صالح والحوثي.. تحالف بصيغة "عض الأصبع"
إعلان المنقلبين على الشرعية في اليمن، عن تشكيل حكومة جديدة، بدا طيا مؤقتا لخلافات أنتجها تحالف بصيغة "عض الإصبع"
بدا إعلان المنقلبين على الشرعية في اليمن عن تشكيل حكومة جديدة طياً مؤقتاً لخلافات مزمنة، فالجروح العميقة التي خلفتها سنوات الحروب الست بين على عبد الله صالح والحوثيين لن تمحى، حتى لو أجل إلحاحها تحالف الضرورة، لأنه تحالف مبنى على صيغة "عض الإصبع".
ويقول الباحث في الشؤون اليمنية محمود غريب لـ"العين"، إن "الصيغة المعقدة لتحالف مبني على المصالح الشخصية ومشحون بتوترات الماضي لا ينتج إلا صيغة الضرورة"، ويعتقد غريب أن صالح المفزوع من عقوبات مجلس الأمن والمجتمع الدولي في حاجة لأن يستر عوراته برداء الحوثي الممزق، الذي لا يكفي لكنه يفي بالغرض في الوقت الراهن.
وكان مجلس الأمن قد جمد أموال صالح العام قبل الماضي، كما وضع اسمه في القائمة السوداء الأمر الذي يمنع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة من منحه تأشيرة للدخول إلى أراضيها.
ويستفيد صالح من أن الحوثي يملك القدرة على الجلوس على موائد مفاوضات دولية كطرف معترف به وإن ارتضى صيغة المعتدي، وهو أمر لا يملكه صالح، لكنه يملك في المقابل خبرات أمنية وعسكرية ونفوذ في جيش عكف ما يزيد على 3 عقود لبناء عقيدته على الولاء له لا للوطن، بحسب المراقبين.
ويصف المراقب اليمني محمود طاهر اللحظة الراهنة بأنها "شهر عسل مؤقت" بين الحوثي وصالح، فالحوثي يحمل آثام صالح مضطراً، وهم لن ينسوا بسهولة الدرس الذي لقنهم إياه في تعز.
ويقول طاهر، إن " الحوثي حينما قرر أن يذهب منفرداً إلى صلالة للجلوس دون تنسيق مع صالح على مائدة تفاوض، أمر صالح عناصره في الجيش بالانسحاب، ما كبد الحوثي خسائر فادحة.. اعتقد أنهم تعلموا من هذا الدرس ودروس أخرى".
ويشير غريب في هذه الإطار، إلى أن الشهور الماضية شهدت وصول الخلاف بين الطرفين إلى ذروته، حيث نزع صالح غطائه المخابراتي والأمني عن الحوثيين قليلي الخبرة ما سمح للقوات الشرعية في اليمن والتحالف استهداف العديد من قيادات الحوثيين.
وأعلن المتمردون في اليمن ما أطلقوا عليه حكومة إنقاذ وطني من 42 حقيبة وزارية في رقم بدا مستغرباً للعديد من المراقبين، ويعكس مدى عمق الخلاف بين الجانبين ما استدعى اختلاق حقائب وزارية لتسويق الحكومة في أوساط الأنصار.
لكن صالح نجح بعد سلسلة دروس قاسية للحوثي في انتزاع الحقائب السيادية وعلى رأسها وزارة الدفاع التي ذهبت للواء محمد ناصر العاطفي أحد أتباع صالح.
وأعلن مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد أمس أن تشكيل الحوثيين وحلفائهم لحكومة في صنعاء لا يساعد البلاد أو عملية السلام.
وقال ولد الشيخ، إن "تشكيل الحوثيين لحكومة هو عقبة جديدة ومثيرة للقلق أمام عملية السلام، ولا يخدم مصالح الشعب اليمني في هذه الأوقات الصعبة"، مضيفاً أنه "لا تزال هناك فرصة لإبعاد اليمن عن حافة الهاوية"، داعياً جميع الأطراف إلى إعادة الالتزام بوقف الاقتتال.
وسيحافظ صالح على تحالفه مع الحوثي طالما بقي لدى الأخير القدرة على البقاء على موائد المفاوضات الدولية، وسيظل الحوثي في حاجة إلى صالح طالما يملك الأخير مفاتيح الحركة على الأرض؛ فاقد الشرعية يختبئ خلف المتداعي، والمتداعي يعتمد على فاقد الشرعية.. هذه هي الصيغة التي أنجبت في الأخير حكومة الـ42 وزيراً"، بحسب المراقبين.