اليوم الوطني السعودي 91.. نهضة تعليمية لاستثمار الثروة البشرية
تحتفل السعودية،الخميس، بيومها الوطني الـ91، في وقت تشهد فيه البلاد نهضة تعليمية غير مسبوقة.
هي نهضة وضع لبناتها الأولى مؤسس الدولة الملك عبدالعزيز آل سعود، وسار على دربه من بعده أبناؤه قادة المملكة، وصولا لعهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، الذي تولى مقاليد الحكم 23 يناير/كانون الثاني 2015.
ويوافق اليوم الوطني، ذكرى اليوم الذي أعلن فيه الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- توحيد البلاد تحت مسمى المملكة العربية السعودية، للمرة الأولى في التاريخ، وتوحيد رؤيتها تحت راية الإسلام وشهادة "لا إله إلا الله محمد رسول الله" يوم الخميس 23 سبتمبر/أيلول 1932، الموافق 21 جمادى الأولى 1351هـ.
وتحتفل المملكة بيومها الوطني هذا العام تحت شعار "هي لنا دار " والذي تم استلهامها من ثقافة "الأنسنة" التي تنعكس بوضوح على المشاريع الضخمة، التي راهنت عليها المملكة في رؤيتها الطموحة 2030، وفي مقدمتها مشاريع البحر الأحمر ونيوم وذا لاين، وغيرها.
تلك المشاريع التي تستهدف المواطن السعودي باعتباره أعظم ما تملكه المملكة، تم استلهامها في هوية اليوم الوطني هذا العام.
ويتزامن احتفال السعودية بيومها الوطني هذا العام، مع انطلاقة مرحلة جديدة مطلع عام 2021 من تنفيذ رؤية 2030، بعد أن نجحت على مدار 5 سنوات من إطلاقها في تحقيق إنجازات استثنائية، واصلت تحقيقها في العامين الماضي رغم تحديات وتداعيات جائحة "كورونا"، واضعة نصب أعينها تنمية وازدهار ورخاء الوطن والمواطن.
في إطار تلك المرحلة، أطلق الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي قبل أسبوع، برنامج تنمية القدرات البشرية، أحد برامج تحقيق رؤية المملكة 2030م، والذي يستهدف تطوير مخرجات التعليم لمواءمتها مع احتياجات سوق العمل الحالي والمستقبلي، وزيادة فرص الالتحاق برياض الأطفال من 23% إلى 90%، ودخول جامعتين سعوديتين ضمن أفضل 100 جامعة في العالم.
ويحتفل السعوديون باليوم الوطني وهم يستذكرون في هذا اليوم، كفاح الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود الذي وضع الأسس الأولى للتعليم الحديث، ويعبرون في الوقت نفسه عن الولاء والانتماء والامتنان والتقدير لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان الذي يعد عهدهم الزاهر عصر التقدم العلمي والنهضة التعليمية التي تشهدها البلاد.
وأضحى التعليم يستهدف بناء إنسان يمتلك مهارات القرن الحادي والعشرين، ومتطلبات الثورة الصناعية الرابعة ووظائف المستقبل، والمشاركة في التنمية الوطنية، والقدرة على المنافسة عالميًا.
الأسس الأولى للتعليم
قبل أن يكتمل توحيد المملكة، أخذ الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود على عاتقه نشر التعليم الحديث في مناطق المملكة التي دخلت الحكم السعودي، فأعلن إنشاء مديرية المعارف في 1 / 9 / 1344هـ / 1925م.
وكانت الحجاز أسبق مناطق المملكة في نشر هذا النوع من التعليم؛ نظراً لمكانتها الدينية من ناحية، ولأن التعليم الحديث قد قطع شوطاً لا بأس به عن طريق المدارس الأهلية الحديثة المنشرة فيها، وبدأت الدراسة في المدارس الحكومية أواخر عام 1345هـ وأوائل 1346هـ.
وشهدت مكة المكرمة إنشاء أول مدرسة ابتدائية في التعليم الحكومي الحديث وهي مدرسة الملك عبدالعزيز "العزيزية" التي أنشئت عام 1345هـ، وفي العام نفسه افتتحت المدرسة السعودية والفيصلية والمحمدية.
وفي المدينة المنورة تعد المدرسة المنصورية والمدرسة الناصرية اللتين أنشئتا عام 1344هـ هما أول المدارس الحكومية، فيما تعد مدرسة الأمراء بالرياض التي بدأت فكرتها عام 1349هـ، ومارست نشاطها 1356هـ أول المدارس الحكومية، وكانت خاصة بأبناء الملك عبدالعزيز، أما أول مدرسة للأهالي في الرياض فافتتحت في حدود عام 1356 – 1937م، وتوالت المدارس الابتدائية تفتح في بقية مناطق المملكة.
وظلت مديرية المعارف تشرف بشكل خاص على التعليم في الحجاز حتى عام 1351هـ / 1932م وهو عام إعلان توحيد المملكة باسم "المملكة العربية السعودية، فاتسعت صلاحيات مديرية المعارف وأصبحت مسؤولة عن شؤون التعليم في مناطق المملكة بأسرها.
