خنادق الرمل في مونغونو النيجيرية.. «حصن طبيعي» ضد الإرهاب (صور)

من الجو، تبدو أشبه بحصن مع خنادقها الرملية العميقة، وقد حافظت هذه الدفاعات على أمنها بمواجهة تصاعد هجمات الإرهابيين.
إنها بلدة مونغونو الحصينة، الواقعة في ولاية بورنو المضطربة شمال شرقي نيجيريا، والتي تعد ملاذا آمنا للأهالي من هجمات تستهدف قواعد عسكرية في المنطقة في حرب طاحنة مستمرة منذ 16 عاما.
وتراجعت حدة القتال في بورنو منذ بلوغها الذروة في 2015 فيما أُرغم الإرهابيون على التراجع.
لكن مسلحين من تنظيم «داعش - ولاية غرب أفريقيا» أو منافسته جماعة بوكو حرام الإرهابية، هاجموا أو سيطروا موقتا على 12 قاعدة عسكرية هذا العام في بورنو وولاية يوبي المجاورة.
وكانت مونغونو نفسها قد سقطت لفترة وجيزة في أيدي الإرهابيين عام 2015.
ومنذ 2019، انسحب الجيش النيجيري من قرى وقواعد أصغر ليتموضع فيما يطلق عليها "معسكرات قوية" أو بلدات حامية، للحفاظ على قواته.
لكن المنتقدين يعتبرون أن ذلك يمنح الإرهابيين حرية تحرك أكبر في المناطق الريفية.
العبوات الناسفة
وتنتشر في الطرق المؤدية إلى مونغونو حواجز تهدف إلى إبطاء السيارات التي تقترب.
وفور اجتيازهما آخر الخنادق الواقعة شمالا باتجاه شواطئ بحيرة تشاد حيث تكثر وتيرة الهجمات، يقوم جنديان مزودان بأجهزة للكشف عن المعادن بمسح الطريق.
ويقول الميجور أولوافيمي سيينغبو (37 عاما) رئيس وحدة نزع الألغام هذه إن: "نقوم بتطهير هذا الطريق البالغ طوله 10 كيلومترات لإبطال مفعول أي عبوات متفجرة ربما تم إخفاؤها ليلا".
وبحسب دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام، فقد ارتفع عدد انفجارات العبوات الناسفة البدائية الصنع بشكل كبير في 2024 في ولايات شمال شرق نيجيريا الثلاث، ما أسفر عن مقتل 418 مدنيا في عام 2024، وهو ضعف العدد في عام 2023.
وتؤمن 12 نقطة تفتيش يشرف عليها الجيش مختلف المداخل إلى مونغونو.
ويرأس الميجور فرايدي فييكو (37 عاما) إحدى تلك النقاط.
وقال "في مارس/آذار (الماضي)، تصدينا لهجومين في أسابيع قليلة. وصل المهاجمون بأعداد كبيرة مزودين أسلحة ثقيلة".
ومذاك تم تجهيز نقطة التفتيش ببرج مراقبة ضخم مغطى بشباك تمويه ومدفع رشاش من عيار 12,7 ملم.
ومونغونو محصنة منذ السنوات الأربع الماضية لصد هجمات جماعة بوكو حرام المتطرفة.
وفي ذروة عملياتها عامي 2013 و2014، تصدرت الجماعة عناوين الصحف العالمية لاختطافها ما يقرب من 300 تلميذة من شيبوك الواقعة أيضا في بورنو.
وآنذاك، كان الإرهابيون يسيطرون على منطقة مساحتها 30 ألف كيلومتر مربع تمتد عبر الدول المحيطة ببحيرة تشاد.
"سلام وأمن
وأصبحت مونغونو ملاذا آمنا لسكان بورنو بفضل وجود قوة المهام المشتركة المتعددة الجنسيات، التي تضم جنودا من 3 دول تقع على بحيرة تشاد هي نيجيريا وتشاد والكاميرون، إضافة إلى بنين.
وتحتضن هذه القاعدة الشاسعة قيادة القطاع النيجيري للقوة المشتركة.
وخارج قاعدة مونغونو، كان عمر بولام يحمل رفشا ويعمل بأمان تام.
وقال الرجل البالغ 30 عاما "كانت لدي قطعة أرض تبعد أكثر من خمسة كيلومترات من هنا، واضطررتُ للتخلي عنها بعد أن نهبت بوكو حرام محاصيلي وأسمدتي".
أما حواء غاربا فتؤكد "هنا يسود السلام والأمن".
ووصلت المرأة البالغة 35 عاما إلى مركز تسجيل النازحين في مونغونو قبل شهرين قادمة من جنوب النيجر المجاورة حيث عاشت 11 عاما.
وقالت الأم لسبعة أطفال بصوت خافت إن الإرهابيين وصلوا إلى قريتها "في منتصف الليل وقتلوا الكبار واختطفوا الأطفال"، وليس لديها أي أخبار عن ابنتها عائشة البالغة 15 عاما والتي اختطفت في تلك الليلة.
وتؤوي ولاية بورنو وحدها ما يقرب من نصف النازحين في نيجيريا،والبالغ عددهم 3,6 ملايين شخص، وفقا للأمم المتحدة.
ويقول الباحث في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي فنسان فوشيه إن "نيجيريا نجحت في منع الجماعات الإرهابية من الاستيلاء على المدن الكبرى كما فعلت في عامي 2013 و2014 أو 2016".
لكن على الرغم من شبكات الخنادق المُعززة والمراقبة الجوية، فإن البلاد "لا تزال تواجه صعوبة كبيرة في مهاجمة الإرهابيين في قلب أراضيها في المناطق النائية" وفق الباحث.
ويثير تجدد الهجمات قلقا بالغا نظرا لامتلاك الجماعات الإرهابية الآن وسائل جديدة، كما يتضح من أول استخدام للطائرات المسيرة في 24 ديسمبر/ كانون الأول الماضي ضد قاعدة واجيروكو العسكرية بشمال شرق نيجيريا.
وحذر معهد دراسات الأمن بأفريقيا في تقرير صدر في يونيو/حزيران الماضي، من أنه "بفضل دقة الطائرات المسيرة، فإن تنظيم داعش في غرب أفريقيا، إذا لم يتم إيقافه بسرعة.. فقد يحول المواقع العسكرية الآمنة نسبيا والمواقع المدنية إلى أهداف محفوفة بالمخاطر".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTQzIA== جزيرة ام اند امز