عودة مثيرة لـ«ألتمان» إلى «أوبن ايه أي».. مفجر ثورة شات جي بي تي

كشف الرئيس التنفيذي لشركة "أوبن ايه أي OpenAI" سام ألتمان كيف احتفل بعودته إلى منصبه في أعقاب زوبعة في العامين الماضيين.

وبعد إصدار ChatGPT في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2022، أصبح ألتمان في طليعة سباق الذكاء الاصطناعي، وقد التحق بقادة العالم، وتنازع مع إيلون موسك، وانضم إلى نادي المليارديرات، لكن ألتمان تم فصله من الشركة التي شارك في تأسيسها لفترة وجيزة، مما أحدث هزة في عالم صناعة التكنولوجيا قبل أن يضمن عودته بسرعة.

ونقل تقرير لبيزنس إنسايدر عن ألتمان تصريحاته في البرنامج الإذاعي التكنولوجي "The Logan Bartlett Show" إنه إذا كان لديه شيء مميز ليذكره فهو فترة الأربعة أيام التي تم فيها طرده من OpenAI، وليس بسبب الإقصاء نفسه، وقال ألتمان إنه كان عليه التعامل مع سلسلة غير عادية من الأحداث، وصفها بأنها "مجنونة ومزدحمة للغاية"، إذ كان جسده في "حالة مشحونة بالأدرينالين".

• مفاجأة.. عودة سام ألتمان إلى منصب الرئيس التنفيذي لـ«أوبن أيه آي»

وفي غضون يوم واحد من الإطاحة به قال ألتمان إنه تلقى ما بين 10 و20 رسالة نصية من رؤساء ورؤساء وزراء من جميع أنحاء العالم. وقال إن الأمر بدا حينها "طبيعيا جدا"، ورد على الرسائل وشكر القادة دون انزعاج.

وجبة ثقيلة

وقال ألتمان لمضيف البودكاست لوجان بارتليت "لقد كان الأمر غريبا، مثل عدم النوم كثيرا، وعدم تناول الطعام حقًا، ومستويات الطاقة، عالية جدا، واضحة جدا، ومركزة جدا".

وبمجرد حصوله على إعادته إلى منصبه كرئيس تنفيذي بعد بضعة أيام، قال إنه توقف عند مطعم في طريقه إلى نابا في اليوم السابق لعيد الشكر، وأدرك أنه لم يأكل منذ أيام. وقال إنه من الطبيعي أن يطلب أربعة مقبلات "ثقيلة"، بالإضافة إلى "اثنتين من مخفوق الحليب". وقال ألتمان إن الوجبة الاحتفالية كانت "مرضية للغاية".

لكن الرئيس التنفيذي قال إن الوضع لم يصدمه حقا حتى تلقى رسالة نصية من الرئيس، قال فيها إنهم سعداء بحل كل شيء، قال ألتمان إن ذلك جعله يدرك قدرة الإنسان على التكيف مع أي ظرف من الظروف.

وقال ألتمان في البودكاست "إن ما أفهمه هو أن قدرة الإنسان على التكيف مع أي شيء تقريبا هي أقوى بكثير مما ندرك"، ويمكنك التعود على أي شيء باعتباره الوضع الطبيعي الجديد، سواء كان جيدا أم سيئا، بسرعة كبيرة"، وقال إن هذه ليست المرة الأولى التي يتعلم فيها هذا الدرس، وإنه تعلمه عدة مرات خلال العامين الماضيين.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أعلنت الشركة الرائدة في صناعة الذكاء الاصطناعي أن مؤسسها المشارك ألتمان سيعود إلى منصب الرئيس التنفيذي للشركة، بعد أيام من إقالته. وفي وقت سابق على الإعلان، وقّع نحو 700 من أصل 770 موظفاً في الشركة الناشئة التي تتخذ مقراً لها في كاليفورنيا رسالة يهددون فيها بترك الشركة في حال رفض مجلس الإدارة عدم عودة ألتمان، على ما نقلت وسائل إعلام كثيرة.

وكان مجلس إدارة الشركة قد وجه اتهاما لسام ألتمان بإعطاء أولوية للتطور السريع لـ"أوبن إيه آي"، الشركة التي ابتكرت برنامج "تشات جي بي تي"، دون تخصيص وقت لتحليل المخاطر المرتبطة بذلك، حسب وسائل إعلام أمريكية.

من هو سام ألتمان؟

سام ألتمان البالغ من العمر 38 عاما حاليا هو ابن الطبقة المتوسطة الذي ولد في ضواحي سانت لويس، وهو الابن الأكبر بين أربعة أبناء، وفي عام 2003 التحق "ألتمان" بجامعة ستانفورد لدراسة علوم الكمبيوتر، ثم ترك الجامعة بعد ذلك بعامين للعمل بدوام كامل في الشبكة الاجتماعية التي شارك في تأسيسها "لوبت".

وذكرت مجلة "تايم" أن "لوبت" التي أصبحت جزءا من المجموعة الأولى المكونة من ثماني شركات التي انضمت إلى الشركات الناشئة "واي كومبيناتور" بيعت مقابل 43 مليون دولار في عام 2012، وحققت لـ"ألتمان" صافي 5 ملايين دولار.

