"المملكة ممثلة في خادم الحرمين وولي عهده هي خط أحمر ولن نسمح بمحاولات المساس بقيادتنا أو النيل منها من أي طرف كان".
إلى أين تتجه السعودية داخلياً وخارجياً عقب أزمة «خاشقجي»؟
أمس الأول، رسمت صورة أقرب إلى الاكتمال في شكل توجهات السياسة السعودية عقب أزمة قتل الزميل جمال خاشقجي -رحمه الله- وقد ساعدتني هذه الملامح خلال زيارتي إلى الرياض، التي استغرقت 12 يوماً، في فهم الصورة.
أهم الدروس المستفادة مما حدث هو أن أي مشروع إصلاحي مثله مثل أي عمل صادر عن اجتهاد إنساني، مهما أوتي من الحكمة والعلم، هو قابل للتعديل والمراجعة والتصويب من خلال ما يظهر من نتائج إيجابية أو سلبية تظهرها التجربة الفعلية اليومية
جاء الأول من خلال أهم عناصر الخطاب المهم الذي ألقاه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أمام مجلس الشورى السعودي، والثاني من خلال تصريحات مهمة للغاية أدلى بها وزير الخارجية السعودي عادل الجبير لصحيفة «الشرق الأوسط».
كل من الخطاب والتصريحات يكملان بعضهما البعض في توضيح كيف فهمت وقرأت السعودية حادث «خاشقجي»؟ وكيف استوعبته واحتوته؟ وما الذي اتخذته من مسارات وقرارات تتعلق بسياستها الداخلية والإقليمية في المستقبل القريب؟
كان رهان أعداء المملكة أن تقصف مسألة ردود فعل جريمة خاشقجي بتركيبة المعادلة التي اتبعتها المملكة منذ حكم الملك سلمان، ثم بعد تولي الأمير محمد بن سلمان ملف الإصلاح الشامل في البلاد حتى أصبح ولياً للعهد.
كلام الملك سلمان وتصريحات الجبير تعكس 3 مبادئ رئيسية:
1- أن العاصفة التي هبت على السعودية منذ 3 أكتوبر تمت السيطرة على مفاعيلها، وأنه يجرى التعامل معها بفهم وشفافية ورغبة صادقة في الاستيعاب والفهم والتصحيح.
2- أن الخطأ الجسيم الذي أدى إلى حدوث ما حدث يخضع الآن للتحقيق ثم الإصلاح، ثم عمل نظام وهيكل وآلية ونظام رقابة ومتابعة تضمن عدم تكراره.
3- أن المملكة بقيادة مليكها وولي عهدها لن تخضع للابتزاز، ولن تتراجع عن دورها في فلسطين واليمن ومقاومة الإرهاب، والتصدي للمشروع الإيراني.
وجاء كلام الملك سلمان ليؤكد دعمه الواضح والصريح للمشروع الإصلاحي الذي أسسه وتبناه ولي العهد، من خلال دعم غير محدود لدور القطاع الخاص في تحقيق الخطة التنموية التي تؤدي إلى «حلم 2030»، ولعل أهم الدروس المستفادة مما حدث هو أن أي مشروع إصلاحي مثله مثل أي عمل صادر عن اجتهاد إنساني، مهما أوتي من الحكمة والعلم هو قابل للتعديل والمراجعة والتصويب من خلال ما يظهر من نتائج إيجابية أو سلبية تظهرها التجربة الفعلية اليومية.
وكانت تصريحات الوزير عادل الجبير، هذه المرة، صارمة، حادة، حازمة أكثر من أي مرة أخرى، ومخالفاً لصوته ونبرته المعتادة في استخدام السقف الدبلوماسي الهادئ حينما أكد الآتي:
1- أن المملكة ممثلة في خادم الحرمين وولي عهده هي خط أحمر، ولن نسمح بمحاولات المساس بقيادتنا أو النيل منها من أي طرف كان.
2- أنه حسب ما أعلنته النيابة السعودية أنه لم يتم حتى تاريخه تسليم أي أدلة من الجانب التركي.
3- جاء أخطر وأهم ما قاله الوزير الجبير في حواره هذا -من وجهة نظري- أننا استفسرنا من الجانب التركي عن أي تسريبات يمكن أن تنسب أي دور إلى ولي العهد، وأكدوا لنا بشكل قطعي أن ولي العهد ليس المقصود بهذه التصريحات.
نقلا عن "الوطن المصرية"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة