لتفادي التجربة الصينية.. خطة محكمة لإنجاح الدوري السعودي
يترقب ملايين حول العالم مدى قدرة الدوري السعودي للمحترفين على تحقيق نجاحات مدوية لسنوات طويلة بعد جلب عدد من نجوم الملاعب الأوروبية.
وبعد انتقال كريستيانو رونالدو إلى النصر، وتفكير الهلال في ضم ليونيل ميسي، وانضمام كريم بنزيما إلى الاتحاد، ثارت تساؤلات عما إذا كانت الأضواء المنصبة على "دوري روشن" ستستمر لسنوات، أم ستكون مؤقتة كما حدث في الصين.
فقبل 11 عاما جذب الدوري الصيني الكثير من النجوم من خلال ضخ الأموال بكثافة في سوق الانتقالات في موجات من التعاقدات الضخمة.
لكن في العام الماضي انهارت أندية عديدة، وتحول اليقين بخصوص أن الصين ستصبح لاعبا رئيسيا إلى ما يشبه مقامرة على فرصة معدومة، ما أثار مخاوف بشأن مستقبل الدوري السعودي.
رغم ذلك، يعتقد المسؤولون في السعودية أنهم سيكتبون أسطر قصة أخرى مختلفة تماما، ويرون أنه لا يوجد تشابه مع القصة الصينية في جذب النجوم.
وقال كارلو نهرا رئيس عمليات الدوري السعودي لوكالة "رويترز": "أعتقد أن هناك فرقا هنا، فكل ما نفعله يرتبط برؤية 2030".
وأضاف "يمكنك أن ترى الاستثمار من الدولة في جميع المجالات، ليس فقط في قطاع الرياضة، ولكن بشكل مماثل لقطاع الرياضة، وأعتقد أن هذا يمثل فرقا مهما بين ما نفعله هنا وما كان يحدث بالصين".
وسمحت السعودية لشركات وجهات كبرى بالاستثمار في الأندية، مع طرح مجموعة من الأندية للتخصيص بدءا من الربع الأخير في العام الجاري، في خطوة ساعدت على جذب المزيد من النجوم لدوري المحترفين.
أهداف الدوري السعودي
تستهدف السعودية الوصول بالدوري ليكون بين أفضل 10 مسابقات بالعالم وزيادة إيرادات رابطة الدوري من 450 مليون ريال (120 مليون دولار) إلى أكثر من 1.8 مليار ريال سنويا، ورفع قيمة المسابقة من 3 مليارات إلى أكثر من 8 مليارات.
وحظي انتقال رونالدو للنصر باهتمام كبير، لكنها كانت مجرد بداية فقط، حيث تعاقد النادي أيضا مع الكرواتي مارسيلو بروزوفيتش والمهاجم السنغالي ساديو ماني والبرازيلي أليكس تيليس.
وتعاقد الاتحاد بطل الموسم الماضي مع بنزيما قائد ريال مدريد السابق، ومواطنه نغولو كانتي وجواو فيلبي (جوتا)، أما الهلال فرغم أنه أخفق في ضم ميسي، إلا أنه تعاقد مع روبن نيفيز وسيرجي ميلينكوفيتش سافيتش وكاليدو كوليبالي والبرازيلي مالكوم، ويستهدف مهاجما بارزا.
وضم الأهلي العائد لدوري الأضواء، الحارس إدوارد ميندي والبرازيلي روبرتو فيرمينو والفرنسي آلان سانت ماكسيمان والجزائري رياض محرز.
انهيار الدوري الصيني
أدى التأثير الطاحن لأزمة كوفيد-19 ومحاولة الصين تطبيق استراتيجية تستهدف القضاء تماما على الفيروس، إلى جانب الصعوبات المتزايدة داخل قطاع الأعمال الذي يمول أغلب الأندية، لترك الرياضة في حالة اضطراب، ما تسبب في انهيار المسابقة.
وقال مارك دراير من (تشاينا سبورتس إنسايدر): "فقد النظام الرياضي الصيني بريقه، من الذي يثق في قدرة الصين على التقدم بعرض لاستضافة كأس العالم في ضوء كل ما رأيناه خلال سنوات الوباء؟ من منظور كرة القدم، فقد شهدنا ازدهارا وانهيارا كاملين".
ويختلف المناخ الحالي في الصين كل الاختلاف عن اليوم الذي شهدته البلاد قبل سنوات عندما تعاقدت الأندية الصينية مع مدربين مثل مارتشيلو ليبي ولويز فيليبي سكولاري ولاعبين مثل أوسكار وهالك.
وأدت الضغوط الحكومية على المطورين العقاريين المثقلين بالديون لانخفاض تمويل العديد من الأندية، في حين أن سعي الدولة لتطبيق استراتيجية خلو البلاد من كوفيد-19 حول الدوري الصيني إلى ظل شاحب لبطولة كانت قوية في الماضي.
وتقول المؤشرات الأولية إن السعودية تسير في اتجاه التنافس مع مسابقات كبرى، حتى أنها تفوقت في مبالغ الإنفاق على مسابقة عريقة مثل الدوري الإسباني، رغم وجود العملاقين ريال مدريد وبرشلونة هناك.
والواقع يوضح أيضا أنه رغم تعاقدات الصين المهمة سابقا، فلا يمكن مقارنة تلك الأسماء نظريا بالنجوم الجدد في الكرة السعودية.
وتتعلق استراتيجية السعودية، إلى جانب التعاقد مع لاعبين كبار لزيادة قوة المسابقة، بتطوير العمل الإداري والإعلامي والتسويقي.
ففي الوقت الذي لم يصل فيه بث مسابقة الدوري الصيني إلى العديد من الدول الأخرى، فقد ذكر موقع "أثليتيك" إن منصة (DAZN) العملاقة على أعتاب بث مباريات من الدوري السعودي في دول عديدة منها بريطانيا وألمانيا مع محاولات إضافية للتوسع في الولايات المتحدة وكندا.
كما حصلت شبكة "كنال بلوس" على حقوق بث الدوري في فرنسا وأفريقيا.
ومن الواضح، على الأقل في الوقت الحالي أن السعودية استفادت من التجربة الصينية وتدرك جيدا أهمية الاستمرارية، وستضح الصورة بشكل أكبر في الأشهر والسنوات القليلة المقبلة.