ولم يكن هناك تعليم جامعي في المملكة آنذاك، فصدر نظام البعثات، عام 1355هـ، لابتعاث الشباب المتميزين والمتفوقين للالتحاق بجامعات في الخارج.
وفتحت مدرسة تحضير البعثات التي أنشئت عام 1355هـ /1936م آفاق الابتعاث الحكومي؛ لأن الهدف من إنشاء تلك المدرسة هو إعداد الطلاب السعوديين للالتحاق بالجامعات في الخارج خاصة الجامعات المصرية.
وبعد أن تزايد عدد خريجي المرحلة الثانوية في المملكة، بدت الحاجة ملحة لانتقال البلاد نحو افتتاح المرحلة الجامعية، خاصة أن نظام البعثات يكلف الدولة كثيراً، إضافة إلى كونه لا يصلح أن يكون نظاماً عاماً، فجاءت موافقة الملك عبدالعزيز على إنشاء كلية الشريعة بمكة المكرمة عام 1369هـ، وبذلك دخلت المملكة عهد المرحلة الجامعية، فكانت كلية الشريعة بمكة أول تجربة رائدة للتعليم العالي الحديث في المملكة، وبعد ذلك أنشئت كلية المعلمين بمكة المكرمة عام 1372هـ.
وتجاوزت نظرة الملك المؤسس في رؤيته للعلم والمعرفة أبعد من ذلك، فاتجه إلى التعليم المهني فأمر بإنشاء المدرسة الصناعية بجدة عام 1367هـ، لسد حاجة البلاد إلى الأيدي العامة الفنية بعد أن بدأت تظهر الحاجة إليها مع بداية تطور البلاد، وهي تعد أول مدرسة مهنية صناعية في المملكة، وفي عام 1372هـ أنشئت المدرسة التجارية المتوسطة في مكة المكرمة لتأهيل خريجيها للعمل في وظائف المحاسبة والتجارة والاقتصاد في الشركات والبنوك، وفي أواخر عهد الملك عبدالعزيز وبداية الملك سعود ظهرت في الرياض مدرسة صناعية وذلك في عام 1373هـ.
عصر النهضة التعليمية
وسار على نهج الملك عبدالعزيز أبنائه من بعده، وصولا لعهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، الذي تولى مقاليد الحكم 23 يناير/كانون الثاني 2015 .
ومنذ توليه مقاليد الحكم، حظي التعليم في المملكة- كما وكيفا- بدعم كبير من خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمير محمد بن سلمان باعتبار الشباب هم عماد الوطن وثروته الأولى.
وبلغ عدد المدارس في المملكة وبحسب آخر الإحصائيات بعام 1441هــ - 2020م نحو 26934 مدرسة، وبلغ عدد والطلاب والطالبات بها نحو 4918577 طالبا وطالبة.
فيما تم التوسع في افتتاح الجامعات حتى بلغ عددها 42 جامعة، منها 30 جامعة حكومية، و12 جامعة خاصة وأهلية، بالإضافة إلى 7 كليات عسكرية، و13 كلية خاصة وحكومية وأهلية.
كما استمرت البلاد في ابتعاث الطلاب للدراسة في الخارج في التخصصات التي لا تتوفر في الجامعات، حتى بلغ عدد المبتعثين ما يقارب 100 ألف مبتعث.
وبعد أن كانت نسبة الأمية في المملكة قبل 50 عاماً من الآن تتجاوز 60%، انخفضت هذه النسبة حالياً لتصل إلى أقل من 4% وفق ما جاء في آخر إحصائية للهيئة العامة للإحصاء.
وتزخر المملكة حاليا بجامعات تعد صروحا عملاقة ومن أكبرها على مستوى البلاد وعلى مستوى العالم جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، وتُقدّر مساحتها بحوالي 36 مليون م2، وهي مخصصة للأبحاث والدراسات العليا، وتقع في مدينة ثول على شاطئ البحر الأحمر شمال مدينة جدة.
كما تعد جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن أكبر جامعة نسائية في العالم، وتبلغ مساحتها 8 ملايين متر مربع.
ويوجد 5 جامعات سعودية حاليا في مؤشرات مختلفة مصنفة من أهم 500 جامعة في العالم.
أيضا شهد التعليم حراكاً متسارعاً نحو التطوير والتغيير، كان أبرز ملامحه إعداد الهيكل التنظيمي لوزارة التعليم، وصدور نظام الجامعات، والموافقة على تنظيم المعهد الوطني للتطوير المهني التعليمي، وإعلان اللائحة الجديدة للمعلمين، وإقرار مدارس الطفولة المبكرة، وتغيير المناهج، ودعم برامج الابتعاث النوعية.
إنجازات من رحم التحديات
ومع انتشار جائحة كورونا بداية من العام الماضي، نجحت المملكة في تحويل تحدياتِ الجائحة التي واجهت التعليم العام إلى مرحلة استثنائية من الإنجازات.
