السعودية والإمارات.. تنسيق يتواصل وشراكة تتزايد
زيارات متبادلة ومباحثات متواصلة بين قادة ومسؤولي السعودية والإمارات لدعم العلاقات وتنسيق الجهود وزيادة التعاون بينهما.
ووصل إلى السعودية، الإثنين، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بالإمارات، في زيارة هي الثانية له خلال شهرين بعد الزيارة التي أجراها 5 مايو/أيار الماضي.
وسبق زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان للمملكة العربية السعودية، زيارات متبادلة واجتماعات مكثفة على مدار الأيام الماضية، توثيقا للشراكة والتعاون المتزايد بين البلدين.
ولا يكاد يمر أسبوع في تاريخ تلك العلاقات، إلا وتشهد تطورا ونموا على الصعيدين الرسمي والشعبي.
فقبل 3 أيام، التقى اللواء الركن صالح محمد بن مجرن العامري، قائد العمليات المشتركة بوزارة الدفاع الإماراتية، مع الفريق الركن مطلق بن سالم الأزيمع المطيري قائد القوات المشتركة نائب رئيس الأركان بالمملكة العربية السعودية خلال زيارته لقيادة قوات التحالف العربي في الرياض الخميس الماضي.
جاءت الزيارة بعد أيام من اختتام القوات الجوية والدفاع الجوي الإماراتي مشاركتها في التمرين الجوي المشترك والمختلط "طويق 2"، والذي استمر لمدة أسبوعين في المملكة العربية السعودية.
وواصلت مسيرة التعاون المتنامية بين البلدين طريقها، حيث عقدت قبل أسبوع لجنة التنمية البشرية المنبثقة عن مجلس التنسيق السعودي الإماراتي لقاء افتراضيا يوم 7 يوليو/تموز الجاري ضمن إطار تعزيز العلاقة الاستراتيجية بين البلدين ومتابعة آخر مستجدات المشاريع القائمة بين الطرفين.
جاء هذا الاجتماع بعد 3 أسابيع من الاجتماع الأول للجنة المال والاستثمار التابعة لمجلس التنسيق السعودي الإماراتي، عبر تقنيات الاتصال المرئي، بهدف متابعة سير عمل المبادرات الاستراتيجية المعتمدة في مجموعة من المحاور الرئيسية شاملة مجالات الخدمات والأسواق المالية، ودعم ريادة الأعمال، والاتحاد الجمركي، والسوق المشتركة، والسياحة والتراث الوطني، وآليات تنفيذها وفق الخطط المعتمدة.
وقبل نحو 6 أسابيع، تم توقيع مشروع اتفاقية تأسيس جمعية الصداقة البرلمانية بين البلدين ترسيخا وتتويجا لعلاقات الأخوة والشراكة الاستراتيجية المتجذرة بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، وتأكيدا على المصالح المشتركة والمتنامية بين البلدين الشقيقين وشعبيهما.
وتعكس الزيارات المتبادلة والمباحثات المتواصلة بين قادة ومسؤولي البلدين في وقت قريب وقصير، الحرص المتبادل بين الجانبين على التواصل والتباحث وتبادل الرؤى وتنسيق الجهود وتعزيز العلاقات الاستراتيجية بينهما على مختلف الأصعدة.
تعاون عسكري متنامٍ
على صعيد التعاون العسكري، قام اللواء الركن صالح محمد بن مجرن العامري، قائد العمليات المشتركة بوزارة الدفاع الإماراتية، برفقة وفد رفيع المستوى من كبار ضباط القوات المسلحة، بزيارة إلى الرياض في 15 يوليو/تموز الجاري، تفقد خلالها لقوة الواجب الجوية المشاركة في عمليات "عاصفة الحزم" ضمن قوات التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية.
والتقى العامري، خلال زيارته، الفريق الركن مطلق بن سالم الأزيمع المطيري قائد القوات المشتركة نائب رئيس الأركان بالمملكة العربية السعودية.
وأكد اللواء العامري على الموقف الثابت لدولة الإمارات مع المملكة العربية السعودية الشقيقة تجاه كل ما يهدد أمنها واستقرارها.
