ساركوزي وتمويل القذافي.. التفاصيل الكاملة للتحقيقات
نيكولا ساركوزي لم يقض أول ليلة بمقر احتجاز قسم شرطة نانتير وتوجه إلى منزله، لكنه عاد مرة أخرى لاستكمال التحقيقات.
أطلق القضاء الفرنسي، ليل الأربعاء، سراح الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي، عقب تحقيقات معه دامت 27 ساعة، بشأن اتهامات حول تمويل العقيد الليبي الراحل معمر القذافي لحملته الانتخابية.
وكشفت صحيفة "لوباريزيان" الفرنسية أن نيكولا ساركوزي، لم يقض أول ليلة بعد قرار احتجازه في قسم شرطة نانتير، مشيرة إلى أنه توجه إلى منزله بعدما قضى 16 ساعة متواصلة خلال التحقيقات لسماع أقواله لكنه عاد مرة أخرى في صباح اليوم التالي لاستكمال التحقيقات.
ويواجه ساركوزي اتهامات في قضايا تمويل غير مشروع من قبل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي لحملته الانتخابية عام 2007، والتزوير في فواتير الحملة الانتخابية 2012، القضية المعروفة إعلامياً "بيجماليون".
- توقيف ساركوزي على خلفية التحقيق في تمويل حملته الانتخابية
- لليوم الثاني.. استجواب ساركوزي في قضية "تمويلات القذافي"
وأضافت الصحيفة أنه "على الرغم من توقيفه قيد التحقيق، والذي يصل مدة التوقيف إلى 48 ساعة لحين انتهاء التحقيقات، إلا أنه عاد إلى منزله، ولم يقض تلك الليلة في محبسه على خلاف المعتاد، وعاد في الصباح الباكر إلى التحقيقات.
وأشارت الصحيفة إلى أن مراسل "يورب1" رأى الرئيس الأسبق يغادر شرطة نانتير في منتصف الليل، في سيارة سوداء ذات زجاج أسود"، مضيفة أنه بالفعل توجه إلى الشرطة في صباح اليوم التالي نحو الساعة السابعة والنصف صباحاً لسماع أقواله".
وكانت الإذاعة الفرنسية نقلت عن أحد قضاة التحقيق، لم تذكر اسمه، قوله: "من غير المعتاد أن يكون مواطناً محتجزاً قيد التحقيق، ويتركه قضاء التحقيق للمغادرة، للعودة اليوم التالي لاستكمال التحقيقات".
وحول مسار التحقيقات، أشار المصدر إلى أن ساركوزي نفى جميع الاتهامات الموجهة إليه، فيما رفض الإجابة عن بعض الأسئلة، إلا أن قاضي تحقيق النيابة المالية الوطنية شدد عليه بأنه في موضع اتهام وعليه الإجابة عن جميع التساؤلات.
من جانبه، قال رئيس الشرطة القضائية الفرنسية آلان أكو: "إن هذا الإجراء يتم في حالات بعض القضايا المالية ولكن في القضايا العادية التي لم تتوفر بعد الأدلة، إلا أن حالة ساركوزي مختلفة لكون الشرطة لديها جميع الأدلة، كما أنه من المفترض يتم أخذ احتياطات لعدم التأثير على الشهود أو محاولة الهرب".
وتابع أنه "يبدو أن الشرطة راعت وضعه لكونه رئيساً أسبق لفرنسا".
وكانت صحيفة "لوموند"الفرنسية، ذكرت الثلاثاء، أن الشرطة القضائية الفرنسية في نانتير، احتجزت ساركوزي، قيد التحقيق في اتهامات التمويل غير المشروع وهى المرة الأولى التي يتم فيها سماع أقواله في تحقيق رسمي أمام القضاء، منذ فتح ملف القضية في إبريل/ نسيان 2013".
وكان موقع "ميديا بارت" الفرنسي المتخصص في التحقيقات الاستقصائية أول من كشف عن تلك القضية في مايو/ أيار 2012، بتمويل القذافي حملة ساركوزي الانتخابية.
وأشارت التحقيقات إلى أن "الوسيط في تلك المفاوضات كان يدعى" زياد تقي الدين" والذي كشفت تحقيقات في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، أنه نقل 5 ملايين دولار نقداً من طرابلس إلى باريس خلال الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في نهاية عام 2006، وأوائل عام 2007، وسلمها إلى كلود جيان، وساركوزي الذي كان وزيراً للداخلية في ذلك الوقت.