وأطلقت وزارة التعليم السعودية "منصة مدرستي"، وهي إحدى أحدث التقنيات التي تجعل الطالب يتلقى التعليم وهو في منزله، من خلال مشاهدة الدرس سواء عبر قنوات عين، أو من خلال المُعلم عبر حصص افتراضية.
كما أعلن وزير التعليم السعودي، الدكتور حمد بن محمد آل الشيخ، في اجتماع وزراء التربية والتعليم بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الأحد الماضي، أن وزارة التعليم نفذت عدداً من المشاريع التطويرية خلال العام الدراسي الجديد، وأبرزها؛ تطوير المناهج والخطط الدراسية، وتأسيس نظام المسارات الجديد للمرحلةِ الثانوية، وتطبيق الفصول الدراسية الثلاثة.
وأشار إلى أن التعليم في المملكة حقق قفزات هائلة في التعليم الإلكتروني والتعليم عن بُعد، أثمرت عن منصة "مدرستي" النموذج السعودي الفريد في تقديمِ خدمات التعليم الإلكتروني لمراحل التعليم العام، التي صُنّفتْ ضِمن أفضل سبع منصّات عالمية في التعليمِ الإلكتروني.
وبين إنه تم في العام الدراسي الحالي تحديث للمنصة بزيادةِ خدماتِها التعليمية، وإتاحة "مدرستي" للمدارس السعودية في الخارج، وإطلاق منصة "روضتي" لتقديم خدمات التعليم الإلكتروني لرياض الأطفال، وتصميم وإطلاق المقرراتِ الإلكترونيةِ التفاعلية، بالإضافة إلى تطوير قنوات عين التعليمية، وتعزيزِها بقناةٍ لرياضِ الأطفال.
على صعيد الابتعاث، أعلنت الهيئة السعودية للفضاء في يوليو/ تموز الماضي إطلاق أوَل برنامج سعودي للابتعاث الخارجي، منتهٍ بالتوظيف في مجال الفضاء، سعياً لتحقيق أهداف رؤية 2030.
ويشمل البرنامج ابتعاثاً منتهياً بالتوظيف لنخبة من الطلاب في أفضل (30) جامعة عالمية في تخصصات علوم وتقنيات الفضاء لمرحلتي البكالوريوس والماجستير: هندسة الطيران والفضاء، علوم الفضاء، سياسات الفضاء.
طموحات بلا حدود
وتحتفل السعودية بيومها الوطني بعد نحو أسبوع من إطلاق الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، 15 سبتمبر/ إيلول الجاري، برنامج تنمية القدرات البشرية، أحد برامج تحقيق رؤية المملكة العربية السعودية 2030م، والذي يركز على تطوير أساس تعليمي متين للجميع يسهم في غرس القيم منذ سن مبكرة، وتحضير الشباب لسوق العمل المستقبلي المحلي والعالمي.
وقال ولي العهد السعودي:" يمثل برنامج تنمية القدرات البشرية، أحد برامج تحقيق رؤية المملكة 2030م، استراتيجية وطنية تستهدف تعزيز تنافسية القدرات البشرية الوطنية محليًا وعالميًا. ليكون المواطن مستعداً لسوق العمل الحالي والمستقبلي بقدرات وطموح ينافس العالم".
وبين أنه تم "تطوير رحلة تنمية القدرات البشرية بداية من مرحلة الطفولة، مروراً بالجامعات والكليات والمعاهد التقنية والمهنية، وصولاً إلى سوق العمل، بهدف إعداد مواطن طموح يمتلك المهارات والمعرفة، ويواكب المتغيرات المتجددة لسوق العمل، مما يساهم في بناء اقتصاد متين قائم على المهارات والمعرفة وأساسه رأس المال البشري ".
وأوضح أن استراتيجية البرنامج تشمل "3 ركائز رئيسية وهي تطوير أساس تعليمي متين ومرن للجميع، والإعداد لسوق العمل المستقبلي محلياً وعالمياً، وإتاحة فرص التعلم مدى الحياة".
ويركز برنامج تنمية القدرات البشرية على إعداد وتأهيل القدرات البشرية في المملكة العربية السعودية، وتطوير منظومة تنمية القدرات البشرية منذ مرحلة الطفولة المبكرة إلى التعلم مدى الحياة، وتطوير مخرجات التعليم لمواءمتها مع احتياجات سوق العمل الحالي والمستقبلي، وتوطين الوظائف عالية المهارات من خلال تأهيل وتدريب المواطنين، إضافة إلى تفعيل أكبر للشراكة مع القطاعين الخاص وغير الربحي، حيث يسعى البرنامج في هذه الجوانب إلى تحقيق مستهدفات عدة، من بينها زيادة فرص الالتحاق برياض الأطفال من 23% إلى 90%، ودخول جامعتين سعوديتين ضمن أفضل 100 جامعة في العالم بحلول عام 2030م بما يعزز مكانة المملكة عالمياً.
aXA6IDMuMTM3LjE1OS4xMzQg
جزيرة ام اند امز