وتأتي هذه الزيارة في إطار التعاون العسكري المستمر بين البلدين الشقيقين، حيث اطلع قائد العمليات المشتركة والوفد المرافق على آخر مستجدات العمليات العسكرية وعمليات الإغاثة الإنسانية.
وقبل شهر، اختتمت القوات الجوية والدفاع الجوي الإماراتي في 16يونيو/ حزيران الماضي مشاركتها في التمرين الجوي المشترك والمختلط "طويق 2 " والذي استمر لمدة أسبوعين في المملكة العربية السعودية.
جاء هذا التمرين بعد أيام من زيارة الفريق أول فياض بن حامد الرويلي، رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة السعودية، للإمارات، مايو/أيار الماضي، والتقى خلال زيارته كلا من محمد بن أحمد البواردي، وزير الدولة الإماراتي لشؤون الدفاع، والفريق الركن حمد محمد ثاني الرميثي رئيس أركان القوات المسلحة الإماراتي.
وجرى خلال اللقاء بحث العلاقات الأخوية الثنائية التاريخية والاستراتيجية بين البلدين، والسبل الكفيلة بدعمها وتطويرها بما يعزز المصالح المشتركة للبلدين، وسعيهما لتطوير التعاون في كافة المجالات خاصة في المجال العسكري والدفاعي.
لجنة صداقة برلمانية
على الصعيد البرلماني، وقع صقر غباش، رئيس المجلس الوطني الاتحادي الإماراتي، مع الدكتور عبدالله بن محمد آل الشيخ رئيس مجلس الشورى السعودي في الرياض، نهاية مايو/أيار الماضي، على مشروع اتفاقية تأسيس جمعية الصداقة البرلمانية بين المجلسين.
وتأتي هذه الجمعية ترسيخا وتتويجا لعلاقات الأخوة والشراكة الاستراتيجية المتجذرة بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، وتأكيدا على المصالح المشتركة والمتنامية بين البلدين الشقيقين وشعبيهما.
وتعد "جمعية الصداقة البرلمانية الإماراتية السعودية" أول جمعية صداقة ينشئها المجلس الوطني الاتحادي منذ تأسيسه قبل قرابة خمسة عقود مع مؤسسة برلمانية على مستوى العالم، وذلك ترسيخا لعلاقات التعاون بين البلدين لا سيما في مجال تطوير العلاقات البرلمانية، وتعبيرا عن الرغبة المتبادلة في تطوير أسس التفاهم، والحوار، وتنمية العلاقات الثنائية بينهما.
وأكد غباش على أن إنشاء جمعية الصداقة بين المجلس الوطني الاتحادي ومجلس الشورى السعودي، يأتي تعزيزا للعلاقات الثنائية المتميزة واستكمالا لأوجه التعاون والشراكة الاستراتيجية بين البلدين في الأصعدة والمجالات كافة بما يحقق المزيد من أوجه التعاون والتكامل البرلماني بين البلدين الشقيقين.
وتهدف الجمعية إلى دعم أواصر الصداقة، والتفاهم، والتعاون، وتعزيز أسس التعاون المشترك في مجالات العمل البرلماني، وتبادل الرأي والمشورة في مجال الدبلوماسية البرلمانية لاسيما في المنتديات والمحافل الدولية والإقليمية المشتركة، وتوثيق أطر العلاقات الثنائية.
قطار التنسيق.. خطوات متسارعة
وعلى صعيد العلاقات الثنائية المتنامية بين البلدين، في ضوء مجلس التنسيق السعودي الإماراتي، الذي تم توقيع الاتفاق على إنشائه في 16 مايو/أيار 2016، في قصر السلام بجدة، بحضور العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، واصلت اللجان المنبثقة عن المجلس اجتماعاتها على قدم وساق لتعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات.
وقبل أسبوع، عقدت لجنة التنمية البشرية المنبثقة عن مجلس التنسيق السعودي الإماراتي لقاء افتراضيا 6 يوليو/تموز الجاري.