وأضافت أن "تلك المعلومات أكدها عبدالله السنوسي، المدير السابق للمخابرات الليبية في عهد القذافي، أمام المدعي العام للمجلس الوطني الانتقالي الليبي في 20 سبتمبر / أيلول 2012، خلال التحقيق معه في اتهامه بـ"التواطؤ وتقديم رشوة لموظف عام أجنبي"و"التواطؤ باختلاس الأموال العامة في ليبيا".
كما أشارت الصحيفة إلى "مذكرات وزير البترول الليبي الأسبق شكري غانم، الذي توفي عام 2012 في ظروف لا تزال غامضة، والتي أشار فيها إلى وجود أموال موجهة إلى نيكولا ساركوزي".
ولفتت الصحيفة إلى ما قاله أيضاً بشير صالح، المقرب من القذافي ومهندس العلاقات الليبية الفرنسية، والذي أطلق عليه الرصاص مؤخرا في هجوم وقع في جوهانسبرج، وقوله إن "القذافي أكد أنه مول ساركوزي".
وأشارت الصحيفة إلى أنه وفقاً لمعلوماتنا، فإن العديد من الشخصيات الليبية الشاهدة على تلك القضية سلمت أدلة جديدة تؤكد الاشتباه في تمويل غير المشروع لساركوزي.
مسار التحقيقات في سويسرا..
وتابعت "لوموند" أن "المحققين يعتقدون فعلا وجود أموال تم تحويلها بالفعل من ليبيا"، مضيفة أنه "منذ أسابيع يحاول القضاء الفرنسي، التأكد من جميع الوثائق التي عثرت عليها خلال التفتيش لمنزل ألكسندر الجوهري في سويسرا.
فيما ذكرت صحيفة "لوتمب" السويسرية أن تحقيقات أجرتها شرطة جنيف في 24 مارس/ آذار 2015 مع ألكسندر الجوهري.
وأوضحت أن السلطات السويسرية أجرت تفتيشاً لمنزله باعتباره أحد الوسطاء، الذي ذكر اسمه عدة مرات في التحقيقات.
العقوبة المحتملة لساركوزي
وقالت صحيفة "لاليبر"البلجيكية، إن ساركوزي متهم بـ"الفساد المتعمد" و" استغلال النفوذ"، والتدليس والتزوير"، "استغلال الممتلكات العامة"، و"تبييض أموال والتواطؤ والتستر على هذه الجرائم".
ونقلت الصحيفة عن مصدر قضائي قريب من التحقيق، قوله إنه حين ثبوت تلك الاتهامات على ساركوزي قد يواجه عقوبة السجن لمدة 10 سنوات.
فيما يواجه اتهامات أيضا في ملف قضية "بيجماليون"، حيث يشتبه بأن التمويل غير المشروع للحملة الانتخابية تعدى الحد الأقصى المسموح للحملة الانتخابية (22.5 مليون يورو) وعقوبة ذلك قد تصل إلى عام وغرامة 3750 يورو.
صمت الإليزيه
وأثار احتجاز ساركوزي، جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية الفرنسية، حيث انتقد حزب اليمين الذي كان يتزعمه ساركوزي، بطء إجراءات الاحتجاز في وقائع حدثت من 11 عاما.
ونقلت مجلة "لوبوان" الفرنسية، ردود فعل الأوساط السياسية الفرنسية حول تلك المحاكمة، ففيما يراها البعض مسرحية هزلية، أكد آخرون أنها انتصار للعدالة، في حين شككت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن في نزاهة وحيادية قضاة التحقيق إزاء محاكمة ساركوزي.
وقدم زعماء اليمين الفرنسي الدعم الكامل لساركوزي، لكن رئيس الحزب الجمهوري لوران فوكييه قال: إن ذلك الإجراء مذل وغير مجدٍ"، كما أعرب رئيس الوزراء الأسبق جون بيير رافران، عن أسفه"، واصفاً ذلك بالمسرحية الهزلية".
ورغم ترحيب اليسار الفرنسي بذلك الإجراء، واعتبره زعيم الاشتراكيين في الجمعية الوطنية أوليفييه فور بأنه "أيا كان مركزنا فنحن معرضون للمساءلة أمام القضاء"، صمت قصر الرئاسة الفرنسي" الإليزيه" إزاء تلك المحاكمات.
aXA6IDE4LjExOC4zMi43IA== جزيرة ام اند امز