لا مكان للسياسة في «سراييفو السينمائي».. وإيليا سليمان لـ«العين الإخبارية»: صناعة الأفلام ليست مهنة
يحتفل مهرجان سراييفو السينمائي بالذكرى الثلاثين منذ تأسيسه خلال حرب البوسنة، بهدف توحيد صانعي الأفلام في جميع أنحاء جنوب شرق أوروبا.
ويطلق المهرجان نسخته الحالية، التي تُقام في الفترة من 16 إلى 23 أغسطس/آب، ليقف هذا الحدث كشهادة على مرونة وإبداع السينما في جنوب شرق أوروبا في مواجهة الاضطرابات الاجتماعية والسياسية.
سينما بدون خطب سياسية
قليلة هي المدن التي تحمل ندوب وأعباء التاريخ مثل سراييفو. فقد وُلد المهرجان نفسه من رحم الصراع، حيث أُطلق خلال حصار المدينة الذي استمر قرابة أربع سنوات من قِبل القوات الصربية في أوائل التسعينيات.
ورغم أن المهرجان لم يتجنب أبداً هذه الفترة من التاريخ - إذ يخصص قسمًا بعنوان "التعامل مع الماضي" لعرض أفلام تتناول الصراع في يوغوسلافيا السابقة - إلا أن التركيز منذ البداية كان على قوة السينما في توحيد الشعوب.
على مدار ثلاثة عقود من مهرجان سراييفو، لم يلقِ أي سياسي خطابًا سياسيًا من على منصة المهرجان، ولم يُستخدم المهرجان كمنصة للسياسة المحلية أو الدولية.
بدلاً من ذلك، ركز المهرجان على الأفلام، وتطورت سراييفو بنجاح لتصبح مركزًا لصانعي الأفلام من الدول المحيطة، حيث توفر منصة لتقديم مشاريعهم، غالبًا في مرحلة النص أو التطوير، والبحث عن شركاء للإنتاج المشترك والتوزيع، وتقديم قصص سينمائية أكثر دقة عن المنطقة وشعوبها.
من السمات المميزة لمهرجان سراييفو على مر السنين كان التزامه برعاية المواهب منذ المراحل الأولى من مسيرة صناع الأفلام. فقد عرض المهرجان أفلامًا من صربيا بعد بضع سنوات فقط من انتهاء الحرب، وهو ما لم يكن خيارًا شعبيًا في ذلك الوقت.
ساعد هذا التفاعل المستمر في خلق مجتمع مترابط من صناع الأفلام والمنتجين والمحترفين في الصناعة، وساهم في دعم المشاريع العابرة للحدود.
جائزة قلب سراييفو
مع دخول مهرجان سراييفو السينمائي عامه الثلاثين، يواصل تطوره وتكيفه، تمامًا كما هي المنطقة التي يمثلها. ولكن مهمته الأساسية في عرض أفضل ما في سينما جنوب شرق أوروبا، ورعاية المواهب الجديدة، وتوفير منصة للحوار والتفاهم، تظل ثابتة.
يقول المخرج الفلسطيني إيليا سليمان لـ"العين الإخبارية": "أشعر كأن المهرجان بيتي الثاني، وهذا الشعور يمتد إلى العديد من المشاركين الذين يذهبون إلى هناك فقط من أجل حبهم العميق للمكان والأشخاص."
وأضاف سليمان، الحاصل على "جائزة قلب سراييفو" لهذا العام: "أسعى لخلق تجربة سينمائية تدفع المشاهدين للتفكير بشكل مختلف حول الواقع، وأركز على تقديم رؤى تتجاوز السرديات التقليدية وتستخدم اللغة البصرية."
وأكد أن "صناعة الأفلام بالنسبة لي ليست مجرد مهنة، بل هي وسيلة لاستكشاف وتحليل التناقضات التي نعيشها، ومحاولة لتقديم رؤية أعمق لواقع مليء بالصراعات والمآسي."
وأردف سليمان: "كنت رئيسًا للجنة التحكيم بالمهرجان من قبل، وقدمت ورشاً للموهبين، وأسعى لأن تقدم أعمالي رؤية إنسانية عالمية تلامس قلوب الجميع."
مهرجان برائحة الحياة
من غير المرجح أن يتمكن مهرجان سراييفو السينمائي 2024 من تجنب السياسة تمامًا. كما حدث في مهرجاني برلين وأمستردام، حيث هيمنت الاحتجاجات حول الحرب في غزة على العناوين الرئيسية.
إلا أن الروح التي يتمتع بها المهرجان تمتد بعيدًا لترسل لنا أملاً في أن السلام سيسود يوماً ما ليوحد اختلافاتنا، ونرى في جميع من حولنا بشرًا يستحقون الحياة.
aXA6IDMuMTQ3LjgyLjI1MiA=
جزيرة ام اند امز