السعودية تُقصر مكبرات الصوت على رفع الأذان والإقامة
أصدرت السعودية تعميما ينص على قصر استخدام مكبرات الصوت الخارجية في المساجد على الأذان والإقامة فقط.
وأفاد التعميم الصادر عن وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بالسعودية الدكتور عبداللطيف آل الشيخ، بألا يتجاوز مستوى ارتفاع الصوت في الأجهزة عن ثلث درجة جهاز مكبر الصوت، واتخاذ الإجراء النظامي بحق من يخالف.
ويأتي تعميم الوزير الصادر إلى ما لاحظته الوزارة من استعمال مكبرات الصوت الخارجية في المساجد في الصلوات، وما تحدثه هذه المكبرات من ضرر على المرضى وكبار السن والأطفال في البيوت المجاورة للمساجد، إضافة إلى تداخل أصوات الأئمة وما يترتب على ذلك من تشويش على المصلين في المساجد والبيوت.
واستند تعميم الوزير إلى الأدلة الشرعية منها قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن كلكم مناجٍ ربه فلا يؤذين بعضكم بعضاً، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة) أو قال: (في الصلاة) رواه أحمد بإسناد صحيح، وعملاً بالقاعدة الفقهية (لا ضرر ولا ضرار).
رأي محمد بن صالح العثيمين
وكان محمد بن صالح العثيمين، عضو هيئة كبار العلماء السابق بالمملكة العربية السعودية، قد تطرق لهذه القضية في رد على سؤال ورده ونشرت على موقعه الرسمي تحت فصل "أحكام المساجد"، وفيما يلي أبرز ما جاء في تعليقه:
قال العثيمين: "لا شك أن المساجد بنيت منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وإلى يومنا هذا بنيت للصلاة وقراءة القرآن والذكر وغير ذلك من الطاعات التي تشرع فيها، وأهم شيء إقامة الصلاة فيها جماعة، قال الله تعالى: ﴿لمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ﴾. وقال الله تعالى: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً﴾ وأما نقل الصلاة عبر مكبرات الصوت من على رؤوس المنائر فإنه كما قال السائل فيه تشويش على الناس في بيوتهم وشل لأذكارهم وتسبيحاتهم الخاصة.."
وتابع قائلا: "وربما يكون فيه إزعاج لبعض النوّم والمرضى الذين لم يجدوا راحة إلا في ذلك الوقت، وأنه أيضاً أذى للمساجد الأخرى التي بجوار هذا الصوت وتشويش عليهم، وقد حدثني كثير من الناس الذين كانوا بجوار المساجد التي ترفع الأذان من على المنائر حدثني إنه إذا كان صوت الإمام في المسجد الذي نقلت صلاته بهذه المكبرات أحسن من صوت إمامهم وقراءته أحسن من قراءة إمامهم أنهم يتابعون ذلك الإمام الذي خارج مسجدهم، ويدعون إمامهم ولا ينصتون لقراءة الإمام".
وأضاف: "وحدثني أيضاً بعض الناس أنهم يكبرون بتكبير الإمام المجاور، بتكبير إمام المسجد المجاور ظناً منهم أن هذا التكبير تكبير إمامهم، وهذا أمر معلوم عند كثير من الناس، وهو أيضاً أمر لا ينضبط، بمعنى أنه قد يقول قائل: إن صوتي لا يبلغ المسجد الفلاني ولا يشوش على أهله فإن هذا أمر لا ينضبط؛ لأن هذا خاضع لاتجاه الرياح، فإذا كانت الرياح متجهة إلى المساجد المجاورة سمعوا الصوت، وإذا كانت متجهة إلى خلافها لم يسمعوا الصوت، وربما يكون الصوت قوياً جداً حوله على أي حال كان اتجاه الرياح، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديثين صححهما ابن عبد البر أنه سمع الصحابة رضي الله عنهم يقرءون ويجهرون فنهاهم عن ذلك، وقال: "لا يجهر بعضكم على بعض في القراءة". أو قال: في الصلاة وفي لفظ آخر: "لا يؤذين بعضكم بعضاً". وذكر شيخ الإسلام رحمه الله أن ليس للإنسان أن يجهر جهراً يشوش على المصلين".
وأردف: "نصيحتي لإخواني المسلمين أن يدعوا هذا العمل الذي يشوشون به على من بقربهم ويؤذونهم، وهذا أمر قد جاء به النص عن النبي صلى الله عليه وسلم، وما جاء به النص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لا مجال للاجتهاد فيه، فإذا علمنا أن في ذلك تشويشاً على من حولهم من المساجد تخفيتاً لصلاتهم فإن هذا داخل فيما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم، والمصالح التي قد تحصل أو قد يتوهم بعض الناس حصولها هي مغمورة جداً في المفاسد التي تترتب على ذلك، فإن من الناس من يقول: إن بقاء الصلاة من على المنائر قد يستمع إليه بعض النساء في البيوت وينتفعون بقراءة القارئ، فنقول إن هذه المصلحة منغمرة في جانب المفاسد الأخرى؛ لأن من الناس من لا يرغب أن يسمع هذا الصوت الذي يشغله كما قال السائل عن أذكاره الخاصة قراءته الخاصة، ومن الناس من يكون محتاجاً للنوم لكونه سهر في الليل طول الليل، سهر لمرض أو قلق ثم ينام، فينام بعد أن يصلي الفجر لكونه لا يستطيع الخروج للصلاة في المساجد، ثم يأتي هذا الصوت الذي يزعجه وينبهه من النوم فهذه مفسدة، ثم إننا رأينا وشاهدنا كثيراً من الناس إذا أقبل على المسجد وسمع الإمام في آخر القراءة ذهب يسعى ويشتد سعياً أي يركض ليدرك الركوع مع الإمام".