تم خلال اللقاء عرض عدد من المشاريع المشتركة ضمن إطار تعزيز العلاقة الاستراتيجية بين البلدين ومتابعة آخر مستجدات المشاريع القائمة بين الطرفين وإبراز أهم الإنجازات والتحديات والحلول المقترحة في مجالات التعليم والصحة والفضاء والرياضة والشباب والثقافة والإعلام والذكاء الاصطناعي.
كما جرى طرح المبادرات الجديدة مثل استحداث الكلية التقنية الافتراضية السعودية الإماراتية والتي تهدف إلى تقديم تدريب افتراضي من خلال بيئة تفاعلية توظف تطبيقات التعلم الإلكتروني الذكي وفلسفاته المختلفة وتحقق أهداف المنظومة التعليمية الحديثة الداعمة لديمومة التعلم مدى الحياة.
وتم مناقشة إطلاق ملتقى سنوي مشترك بين البلدين في مجال التدريب التقني والمهني لتطوير العلاقات بين الجهات الأكاديمية في مجال التدريب التقني والمهني بين البلدين وتوقيع برنامج التعاون التنفيذي المشترك مع مركز أبوظبي للتعليم والتدريب التقني والمهني.
جاء هذا اللقاء بعد أسابيع من عقد الاجتماع الأول للجنة المال والاستثمار التابعة لمجلس التنسيق السعودي الإماراتي، عبر تقنيات الاتصال المرئي في 13 يونيو/ حزيران الماضي، بهدف متابعة سير عمل المبادرات الاستراتيجية المعتمدة في مجموعة من المحاور الرئيسية شاملة مجالات الخدمات والأسواق المالية، ودعم ريادة الأعمال، والاتحاد الجمركي، والسوق المشتركة، والسياحة والتراث الوطني، وآليات تنفيذها وفق الخطط المعتمدة.
تأتي هذه الاجتماعات في إطار تنفيذ توجيهات القيادة في البلدين الشقيقين، ومتابعة سير عمل المبادرات والمشاريع وضمان تنفيذها وفقاً للخطط المعتمدة، ووضع حلول للتحديات التي قد تواجه وتعرقل سير عمل المشاريع، ورفع التقارير الدورية "كل 3 شهور" إلى اللجنة التنفيذية عن سير عمل المبادرات والمشاريع التي تعمل على تنفيذها لجنة المال والاستثمار.
وتشمل أهم المبادرات التابعة للجنة المال والاستثمار مبادرة تسهيل انسياب الحركة في المنافذ، وتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الإمارات والمملكة العربية السعودية في السوق المشتركة، وإصدار واستخدام عملة إلكترونية افتراضية بشكل تجريبي، ووضع آلية لتمكين فروع بنوك البلدين من تعزيز أعمالها، فضلاً عن التنسيق بشأن أعمال التكنولوجيا المالية الحديثة وتبادل الخبرات.
وفي 7 يونيو/حزيران الماضي، انطلقت أعمال الملتقى السعودي الإماراتي للتدريب التقني والمهني الذي عقد على مدار يومين عبر تقنية الاتصال المرئي عن بعد، وجاء ضمن مبادرة "برنامج مشترك للتدريب التقني والمهني" المنبثق من مجلس التنسيق السعودي الإماراتي.
ويأتي انعقاد الملتقى بهدف تطوير العلاقات بين الجهات الأكاديمية للتدريب التقني والمهني في البلدين الشقيقين وتبادل الخبرات والتجارب المتخصصة واستشراف الرؤى المستقبلية للتحول الرقمي الذي يعمل على مواصلة عمليات التعليم خاصة خلال مرحلة كورونا بما يمكن المتعلمين والقائمين على عملية التعليم من تسخير التكنولوجيا الحديثة بما يضمن استمرار العملية التعليمية وتطويرها بعيداً عن طرق التعليم التقليدية.
ومجلس الإسكان السعودي-الإماراتي، ضمن مبادرات مجلس التنسيق السعودي الإماراتي، وعقد اجتماعه الرابع 22 مايو/أيار الماضي.
