مؤلفة "حكاية حب" تكشف لـ"العين الإخبارية" أسرار وخفايا سمير صبري (حوار)
بعد أشهر من رحيل الفنان الكبير سمير صبري عن عالمنا كرمه مهرجان الإسكندرية السينمائي بإصدار كتاب يوثق مسيرته ويكشف جوانب خفية من حياته.
الكتاب حمل عنوان "سمير صبري.. حكاية حب" وكتبته الصحفية هبة شوقي، التي قضت سنوات بالقرب من الراحل وأجرت معه العديد من الحوارات وكانت بصدد نشر مذكراته عبر حلقات بصوته لكنه تراجع عن الأمر.
وشارك الكتاب في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2023 كأول طرح للجمهور بعد إصداره في المهرجان السينمائي، وتناول عبر 5 فصول الكثير من الخفايا عن سمير صبري خاصة ما يتعلق بدوره في حرب أكتوبر 1973، والجانبين المتصوف والإنساني في شخصيته.
"العين الإخبارية" أجرت حوارا مع الصحفية هبة شوقي بعد اتهامها للراحل بالتهرب من اتفاقه معها بنشر مذكراته، ردت خلاله على تبريرات مديرة أعماله وكشفت العديد من الخفايا والأسرار.
وإلى نص الحوار:
بداية، لماذا اخترت سمير صبري للكتابة عنه؟
أنا لم أفكر في إصدار كتاب عن سمير صبري، لكن رئيس مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط الأمير أباظة طلب مني العام الماضي بعد وفاة سمير مباشرة أن أكتب عنه كتابا.
ولماذا اختارك أنت؟
لأنه كان يعرف مدى قربي من الراحل، وأيضا لمعرفته المسبقة بطرحي فكرة نشر مذكراته في مجلة "صباح الخير" التي تصدر عن مؤسسة روز اليوسف.
ووافقت على طلب رئيس مهرجان الإسكندرية السينمائي؟
في البداية ترددت كثيرا ورفضت لأن الراحل كان أصدر مذكراته "حكايات العمر كله"، فقلت لرئيس المهرجان ما الجديد الذي أقدمه؟ لكنه أصر وأخبرني أنه يثق في قدراتي ومهنيتي لتقديم شيء مختلف، ثم أخذت الكثير من الوقت لأفكر لأن الكتاب سيحمل اسمي ولا بد أن أجد محتوى جديدا لأقدمه.
ومن خلال ربطي بين الجانبين الصحفي، المجال الذي أعمل فيه، والأكاديمي، باعتباري باحثة دكتوراه في الإعلام، استطعت أن أقدم مواضيع مختلفة في الكتاب.
وما هي المصادر التي اعتمدت عليها في الكتاب؟
بحثت في كل مكان أستطيع أن أجد فيه تاريخ سمير صبري الذي لم يكشفه لأحد ولم يحكه لي، فذهبت إلى أرشيف جريدة الأهرام والمركز الكاثوليكي وبحثت في كل ما وثقته الصحافة بشأنه منذ دخوله مجال الفن.
بالعودة لفكرة المذكرات، هل فعلا طرحت على الراحل كتابتها؟
انطلاقا من علاقتي الجيدة جدا بسمير صبري، طلب مني رئيس تحرير مجلة "روز اليوسف" إبراهيم خليل في عام 2017 أن أطرح على صبري نشر مذكراته على هيئة حلقات في المجلة.
وبالفعل جلست مع سمير وطرحت عليه الأمر ووافق، لكن بعد موافقته بأقل من أسبوع حدثت تغييرات صحفية وتولى شخص جديد منصب رئيس تحرير المجلة، وبطرح الفكرة عليه رفضها تماما.
في العام التالي انتقلت من "روز اليوسف" إلى مجلة "صباح الخير" الصادرة عن المؤسسة ذاتها، ووقتها طلب مني رئيس التحرير طارق رضوان إحياء فكرة نشر مذكرات سمير صبري في مجلتنا، باعتباره مخزونا هائلا من المعلومات.
عدت للراحل وأخبرته بالأمر ووافق لكن طلب أن نعقد اجتماعا ثلاثيا يحضره رئيس التحرير حتى لا يحدث مثلما حدث سابقا، وهذا ما حدث حيث حضر إلى مقر المجلة وعقد اجتماعا مع رئيس التحرير في حضوري، ووافق على إحدى فكرتين طرحتهما عليه مضمونها أن ننشر حلقة أسبوعية بعنوان "حكاية كل أسبوع" يحكي فيها سمير صبري أسرارا تكشف لأول مرة إما عن فنان أو فيلم.
