صفعة سعودية قوية لأردوغان بقبرص.. وتأييد شعبي واسع
وزير الخارجية السعودي إبراهيم بن عبدالعزيز العساف أجرى زيارة إلى قبرص، الأربعاء هي الأولى لمسؤول سعودي رفيع.
أربكت زيارة وزير الخارجية السعودي، إبراهيم بن عبدالعزيز العساف، إلى قبرص، نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وهو ما ظهر بشكل واضح في تصريحات ياسين أقطاي، مستشار الرئيس التركي.
أقطاي الذي دأب في الفترة الماضية على إطلاق تصريحات مسيئة للسعودية، تذكر فجأة ما قال إنها صداقة تربط بلاده بالمملكة، معتبرا زيارة العساف لقبرص "تتعارض مع أواصر تلك الصداقة وتعد تحديا لبلاده".
تصريحات أقطاي قوبلت بعاصفة انتقادات واسعة من مغردي السعودية، معربين عن رفضهم للتدخل في السياسة الخارجية للسعودية، مشيرين إلى أن تركيا لن ترسم للسعوديه خريطة علاقاتها مع بلدان العالم.
وفي المقابل قوبلت زيارة العساف باحتفاء واسع بالزيارة ودعوات للتوجية لقبرص لتشجيع السياحة بها بدلا من تركيا التي قاطعها السعوديون رفضا لسياسات أردوغان المعادية لبلادهم.
واعتبر كتاب وإعلاميون ومحللون سياسيون الزيارة الأولى من نوعها لمسؤول سعودي رفيع للدولة التي تشهد علاقتها بتركيا توترا منذ أكثر من أربعين عاما "قرصة" ورسالة قوية لأردوغان الذن وصفوه "بداعم الشر والإخوان".
زيارة تاريخية
وأجرى وزير الخارجية السعودي إبراهيم بن عبدالعزيز العساف إلى قبرص، الأربعاء، هي الأولى لمسؤول سعودي رفيع.
والتقى خلال الزيارة رئيس جمهورية قبرص نيكوس أناستاسيادس، حيث نقل له تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، والأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع له وتمنياتهما له ولحكومة وشعب قبرص الصديق المزيد من التقدم والازدهار.
وتم خلال الاستقبال استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين، إضافة لبحث المستجدات على الساحة الدولية.
كما التقى، خلال الزيارة، رئيس مجلس النواب القبرصي ديميتريس سيلوريس، حيث جرى استعراض العلاقات وآفاق التعاون الثنائي بين البلدين والموضوعات ذات الاهتمام المشترك.
كما التقى، بمقر وزارة الخارجية القبرصية، نظيره القبرصي نيكوس خريستودوليديس، وعقد الجانبان جلسة مباحثات رسمية استعرضا خلالها العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين وسبل تعزيزها وتطويرها بما يخدم البلدين والشعبين الصديقين.
وقال العساف، في مؤتمر صحفي مع نظيره القبرصي، "ندعم مشروعية قبرص وسيادتها، ونأمل أن يحل الطرفان المشكلة بطريقة سلمية، وسنواصل دعمنا لقبرص".
وأضاف العساف: "اتفقنا على ضرورة الاستفادة من العديد من العناصر التي تجمعنا والتاريخ الذي يربط قبرص بالعالم العربي والفرص الاقتصادية التي توفرها"، منوها بأن زيارته لقبرص هي أول زيارة لوزير أو مسؤول سعودي رفيع المستوى لقبرص.
من جهته، وصف وزير الخارجية القبرصي زيارة العساف بالتاريخية، مؤكدا الرؤية المشتركة بين البلدين في قضايا الشرق الأوسط ومكافحة الإرهاب.
تركيا وقبرص.. توتر متواصل
وتشهد العلاقات بين قبرص وتركيا توترات منذ أكثر من أربعين عاما بسبب مسألة تقسيم الجزيرة المتوسطية.
وانقسمت قبرص بعد اجتياح الجيش التركي لشمال الجزيرة، على إثر انقلاب عسكري عام 1974 كان يهدف إلى ضم الجزيرة إلى اليونان.
وقسمت الجزيرة، حيث يسكن القبرصيون الأتراك الثلث الشمالي لها، بينما يسكن اليونانيون الثلثين الجنوبيين.
وفصلت المنطقتان بمنطقة عازلة تابعة للأمم المتحدة، تسمى الخط الأخضر.
لا تمارس جمهورية قبرص العضو في الاتحاد الاوروبي سلطتها سوى على القسم الجنوبي من الجزيرة، في حين أُعلنت في الشطر الشمالي "جمهورية شمال قبرص التركية" غير المعترف بها دوليا.
ارتباك تركي
زيارة العساف وتصريحاته أربكت أردوغان ونظامه بشكل واضح، وخصوصا أنها تأتي في وقت تعيش فيه تركيا بشكل عام على وقع عدد من الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية بسبب سياسات الحزب الحاكم بزعامة أردوغان الذي انفرد بحكم تركيا بعد تحويل البلاد من نظام برلماني إلى رئاسي تصفه المعارضة بنظام الرجل الواحد.
كما أن الحزب الحاكم في طريقه إلى مزيد من الانهيار والتفكك؛ بسبب انشقاق عدد من قيادييه السابقين، أبرزهم نائب رئيس الوزراء الأسبق علي باباجان، الذي يتجه رفقة آخرين لتأسيس حزب سياسي جديد لمناهضة أردوغان وسياساته.
هذا الارتباك ظهر بشكل جلي في تصريحات مستشار رئيس حزب العدالة والتنمية ياسين أقطاي، الذي تضمنت تجاوزات وتدخلات في سياسة المملكة الخارجية.
وقال "أقطاي": إن "زيارة وزير الخارجية السعودي إلى قبرص اليونانية تتعارض مع أواصر الصداقة، وهذا تحدٍّ لتركيا لا يليق بالمملكة التي ننتظر منها مواقف أكثر عقلانية، لأن تركيا ليست عدواً للسعودية".
تصريحات "أقطاي" الذي دأب على الإساءة للسعودية أثارت عاصفة انتقادات واسعة من مغردي السعودية، وحملة تأييد قوية لزيارة العساف وتصريحاته، الذين أكدوا أنهم يدعمون كل ما تدعمه حكومتهم.
الكاتب والمحلل السياسي مبارك آل عاتي رد على مستشار أردوغان قائلا: "يا أقطاي تعلم أن السعودية دولة كبيرة قادرة على إقامة العلاقات التي تحقق مصالحها مع أي جهة كانت، ولا يهمنا سخطت تركيا أو رضيت، والرومان أفنيتم عقودا للانضمام لهم لكنهم رفضوكم، العلاقات مع قبرص الصديقة ستحقق توازنا مهما للسعودية، ونأمل أن نرى قاعدة معاوية بن أبي سفيان هناك قريبا".
بدوره، قال المغرد السعودي الشهير منذر آل الشيخ مبارك: "ما جاء في حديث مستشار أردوغان المدعو ياسين أقطاي عن زيارة قبرص تعدٍّ على حق السعودية السيادي!! هل تدخلت السعودية في علاقة تركيا مع الكيان الصهيوني أو فتح سفارة لها في القدس تلك التي كرست احتلاله؟ فكيف سمحت لنفسها بالتدخل في علاقات السعودية الخارجية!؟".
في السياق نفسه، قال الكاتب محمد الحربي: "علاقات دبلوماسية طبيعية تخص سيادة الدول.. من المثير للضحك تعليق المستشار أقطاي على أمر لا يخص بلاده.. ودولته على علاقات طبيعية مع إيران وإسرائيل! سعودية شامخة وأبية".
بدوره، قال المغرد محمد بن محمد القرشي: "السعودية دولة تعلم جيداً من الصديق ومن العدو وتتعامل بكل عقلانية وهدوء، ولا تحتاج أواصر صداقة قائمة على الابتزاز والتحريض والتآمر، ولو لم تتعامل بعقلانية مع سياستها وسيادتها لكنت أنت وزعيمك في شبك، وأعتقد أنكم الآن في كماشة وتوانا ما بدينا اللعب مع الكبار صعب يا أقطاي وأنتم صغار".
رسالة قوية
الكاتب والمحلل السياسي فهد ديباجي أعاد نشر تصريح وزير الخارجية إبراهيم العساف الذي قال فيه: "ندعم مشروعية قبرص وسيادتها، ونأمل أن يحل الطرفان المشكلة بطريقة سلمية وسنواصل دعمنا لقبرص"، واعتبر الزيارة "رسالة قوية لداعم الشر والإخوان" .
من جهته، اعتبر الكاتب السعودي عضوان الأحمري، رئيس تحرير صحيفة "إندبندنت" عربية، الزيارة قرصة لأردوغان، قائلا: "قبرص قرصة، وقرصة قبرص، حرّك الراكد، وأشغِل المجنون، هكذا فعلت السعودية مع تركيا عبر قبرص"·
وأردف في تغريدة أخرى: "السعودية فضلت عدم قطع العلاقة مع تركيا، لكنها اختارت تفعيل مقاطعة سياحتها والتحذير منها ومن خطرها، دعم قبرص في نزاعها من أنقرة".
وتابع: "وفي المقابل، ظهور أحزاب جديدة مقلقة لأردوغان بعد سقوط اإسطنبول وخسارته لها، الخليفة غارق في صراعاته، إرباكه أفضل من تركه".
الكاتب سلمان الدوسري أيد موقف بلاده، قائلا: "تم تقسيم قبرص منذ عام 1974، عندما غزتها القوات التركية، واحتلت 37% من أراضي الجزيرة.. التوتر في شرق البحر الأبيض المتوسط مرده التدخلات التركية غير القانونية".
بدوره، قال الإعلامي السعودي عبدالله البندر: "بدون جعجعة وبكل هدوء تحركت المياه الراكدة وتلخبطت أوراق الخليفة المزعوم عند زيارة وفد سعودي رفيع المستوى برئاسة وزير الخارجية إبراهيم العساف، وكان باستقبالهم الرئيس القبرصي، حيث أكدت السعودية دعمها للسيادة القبرصية ضد التدخلات التركية".
بدوره، قال المغرد بن هباس: "الانفتاح على كل دول العالم خطوة مهمة في سبيل تعزيز دور السعودية ومكانتها الإقليمية والعالمية، والأجمل أن تكون مصلحة المملكة مقدمة على مصالح دول أخرى كنا نتأمل فيها خيراً، ونخوض معارك ليست بمعاركنا من أجلها، اليوم قبرص وغداً دول أخرى، ولا يهم من يرضى ومن يسخط".