ورقة "سراقب" الرابحة بيد دمشق.. مقبرة لأطماع أردوغان
مدينة سراقب التي أحكم الجيش السوري سيطرته عليها وكانت مطمعا للقوات التركية المعادية، لها مكانة استراتيجية كبيرة دوليا
عادت مدينة سراقب الواقعة في ريف إدلب إلى سيطرة الجيش السوري، وبسقوطها تخسر تركيا ورقة أخرى في المحافظة التي تشهد أكبر تصعيد منذ انطلاق الأزمة السورية قبل سنوات.
وتشكل المدينة الاستراتيجية الواقعة شمال غربي سوريا، نقطة التقاء بين الطرق الدولية الرابطة بين محافظات حلب ودمشق واللاذقية، ما يجعل منها موقعا مهما يمكّن من مراقبة عدة طرق دولية في آن واحد.
كما تضم 4 نقاط مراقبة تركية محاصرة من قبل الجيش السوري، ما جعلها هدفا مهما واستراتيجيا للسيطرة عليها، وكبّد أنقرة خسارة ثلث نقاط المراقبة في إدلب، وبالتالي هزيمة عسكرية مذلة على الأرض، لم تترك لها من خيار سوى إعلان هجوم يائس أطلقت عليه اسم "درع الربيع".
ويجزم خبراء أن سراقب وحدها قادرة على وأد المخططات التوسعية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان وتأجيج أزماته مع روسيا، التي تمثل ضامنا في اتفاقات وتفاهمات سابقة حول منطقة خفض التصعيد في إدلب العام 2017.
سراقب.. ورقة بيد الروس
في سراقب، تذوّق الجيش التركي مرارة صفعة لا تقل عما تكبده قبل أيام، حين قتل 34 من جنوده في غارة للجيش السوري وحلفائه الروس في إدلب.
ووفق مصادر متطابقة، استهدفت قوات الجيش السوري رتلا عسكريا تركيا قرب قميناس في ريف إدلب، ما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات من الجنود.
وتحديدا، استهدف القصف نقطة المراقبة التركية في قيمناس ضمن معركة سراقب، في رسالة شديدة اللهجة وتحذير لأنقرة بأن نقاط مراقبتها في إدلب باتت بمرمى النيران، وأن الأمر قد يتطور لأكثر من ذلك في حال استمرارها بتصعيد حربها بالداخل السوري.
وبعودة سراقب إلى دمشق، تصبح المدينة الاستراتيجية كأهم أوراق الجيش السوري قبيل أيام قليلة من لقاء مرتقب بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين، وفق ما أعلنه، السبت، وزير الخارجية التركي مولود تشاووس أوغلو.
وبحسب المصدر نفسه، فإن اللقاء مقرر بالأسبوع الأول لشهر مارس/آذار الجاري، ومن المنتظر أن يتناول الجانبان خلاله تفاصيل التصعيد الأخير الحاصل في محافظة إدلب.
غير أن متابعين يجزمون بأن أردوغان سيكون خلال اللقاء الطرف الضعيف هذه المرة، بناء على موازين القوى على الأرض، ما سيفرض عليه تفاهمات قد لا ترقى إلى طموحه في الحصول على تموقع يضمن له أقصى قدر ممكن من المزايا والمصالح في سوريا.
موسكو تواجه أنقرة
ودخلت روسيا على الخط في مواجهة تهديدات أنقرة، في الوقت الذي أعلنت فيه تركيا انطلاق عدوانها الذي اختارت له تسمية "درع الربيع" بهدف إعادة قوات الجيش السوري إلى خلف نقاط المراقبة التابعة لها.
ولقطع الطريق على تركيا، أعلن مركز المصالحة الروسي في سوريا، أن الشرطة العسكرية الروسية انتشرت في مدينة سراقب، لضمان الأمن وحركة السير على الطريقين الدوليين إم-5 وإم-4، وفق إعلام روسي.
انتشار يأتي غداة سيطرة الجيش السوري بدعم روسي، على مدينة سراقب ذات الموقع الاستراتيجي، بعد معارك عنيفة ضد الفصائل المقاتلة، في خطوة ترنو لقطع الطريق أمام أردوغان وحلفائه من الفصائل الإرهابية ممن كانوا حتى وقت قريب يخططون لدخول المدينة التي طردوا منها بوابل من القصف الروسي السوري.
التغير في حسابات الربح والخسارة على الأرض، جعل أردوغان يعود إلى خطاب التهديد والوعيد، ليوجه نيران فشله هذه المرة إلى بوتين، طالبا منه "الابتعاد من طريق" تركيا في سوريا، ومتوعدا دمشق بالانتقام.
وبعد يومين، جاء الرد الروسي حاسما وسريعا، لتوضح موسكو، الإثنين، أنه لا يمكنها ضمان سلامة الطائرات التركية فوق سوريا، فيما فهم على أنه تهديد روسي مبطن للقوات الجوية التركية.
التصعيد الروسي ضد تركيا يبدو أنه لن يترك أمام الأخيرة من حل سوى اللجوء إلى حلفائها الغربيين في إطار حلف شمال الأطلسي "ناتو"، لكن حتى هذا الخيار يظل محدودا وغير آمن بالنسبة لأنقرة التي تشهد علاقاتها مع أوروبا تدهورا غير مسبوق جراء سياسات أردوغان الطائشة بشأن الهجرة واللاجئين.
انسداد في أفق أنقرة قد لا يمنحها بالفترة الأخيرة أكثر من خيار التنازل والقبول بنتائج المعارك، والإقرار بهزيمة مذلة قد تكلفه الكثير خارجيا وداخليا أيضا.
aXA6IDMuMTcuNzkuMTg4IA== جزيرة ام اند امز