وما الذي أوقف المشروع؟
في اليوم التالي اتصل بي الراحل وسألني عن موعد بدء تسجيل الحلقات وأخبرته أنني جاهزة في أي وقت، ثم بعد ذلك اختفى بدون أسباب ولم يرد على اتصالاتي وفهمت أنه غير رأيه.
هذا يعني أنكما لم تتحدثا منذ 2018 حتى وفاته؟
لا تقابلنا كثيرا وتحدثنا بعد ذلك وأجريت معه حوارا سياسيا في منزله، لكن ما يخص جزئية المذكرات لم نتحدث فيها وهو لم يخبرنِ حتى بسبب تراجعه عن نشر الحلقات في مجلتنا.
بالعودة للكتاب، ما رد فعل أسرته ومديرة أعماله تحديداً على العمل؟
مبدئيا أشك كثيرا أن الراحل كانت لديه مديرة أعمال، لأني من تعاملي كثيرا معه لم يكن يحب عمل الفتيات معه وكان معه شابين يديران أعماله وهو من كان يرد على تليفونه الشخصي، وهذا على الأقل حتى آخر تواصل بيننا في عام 2020.
وهي ردت بعدما رويت واقعة تهربه من تسجيل مذكراته مع مجلة "صباح الخير" بأنه لم يكن يحب إحراج أي شخص، وهذا رد ضعيف لأن كل ما دار بيني وبين الراحل بشأن كتابة المذكرات حدث في وجود شهود على قيد الحياة، وكل كلامي في هذا الأمر بالمستندات والدلائل.
ولماذا فكرت في كتابة مذكرات سمير صبري؟
بالتأكيد، سمير صبري كنز من المعلومات وأراه مخزون أسرار كل النجوم، وأعتقد أنه لم ولن يأتي فنان مثله قريب من كل الفنانين بكل أعمارهم، وبعيدا عن مجال الفن كان الراحل شخصا مثقفا جدا ومتعدد الثقافات ويتحدث العديد من اللغات ولديه رؤية سياسية عميقة.
ما المختلف أو المميز في كتابك عن مذكراته التي نشرها "حكايات العمر كله"؟
أولها الجانب الإنساني الذي لم يذكره في مذكراته ولا يعرفه أحد سابقا، فضلا عن الجانب الديني وعلاقته بالله عز وجل.
حدثينا عن الكتاب، مما يتكون وما أبرز عناوينه؟
الكتاب يتضمن 5 فصول، الأول يحمل عنوان "بيتر والعندليب" ويحكي عن بداية علاقته مع عبدالحليم حافظ باعتبار الأخير باب دخول صبري إلى السينما.
أما الفصل الثاني فينقسم إلى جزأين: الأول بعنوان "الجندي المقاتل" ويتحدث عن جانب خفي ودور مهم لعبه الراحل في حرب أكتوبر 1973 حيث استخدمته السلطة المصرية كأداة لتضليل العدو وتنفيذ عمليات وطنية سرية، فضلا عن إعداده تقريرا للتلفزيون المصري بشأن ما يحدث في سيناء وقت الحرب.
أما الثاني فحمل عنوان "الكنز المفقود" والمقصود به برنامجه "النادي الدولي" الذي أذيع على التلفزيون المصري، وتحدثت عن أهم حلقاته التي أجراها مع زعماء من مختلف دول العالم.
وأعتقد أن من أهم وأفضل حلقات البرنامج استضافته الجاسوسة المصرية انشراح علي موسى التي أجرى معها حوارا بعد صدور حكم بإعدامها وبعد الحلقة ألغته السلطات، وأرى أن هذا الحوار يدرس لطلبة إعلام والعاملين في المجال.
الفصل الثالث أيضا كان عبارة عن جزأين: الأول بعنوان "المصري الأصيل" وتضمن مواهبه المتعددة وخلفياته وما يميز هذا الجزء ما أسميه بـ"سمير المجهول" أو "النجم المتصوف".
لماذا أطلقت عليه "النجم المتصوف"؟
عندما اقتربت من شخصيته وبحثت في تاريخه اكتشفت أنه كان قريبا من الله، حيث كان يؤدي الفرائض والطقوس الدينية دون أن يعلن ذلك نهائيا.
ومن ضمن الوقائع في هذا الإطار أنه كان يصلي إماما بطاقم تصوير بعض أعماله، وسبق وأوقف تصوير أحد أعماله ذات مرة ليصلي بالعمال وكانت له واقعة لطيفة مع عامل تخلف عن الصلاة.