وقام "بول جراهام" المؤسس المشارك لـ"واي كومبيناتور" بتعيين "ألتمان" ليحل محله كرئيس في عام 2014.

ألتمان والذكاء الاصطناعي

بدأ "ألتمان" في التفكير بالذكاء العام الاصطناعي "إيه جي آي"، وتحدث مع "إيلون ماسك" المدير التنفيذي لـ"تسلا" الذي يشاركه مخاوف مماثلة ليس فقط حول أنظمة الذكاء الاصطناعي الأكثر ذكاءً من البشر، ولكن أيضا حول الشركات المسؤولة عن مثل هذه الأنظمة.

ووضع "ماسك وألتمان" تصورا لمختبر غير هادف للربح يعمل كبديل للشركات التي تسعى لتحقيق الربح والتي تعمل على تطوير تكنولوجيا مماثلة.

وفي عام 2015، تأسست "أوبن إيه آي" التي طورت لاحقا روبوت الدردشة المدعوم بالذكاء الاصطناعي "شات جي بي تي" بمكتب في مصنع أمتعة تم تحويله في سان فرانسيسكو، ومن بين المؤسسين المشاركين لها "ألتمان" و"ماسك" و"إيليا سوتسكيفر" الذي شارك في السابق بفريق "غوغل برين"، ورئيس الشركة الحالي "جريج بروكمان".

وفي الأيام الأولى لـ"أوبن إيه آي" ظل "ألتمان" رئيسا لشركة "واي كومبيناتور" وظل مشاركا عن بُعد.

وفي 2017، عندما انزعج "ألتمان" من تولي "دونالد ترامب" رئاسة الولايات المتحدة، فكر في الترشح لمنصب حاكم ولاية كاليفورنيا لكنه لم ينفذ الفكرة، وصرح قائلاً: كان من الواضح للغاية بالنسبة لي أن العمل بمجال الذكاء الاصطناعي يناسبني أكثر، وإذا تمكنا من النجاح، سيكون الأمر أكثر إثارة للاهتمام وتأثيرا بالنسبة لي.

وفي 2019، بدأ "ألتمان" التركيز بشكل كامل على "أوبن إيه آي" وأصبح المدير التنفيذي لها، خاصة بعد وضع نموذج ربح محدد، وترك "واي كومبيناتور".

وجمع أول استثمار بقيمة مليار دولار من "مايكروسوفت" الذي سيوفر خدمة "آزور" السحابية لنماذج الذكاء الاصطناعي الكبيرة لدى "أوبن إيه آي"، لتوسيع نطاقها ثم تضخم هذا الاستثمار ليصل حاليا إلى 13 مليار دولار.

وبعد عدة سنوات من العمل على نماذج الذكاء الاصطناعي أرادت "أوبن إيه" إطلاق أدوات الـ"إيه آي" الخاصة بها لعدد أكبر من الأشخاص، وكانت تأمل في أن يؤدي إعطاء الجمهور فكرة عن النماذج الخاصة بها إلى جذب التمويل والحصول على تعليقات بشأن تحسين تلك النماذج.

مما أسفر عن شعور بعض الأشخاص من داخل الشركة بالقلق من أنها تبتعد عن مهمتها الأصلية، لذلك استقال العديد من الموظفين لتأسيس مختبر منافس باسم "أنثروبيك" بقيادة "داريو أمودي" كبير باحثي السلامة لدى "أوبن إيه آي".

نقطة تحول في مسيرة ألتمان

غير "ألتمان" اسم روبوت الدردشة الخاص بالشركة من "Chat with GPT-3.5" إلى آخر أقل تعقيدا وهو "شات جي بي تي" وأطلقه في نوفمبر/تشرين الثاني 2022.

وعقب مرور خمسة أيام فقط، وصل عدد المستخدمين إلى مليون، ثم ارتفع حاليا قرب الـ100 مليون مستخدم، وهو الرقم الذي استغرقت "ميتا" الشركة الأم لـ"فيسبوك" أكثر من أربع سنوات للوصول إليه.

والتقى "ألتمان" في العام الماضي برئيس الوزراء الهندي "ناريندرا مودي" والرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون" والرئيس الكوري الجنوبي "يون سوك يول" من أجل النقاش حول تنظيم الذكاء الاصطناعي.

واتجه "ألتمان" أيضا نحو إطلاق "ورلد كوين"، وهي عملة مشفرة تعتمد على القياسات البيومترية التي تهدف لمواجهة تحديات الهوية عبر الإنترنت.

ولكن بصورة مفاجئة أطاح مجلس إدارة الشركة بـ"ألتمان" من منصب المدير التنفيذي في ديسمبر/كانون الأول 2023، مما أدى لاعتراض الموظفين وتهديد نحو 700 منهم بالاستقالة، ليتم إعادته للشركة بعد أيام فقط.

وتواصل "أوبن إيه آي" حاليا العمل على تطوير روبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي.