اليوم الوطني السعودي الـ91.. "دار" إنجازات تزهو بالرخاء
"هي لنا دار"، هو الشعار الذي اختارته السعودية، وهي تحتفي بيومها الوطني الـ91 هذا العام، في وقت تشهد فيه إنجازات بمختلف المجالات.
وتحيي السعودية ذكرى اليوم الوطني بعد أكثر من تسعة عقود والمملكة تتبوأ مكانة إقليمية ودولية، وثقة عالمية متينة، تحظى بها في جميع المحافل، الدولية، فيما تواصل سعيها الدؤوب لخدمة قضايا الأمتين العربية والإسلامية.
احتفال السعودية بيومها الوطني هذا العام، يتزامن مع انطلاقة مرحلة جديدة من تنفيذ رؤية 2030، بعد أن نجحت على مدار 5 سنوات من إطلاقها في تحقيق إنجازات استثنائية، واصلت تحقيقها في العامين الماضي رغم تحديات وتداعيات جائحة "كورونا"، واضعة نصب أعينها تنمية وازدهار ورخاء الوطن والمواطن.
في إطار تلك المرحلة، أطلق الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، قبل أسبوع، برنامج تنمية القدرات البشرية، أحد برامج تحقيق رؤية المملكة 2030، والذي يسعى إلى أن يمتلك المواطن قدراتٍ تمكنه من المنافسة عالمياً، من خلال تعزيز القيم، وتطوير المهارات الأساسية ومهارات المستقبل، وتنمية المعارف.
تلك الإنجازات التي تستهدف المواطن السعودي باعتباره أعظم ما تملكه المملكة، تم استلهامها في هوية اليوم الوطني هذا العام.
مشاريع كبرى وإنجازات كبرى
وتعبر هوية اليوم الوطني عن ثقافة الأنسنة التي تنعكس بوضوح على المشاريع الضخمة، التي راهنت عليه المملكة في رؤيتها الطموحة 2030، وفي مقدمتها مشاريع البحر الأحمر ونيوم و"ذا لاين"، ومبادرة السعودية الخضراء، ومترو الرياض، والبرنامج الوطني للطاقة المتجددة، ومشروع القدية، والقمر الصناعي شاهين سات، وبرنامج تطوير الدرعية التاريخية.
أما الشعار اللفظي فاستلهم من وصف القصائد والأغاني الشعبية للوطن بالدار، والمقصود به ليس البيت فقط، وإنما الاستشعار بما تقدمه المملكة العربية السعودية لتكون "لنا دار"، خاصة بعد دخول العالم المنحدر الصعب مع جائحة كورونا (كوفيد 19)، حيث أثبتت قدرتها وقوتها على إكمال المشاريع القائمة، وإطلاق الأخرى الضخمة، دافعة بأبنائها نحو الفرص والإمكانات من استمرار النمو والحفاظ على جودة الحياة الكريمة.
إنجازات تتواصل في إطار نهضة شاملة يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وينفذها ولي عهده الأمير محمد بن سلمان الذي بث روح الشباب في أوصال الدولة بأفكاره ومبادراته وسياساته، وقاد المملكة اليوم إلى ما بات يعرف بـ"السعودية الجديدة"، التي تعد "رؤية 2030" خارطة طريق لنهضتها.
ويحتفل السعوديون باليوم الوطني الذي يوافق 23 سبتمبر/أيلول من كل عام، وهو اليوم الذي أعلن فيه الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود توحيد البلاد تحت اسم المملكة العربية السعودية لتنتشي "الدار" بنجاح على مختلف الأصعدة.
مكانة دولية تتعاظم
على صعيد السياسة الخارجية، واصلت السعودية سعيها لتعزيز التضامن الخليجي وخدمة قضايا الأمتين العربية والإسلامية.
ففي مطلع العام، استضافت المملكة القمة الخليجية الـ41 التي عقدت في محافظة العلا شمال غربي السعودية في 5 يناير/كانون الثاني الماضي، والذي تم خلالها طي صفحة الخلاف مع قطر.
وفي خطوة تعزز مسيرة العمل الخليجي المشترك، وقعت السعودية وعمان على مذكرة تفاهم بشأن إنشاء مجلس تنسيق مشترك.
جاء التوقيع خلال زيارة سلطان عمان هيثم بن طارق، إلى السعوديَّة يوليو/ تموز الماضي في زيارة هي الأولى له خارجيا منذ توليه الحكم في 11 يناير/كانون الثاني 2020.
وعلى مدار عام 2021، عُقدت 4 قمم جمعت قادة السعودية والإمارات كان من بينها قمتان بين الأمير محمد بن سلمان والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، في مايو/أيار ويوليو/ تموز الماضيين لتبادل الرؤى وتنسيق الجهود وتعزيز الشراكة الاستراتيجية بينهما.
وفي إطار دعمها لحل الأزمة باليمن، أعلنت السعودية في مارس/ آذار الماضي، مبادرة للسلام في اليمن تضمنت وقفا شاملا لإطلاق النار وتخفيف قيود شحنات الوقود المتجهة إلى ميناء الحديدة وفتح مطار صنعاء بإشراف من التحالف والأمم المتحدة واستئناف العملية السياسية.
وتؤكد السعودية أن مبادرة السلام التي طرحتها المملكة ما زالت قائمة، وتدعو الحوثيين إلى وقف إطلاق النار والجلوس على طاولة المفاوضات.
ومع تشديد التحالف الذي تقوده السعودية على أنه يدعم الحل السياسي والجهود الدولية لحل الأزمة اليمنية، لكنه في المقابل لا يتهاون مع التهديدات التي تشكلها الهجمات الحوثية.
على الصعيد الإغاثي والتنموي، واصلت المملكة جهودها لتقديم المساعدات التنموية والإنسانية والإغاثية لأهل اليمن على مختلف الأصعدة.
كما أطلقت جسرا جويا يحمل مساعدات إنسانية في أغسطس/ آب الماضي للمساهمة في تخفيف آثار الحرائق التي اندلعت في بعض مدن الجزائر.
وأقامت جسرا جويا مماثلا لنقل المساعدات الإغاثية والطبية إلى تونس للإسهام في مكافحة انتشار فيروس كورونا.
وخلال مشاركتها في مؤتمر باريس لدعم السودان مايو/أيار الماضي، أعلنت السعودية عن تقديم منحة قيمتها 20 مليون دولار للمساهمة في تغطية جزء من الفجوة التمويلية للسودان لدى صندوق النقد الدولي.
كما أودعت المملكة مارس/آذار الماضي مبلغ 750 مليون دولار لدى البنك المركزي في الخرطوم، من بينهم 500 مليون دولار مخصصة لشراء القمح والدواء وذلك في إطار حزمة مساعدات اقتصادية .
وهكذا واصلت السعودية تعزيز علاقتها مع العراق في إطار جهودها لإعادة هذا لحاضنته العربية، وكان أحدث تلك الجهود مشاركتها في مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة المعروف إعلاميا بـ"قمة دول الجوار" في 28 أغسطس/آب الماضي.
كما واصلت السعودية الحفاظ على شراكتها الاستراتيجية مع شركائها في العالم؛ كالولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، وصنعت شراكات جديدة مع دول مثل روسيا و الهند و الصين.
على صعيد مواجهة التحديات الخارجية، واصلت المملكة التصدي لتدخلات إيران في المنطقة.
وفي الوقت نفسه، أرسلت رسائل إيجابية عديدة لإقامة جسور لتحقيق الاستقرار والسلام بالمنطقة، ورهنت ذلك بتغيير إيران سلوكياتها السلبية.
وامتدادا لدورها الثقافي المحوري والمؤثر، فازت المملكة العربية السعودية في يوليو/ تموز الماضي، برئاسة المجلس التنفيذي للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو)، خلال الفترة 2021 - 2023.
رؤية 2030.. انطلاقة جديدة
على الصعيد الداخلي، بعد نجاح رؤية السعودية 2030 في تحقيق إنجازات استثنائية خلال السنوات الخمس الأولى من إطلاقها، أطلقت مع بداية العام الجاري 2021 المرحلة التالية من مسيرة تحقيق الرؤية المملكة 2030.
مرحلة تستمر لخمس سنوات أخرى حتى عام 2025، وصفها مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بأنها مرحلة دفع عجلة الإنجاز والحفاظ على الزخم المطلوب لمواصلة الإصلاحات.
وفي إطار تلك المرحلة، أطلق الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، 15 سبتمبر/ أيلول الجاري برنامج تنمية القدرات البشرية، أحد برامج تحقيق رؤية المملكة العربية السعودية 2030، والذي يمثل استراتيجية وطنية تستهدف تعزيز تنافسية القدرات البشرية الوطنية محليًا وعالميًا.
برنامج جديد يعزز الإنجازات الذي تحققت على مدار 5 سنوات من إطلاق الرؤية، ويرفع سقف الطموحات، بعدما تحقق خلال الخمس سنوات الماضية، من ارتفاع نسبة تملّك المساكن التي وصلت إلى 60 % مقارنة بنسبة 47 % قبل خمسة أعوام.
ونجحت المملكة في مضاعفة أصول صندوق الاستثمارات العامة لتصل إلى نحو 1.5 تريليون ريال في عام 2020م بعد أن كانت لا تتجاوز 570 مليار ريال في 2015.
ويواصل برنامج صندوق الاستثمارات العامة طموحاته بخطى ثابتة نحو مضاعفة أصول الصندوق إلى 4 تريليون ريال سعودي تراكمياً بنهاية عام 2025 ليكون أحد أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم، بما يرسخ مكانته في رسم ملامح مستقبل الاقتصاد العالمي.
وأطلقت المملكة مشروعات مليارية كبرى لتسهم في رفاهية المجتمع وتوفير الوظائف وجذب الاستثمارات العالمية، ومن أهمها: نيوم، والقدّية، ومشاريع البحر الأحمر، وغيرها.
كان من أبرز الإنجازات نمو نسبة الناتج المحلي غير النفطي من الناتج المحلي الإجمالي لتصل إلى 59 % في عام 2020 بعد أن كانت 55 % في عام 2016. كما ارتفعت الإيرادات غير النفطية لتصل إلى 369 مليار ريال في عام 2020 بعد أن كانت 166 مليار ريال في عام 2015 بنسبة زيادة وصلت إلى 222 %، فيما زاد عدد المصانع بنسبة 38 % ليصبح 9,984 مصنعًا مقارنة بـ 7,206 مصنع قبل إطلاق الرؤية.
كما تضاعفت الاستثمارات الأجنبية ثلاث مرات تقريبا أو أكثر من خمسة مليارات ريال سنوياً إلى 17 مليار ريال سنوياً.
وحققت الإيرادات المالية للحكومة السعودية قفزة خلال النصف الأول من 2021، على أساس سنوي، وسط تحسن لافت في الإيرادات النفطية وغير النفطية.
وقالت وزارة المالية السعودية إن إيراداتها المالية خلال النصف الأول من العام الجاري، صعدت بنسبة 39% على أساس سنوي، مسجلة 452.87 مليار ريال (120.76 مليار دولار).
على صعيد مبادرات الطاقة، افتُتح في 8 إبريل/ نيسان الماضي أول مشروعات مبادرة خادم الحرمين الشريفين للطاقة المتجددة، وهو مشروع محطة سكاكا للطاقة الشمسية، الذي يعد بداية مشروعات الطاقة المتجددة في المملكة، وتبلغ سعته الإنتاجية 300 ميجاوات.
و في مجال توطين الصناعات العسكرية، تمكّنت برامج رؤية المملكة 2030 من رفع نسبة التوطين في القطاع لتصل إلى 8% مع نهاية عام 2020 بعد أن كانت 2 % في عام 2016.
كما أُطلق ولأول مرة في تاريخ المملكة برنامج تراخيص مزاولة أنشطة الصناعات العسكرية.
وكشفت هيئة الصناعات العسكرية السعودية يوليو/ تموز الماضي عن نموٍ في عدد الشركات المرخصة في المملكة بنسبة 41% بنهاية النصف الأول من 2021، مشيرة إلى أن عدد الشركات المرخصة بلغ حوالي 99 شركة محلية ودولية ومختلطة.
على صعيد تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد، ترسخت ثقافة المحاسبة على مستوى الجهاز الحكومي والمواطن، وبلغ مجموع ما استردته الخزينة العامة من تسويات مكافحة الفساد 247 مليار ريال في الأعوام الثلاثة الماضية، وهذا يمثل 20% من إجمالي الإيرادات غير النفطية، إضافة إلى أصول غير نقدية بعشرات المليارات نُقلت إلى وزارة المالية.
وزادت مشاركة المرأة السعودية في القوى العاملة لتصل إلى 33.2 % عام 2020، بعد أن كانت 19.4 % في عام 2017، إضافة إلى تطوير القوانين التي تحمي وتعزّز حقوقها على المستويات الشخصية والمهنية.
اقتصاد الفضاء
ضمن جهودها المتواصلة لتحقيق طموحاتها الفضائية، أعلنت المملكة في يوليو/ تموز الماضي إطلاق أوَل برنامج سعودي للابتعاث الخارجي، منتهٍ بالتوظيف في مجال الفضاء.
وفي مارس/ آذار الماضي، أعلنت "مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية" نجاح إطلاق القمر الصناعي "شاهين سات"، المخصص لتصوير الأرض وتتبع السفن من المدارات المنخفضة.
وتسعى المملكة إلى أن يكون قطاع الفضاء مسهماً رئيساً في ازدهار المملكة وقيادته لتحقيق رؤية المملكة 2030 من خلال تطوير القطاع وتنظيمه وتوفير الممكّنات لتحقيق إنجازات رائدة فيه تنعكس على الاقتصاد المحلي وتخلق قطاعات وأسواق جديدة.
وتمضي المملكة في طريقها لتحقيق المزيد من الإنجازات من خلال رؤية 2030، مستهدفة تعزيز النمو الاقتصادي واستدامته في المجالات كافة، وإرساء أسس جديدة لتنويع مصادر الدخل.