دائما ما يكون للصبر حدود لا يمكن تجاوزها، ومع كل ذلك سطرت القيادة السعودية تميزا سياسيا ينم عن خبرة وحرص على الخليج
في السياق السياسي للبيان السعودي الذي صدر في السابع من سبتمبر 2019م، يبدو واضحا وبشكل كبير تفوق الخبرة السياسية السعودية وقدرتها على جعل البيان بمنهجية سياسية واضحة تستند إلى الحقائق الجلية، وتلتزم المجادلة المنطقية للأسباب والنتائج في الأزمة، فمتانة البيان السعودي ساهمت بشكل مباشر في تفنيد استباقي للبيان القطري، الذي صدر الإثنين الماضي التاسع من سبتمبر 2019م، وهذه مهارة سياسية للبيان السعودي.
البيان السعودي واضح في كل مرة يصدر عن حكومة المملكة العربية السعودية حول قطر، هناك شروط واضحة لم تنقص ولم تزد بل بقيت كما هي وبقيت المطالبة بها بنفس الدرجة وبنفس اللغة السياسية ولم يتم التصعيد أو تغيير المطالب، كل ما هنالك أن توضع هذه الشروط على طاولة التنفيذ
ولفهم القوة التي تميز بها البيان السعودي فإن الملاحظة الجدير بالإبراز أن اللغة والتسبيب والأهداف حول المقاطعة لم تتغير بالنسبة للسعودية أو شركائها، فمنذ إعلان مقاطعة دولة قطر في الخامس من يونيو من العام 2017م، والمطالب السعودية بجانب دول المقاطعة لم يطرأ عليها تخفيض أو تغيير في اللغة، المطالب هي نفسها والشروط هي نفسها والتطبيق أسهل مما يعتقد النظام في الدوحة.
مما جاء في بيان وزارة الخارجية القطرية: "لذا، تجد وزارة الخارجية في دولة قطر نفسها مضطرة للرد على محاولات لي عنق الحقيقة ونشر بيانات بعيدة عن الحقائق وتخدم حسابات ضيقة"، هذه الجملة يمكن قبولها في حال كانت السعودية ودول المقاطعة تنشر بياناتها بلا استناد إلى مسارات سياسية واضحة أو اتفاقات لعل أقربها اتفاق وقع بخط اليد من الأمير تميم في العام 2014م بشهادة سمو الشيخ صباح الأحمد أمير دولة الكويت الذي تحترم السعودية وساطته بل تدعمها مع دول المقاطعة لأن الهدف الأخير هو لم الشمل الخليجي لمن يرغب.
السعودية تحديدا صبرت على النظام في قطر منذ العام 1995م، ولعلي أتذكر شخصيا تلك البرامج والتوجهات الإعلامية التي كانت تؤذينا في السعودية وتهدف إلى زعزعة أمننا ولحمتنا الوطنية، ولكن كل ما كنا نسمعه من القادة في وطني في ذلك الزمان أن للجار حقا ولا بد من الصبر عليه لعله يدرك حجم الأخطاء التي يقع فيها.
ولكن دائما ما يكون للصبر حدود لا يمكن تجاوزها، ومع كل ذلك سطرت القيادة السعودية تميزا سياسيا ينم عن خبرة وحرص على الخليج بأن وضعت خطوط عودة للنظام القطري في حال رغبت بذلك عبر تطبيق شروط لا تتدخل بسيادة قطر أو شؤونها الداخلية إنما تتعلق بممارساتها الجانبية التي أثرت على دول في محيطها الجغرافي والسياسي.
البيان السعودي واضح في كل مرة يصدر عن حكومة المملكة العربية السعودية حول قطر، هناك شروط واضحة لم تنقص ولم تزد بل بقيت كما هي وبقيت المطالبة بها بنفس الدرجة وبنفس اللغة السياسية ولم يتم التصعيد أو تغيير المطالب، كل ما هنالك أن توضع هذه الشروط على طاولة التنفيذ، وبعدها يتغير كل شيء وسوف ترحب السعودية وكل دول المقاطعة بعودة دولة قطر إلى مسارها الخليجي والعربي، بشرط تنفيذ هذه الشروط.
أما الشعب القطري فهو شعب شقيق هكذا تقول البيانات الصادرة من جميع دول المقاطعة بلا استثناء، ولن يكون الشعب القطري ضحية للحقائق أو تقويضها من جانب النظام في الدوحة الذي يؤمن، وعبر مسؤوليه، أن السعودية سوف تظل إلى ما لا نهاية هي الشقيقة الكبرى لكل دول الخليج، والقيادة في الدوحة يدركون ماذا تعني هذه العبارة سياسيا وتاريخيا.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة