علاقات السعودية والإمارات.. استثنائية ضاربة بعمق التاريخ
العلاقة السعودية الإماراتية تمثل صمام أمان ليس للبلدين فحسب بل للمنظومة الإقليمية كونهما يجسدان قيم الاستقرار والتنمية.
ارتبطت دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية بعلاقات تاريخية ضاربة في جذور التاريخ والجغرافيا، تعززها روابط الدم والإرث والمصير المشترك، وتقوي روابطها إدراك قيادات البلدين لطبيعة المرحلة الحرجة التي تعيشها المنطقة والعالم، وأهمية التوحد في التعامل مع متغيراتها ومستجداتها، وإحساساً مشتركاً بالمسؤولية التاريخية الملقاة على عاتق البلدين، لحماية الأمن العربي.
- السعودية والإمارات تبحثان تعزيز التعاون لتحقيق الرؤى المشتركة
- في اليوم الوطني الـ89.. السعودية والإمارات شراكة استراتيجية تتوسع
وتمثل العلاقة السعودية الإماراتية صمام أمان ليس للبلدين فحسب، بل للمنظومة الإقليمية برمتها، كونهما يجسدان قيم الاستقرار والتنمية، ويمثلان منطق العقلانية السياسية ومفهوم الدولة الحديثة، في احترام القيم والتشريعات الدولية.
أوراق القوة التي تتميز بها العلاقات الإماراتية السعودية أصبحت تشكل خريطة طريق ذات معالم فائقة الوضوح، وتعكس الجاهزية الكاملة في التكامل بين البلدين الشقيقين على جميع المستويات.
ويرجع الفضل في تأسيس العلاقات المتينة بين البلدين إلى المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود، اللذين حرصا على توثيقها باستمرار وغرسها في ذاكرة الأجيال المتعاقبة حتى تستمر على ذات نهج التنسيق والتعاون والتشاور المستمر حول المستجد من القضايا والموضوعات ذات الصبغة الإقليمية والدولية، بما يكفل الانسجام التام والكامل لكل القرارات المتخذة من البلدين الشقيقين.
وشهدت العلاقات الثنائية بين الإمارات والسعودية، خلال العقد الأخير، خطوات استراتيجية مهمة جعلت منها نموذجا لما يجب أن تكون عليه العلاقة بين الدول العربية، ومثالاً على الوعي المشترك بطبيعة المتغيرات الإقليمية والدولية المحيطة، وأهمية التعامل معها بسياسات ومواقف متسقة ومتكاملة.
القضايا العربية المشتركة
وتستند هذه العلاقات القوية والاستراتيجية بين الإمارات والسعودية إلى أسس راسخة من الأخوة والرؤى والمواقف والتوجهات المتسقة تجاه قضايا المنطقة والعالم، وتصب في دعم المصالح المشتركة وتعزيزها، وتمثل ركناً أساسياً من أركان الأمن الجماعي في مجلس التعاون لدول الخليج والأمن القومي العربي، سواء على المستوى الإقليمي أو العالمي، من توجهات حكيمة ومعتدلة ومواقف واضحة في مواجهة نزعات التطرف والتعصب والإرهاب والتشجيع على تعزيز الحوار.
وتعكس الزيارات المتبادلة بين قيادتي البلدين أهمية الدور المشترك للجانبين في الحفاظ على أمن المنطقة وصون مكتسباتها، ورعاية مصالحها والدفاع عنها.
وأكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان عقب زيارته للمملكة العربية السعودية، أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عمق العلاقات الأخوية التي تجمع دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية.
وشدد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على قوة وصلابة ما وصل إليه تعاون وتضامن البلدين الراسخ في مختلف المجالات، خاصة فيما يتعلق بمواجهة التحديات التي تواجه المنطقة، ورؤيتهما المشتركة لتحقيق الأمن والاستقرار، ومجابهة مخاطر الإرهاب والتطرف.
وأشاد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بالمواقف المشرفة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، لما فيه خير ومصلحة دول مجلس التعاون الخليجي ونصرة القضايا العربية والإسلامية.
علاقات تاريخية تعززها القواسم المشتركة
وأسهمت العلاقات الثنائية بين البلدين في تعزيز أمن واستقرار المنطقة والعالم، خاصة أن تاريخهما يمتلئ بالمبادرات لتسوية الخلافات العربية أو لدعم الدول العربية، حيث تحملا العبء الأكبر في التصدي لحركة الاحتجاجات التي شهدتها مملكة البحرين الشقيقة في مارس/آذار عام 2011.
وقادا تحركا عاما لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بإرسال قوات "درع الجزيرة" إلى مملكة البحرين، انطلاقاً من الاتفاقيات الأمنية والدفاعية الموقعة بين دول المجلس، وهو الأمر الذي كان له عظيم الأثر في إعادة حفظ الأمن والاستقرار إلى مملكة البحرين.
ويحسب للبلدين أنهما كشفتا الأدوار التخريبية التي تقوم بها إيران في زعزعة أسس الأمن والاستقرار في المنطقة.
وجاء التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية والذراع الإماراتية القوية مدعوماً من دول المنطقة، ليسطر بداية تاريخ جديد للمنطقة يكتبه أبناؤها بأنفسهم، ويبدأ بعودة الشرعية إلى اليمن وهزيمة المخطط الخارجي الذي يهدف للسيطرة على اليمن، والذهاب به إلى أتون الخلافات الطائفية والمذهبية لخدمة أهداف خارجية لا يزال يراود أصحابها حلم السيطرة والهيمنة.
وانضم البلدان إلى الجهود الإقليمية والدولية الرامية للتصدي للتطرف والإرهاب، حيث شاركا في التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم "داعش" الإرهابي في عام 2014.
كما تقوم السعودية والإمارات بدور محوري ورئيسي في الحرب الدولية ضد التطرف والإرهاب، خاصة فيما يتعلق بالتصدي للجوانب الثقافية والفكرية، وهي جهود تحظى بتقدير المجتمع الدولي أجمع.
وكذلك انضمت الإمارات والسعودية، للتحالف الدولي لحماية حرية الملاحة في مياه الخليج العربي، وهو الدور الكبير الذي حظي بإشادة المجتمع الدولي والولايات المتحدة، حيث شكرت واشنطن الدولتين على جهودهما.
وقال مساعد وزير الدفاع الأمريكي جوناثان هوفمان، خلال مؤتمر صحفي سابق: " نشكر السعودية والإمارات والبحرين على مشاركتها في مبادرة حماية حرية الملاحة في مياه الخليج".
ترابط جغرافي واجتماعي
وتجسد العلاقات الثقافية بين البلدين مستوى الترابط الجغرافي والاجتماعي بين شعبيهما، وتعززت هذه العلاقات عبر قنوات متعددة؛ أبرزها قطاع التعليم الذي شهد في البدايات سفر طلاب الإمارات إلى السعودية للالتحاق بمدارس مكة المكرمة والإحساء والرياض، في حين تستقبل الجامعات والمعاهد الإماراتية اليوم عددا كبيرا من الطلاب السعوديين.
وتمثلت العلاقات الثقافية بين البلدين في مستويات عدة، سواء من خلال إقامة العديد من الاتفاقيات والبرامج المشتركة، أو على مستوى التداخل الثقافي بين المؤسسات الجامعة التي تعمل في هذا السبيل والمبدعين والمثقفين في البلدين، وذلك ضمن رؤية ترتكز إلى أن العلاقة بين البلدين الشقيقين، تعززها علاقة شعبين لهما امتداد وتاريخ وموروث ثقافي واجتماعي وجغرافي واقتصادي لا يمكن التشكيك فيه.