وناقش الاجتماع الذي عقد افتراضيا عبر تقنية الاتصال المرئي أهم المبادرات والمستجدات وأبرز المنجزات المتعلقة بقطاع الإسكان بما يحقق تطلعات القيادة الرشيدة ويخدم المصالح المشتركة للبلدين الشقيقين.
شراكة استراتيجية
تتميز العلاقات الإماراتية السعودية برابط "فريد" قائم على الأخوة والشراكة الاستراتيجية، التي تكشف عن المصير المشترك بينهما.
وتوثقت العلاقات بين البلدين بدعم من الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود.
وتعمقت وتجذرت بإشراف ومتابعة من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، حتى أضحت العلاقات بين البلدين نموذجاً يحتذى في العلاقات بين الدول.
وبتوجيهات قادة البلدين، مضت مسيرة التعاون بين البلدين نحو تعزيز الشراكة وتحقيق التكامل في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية، بما يسهم في تحقيق الخير والرفاهية لشعبي البلدين، ومواجهة التحديات في المنطقة وعلى رأسها مكافحة الإرهاب، وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.
وفي أول خطوة لتفعيل بنود الاتفاقية الموقعة بين البلدين بإنشاء مجلس التنسيق السعودي الإماراتي، ووضع خارطة طريق له على المدى الطويل ليكون النموذج الأمثل للتعاون والتكامل بين الدول، استضافت أبوظبي في 21 فبراير/شباط 2017 أعمال الخلوة الاستثنائية المشتركة بين البلدين تحت اسم "خلوة العزم".
واستضافت الرياض في 13 أبريل/نيسان 2017 أعمال جلسات المجموعة الثانية لخلوة العزم، بمشاركة أكثر من 200 مسؤول من حكومتي البلدين، وخبراء في القطاعات المختلفة، إضافة إلى ممثلي القطاع الخاص.
ويوم 7 يونيو/حزيران 2018، عقد الاجتماع الأول لمجلس التنسيق السعودي الإماراتي في مدينة جدة برئاسة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والأمير محمد بن سلمان.
ورفعت دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية خلال هذا الاجتماع مستوى العلاقات الثنائية بينهما إلى مراحل غير مسبوقة اشتملت على رؤية مشتركة للتكامل بين البلدين اقتصادياً وتنموياً وعسكرياً عبر 44 مشروعاً استراتيجياً مشتركاً ضمن "استراتيجية العزم" التي عمل عليها 350 مسؤولا من البلدين من 139 جهة حكومية وسيادية وعسكرية وخلال 12 شهرا.
وشهد الاجتماع الأول لمجلس التنسيق المشترك توقيع 20 مذكرة تفاهم لتعزيز التكامل السعودي الإماراتي في مختلف المجالات، وإطلاق حزمة من المشاريع الاستراتيجية.
ويوم 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، عقد الاجتماع الثاني للمجلس في أبوظبي وترأسه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والأمير محمد بن سلمان.
وشهد الاجتماع تبادل 4 مذكرات تفاهم في مجالات الصحة والثقافة والفضاء والغذاء واستعراض 7 مبادرات استراتيجية.
وتضمنت المبادرات السبع كلاً من التأشيرة السياحية المشتركة، وتسهيل انسياب الحركة بين المنافذ الجمركية، واستراتيجية الأمن الغذائي المشتركة، والأمن السيبراني، والعملة الرقمية المشتركة، ومشروع المصفاة العملاقة الجديد، ومجلس الشباب السعودي - الإماراتي.
وتمضي العلاقات بين الإمارات والسعودية في طريقها لتحقيق نموذج تكامل عربي استثنائي، بتوجيهات وجهود قادة البلدين، محوره التعاون والتكاتف على كافة الصعد سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، مستنداً إلى الإرث الحضاري والتاريخي ومقومات القوة المشتركة، ومدعوماً برؤى وطموحات قيادات البلدين، وسط إدراك مشترك بأن الدولتين يجمعهما مصير واحد ورؤية متكاملة مشتركة، وأن التعاون بينهما يصب في مصلحة تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والرفاهية لشعبيهما.