي في بناء قدرة ردع مستقلة.
والتمويل المركزي هو أولى لبنات هذا المشروع، رغم أنه لا يزال بعيدًا عن تشكيل قوة عسكرية موحدة، لكنه يؤسس لبنية صناعية ودفاعية تشكّل نواة اكتفاء ذاتي استراتيجي.
ومن المنتظر أن يُوقع الوزراء الأوروبيون رسميًا على النص النهائي في اجتماع بروكسل يوم 27 مايو/أيار، ما يعني أن الأسابيع القليلة القادمة ستشهد سباقًا محمومًا داخل العواصم الأوروبية لتحديد أولويات التمويل، وربما صراعات خفية بين الشركات الدفاعية حول عقود الإنتاج والتوريد، في ظل فتح جزء من السوق أمام أوكرانيا ومصنّعين من خارج التكتل.
aXA6IDMuMTQyLjIzNi4yMTIg جزيرة ام اند امز