لنعُد للكتاب، ماذا عن بقية الأجزاء؟
الجزء الثاني من الفصل الثالث تحدثت فيه أيضا عن علاقته بالفنانين الذين يبتعدون عن الأضواء، فكان دائم الزيارة والمساندة لهم وذات مرة كنت أزور الراحلة مديحة يسري ووجدته عندها، وبعدما مضى سألتها عمن يزورها قالت هو فقط.
والفصل الرابع كان عن شهادات النجوم وتحدث فيه نجوم كثر عن الجانب الإنساني للراحل وقصوا علينا مواقف إنسانية جمعتهم سويا، من بينهم النجوم نبيلة عبيد وإلهام شاهين وبوسي وهدى رمزي ووفاء عامر وشيرين وعفاف شعيب وحسن يوسف وشمس البارودي، التي حكت أن آخر لقاء جمع الراحل بأصدقائه كان في نادي الجزيرة قبل وفاته بـ4 أيام وحضرته هي وزوجها وسميرة أحمد وآخرين من خارج الوسط الفني.
وأعتقد أن أهم كلام قيل في هذا الفصل كان للمخرج الكبير محمد عبدالعزيز الذي وصفه بـ"صديق العمر"، وحكى الكثير من التفاصيل الدقيقة التي لا يستطيع أحد الحديث عنها غيره.
حدثينا عن بعض الخفايا التي يعرضها الكتاب
قصة "الأسير المزيف" إحدى الحكايات المهمة التي يتناولها الكتاب، فسبق وحكى لي الراحل أنه أجرى حوارا باللغة العبرية مع أسير إسرائيلي كان محتجزا في مصر وقتها يدعى "عساف ياجوري" بمساعدة الإذاعية إيناس جوهر لعرضه في برنامجه "النادي الدولي" الذي كان يقدمه، لكنه مُنِع من العرض.
وبعودتي للإذاعية القديرة أخبرتني أن الأمر لم يكن كذلك، ومَن أجرى الحوار هي بصحبة كبير الإذاعيين آنذاك أحمد الحملي، وأوضحت لي أن ما فعله صبري في برنامجه كانت حلقة شبه كوميدية وحوار تخيلي بمساعدة الفنان الراحل سمير غانم الذي كان يقف بظهره مؤديا دور "الأسير المزيف".
وحكت لي أن الجمل العبرية التي كتبها فريق الإذاعة للفنانين لم يستطع غانم نطقها وانقلب اللقاء إلى كوميدي بسبب ذلك، لكن صبري كان يتحدث العديد من اللغات وبالتالي نطق العبري كان سهلا بالنسبة له.
في فصل "بيتر والعندليب" تحدثت عن علاقتها حيث كان صبري مهووسا بعبدالحليم حافظ، والطريق أنه ظل يخدعه نحو عام حيث أوهمه أنه طفل إنجليزي يدعى "بيتر" ويحب العندليب كثيرا وساعده في إتقان هذه الخدعة جودة لغته الإنجليزية، واكتشف حليم الكذبة صدفة فيما بعد وكان هذا الموقف سببا في قوة صداقتهما.
وفي إطار علاقتهما من الخبايا التي أعرضها في الكتاب قصة "قارئة الفنجان"، حيث استغل حليم برنامج سمير "النادي الدولي" للترويج لأغنيته التي تحمل هذا العنوان، ففي حلقة استضاف فيها صبري الفنانة نيللي والعندليب قام الأخير بعدما انتهت نيللي من تناول فنجان قهوتها بقلبه وهو يغني مقطعا من القصيدة.
من الخفايا أيضاً والتي حكتها لي الممثلة وفاء عامر وأدرجت في الكتاب ضمن باب "شهادات النجوم"، أنه عندما مثلا سويا مسلسل "كاريوكا" نسي الراحل في أحد المشاهد أنني وفاء وأمسك بيدي وقبلها وظل يبكي في كواليس التصوير.
بعد بحثك المكثف، مَن هم أقرب أصدقاء سمير صبري من الوسط الفني؟
عبدالحليم حافظ كان أقرب أصدقائه، وتحية كاريوكا أيضا كانت بمثابة أمه وكان يحبها كثيرا ووقف بجوارها بقوة خاصة في آخر مراحل حياتها، فضلا عن قربه من سامية جمال وسعاد حسني ونجوى فؤاد وغيرهن. ورغم أنه قدم أشهر أفلامه مع "الزعيم" إلا أن علاقة الراحل بعادم إمام لم تكن قوية.
aXA6IDE4LjIxNy4xMC4yMDAg جزيرة ام اند امز