"ملشنة الجامعات".. حرب حوثية واسعة لتجهيل اليمنيين
"الجهل يولد الحرب"، معادلة يمكن مشاهدتها بوضوح فيما لحق بالتعليم بمختلف مستوياته في المناطق الواقعة تحت سيطرة مليشيات الحوثي الإرهابية، من أضرار لا حصر لها.
الجامعات اليمنية الحكومية الواقعة تحت سيطرة مليشيا الحوثي الإرهابية، تشهد عزوف الكثير من الطلبة عن الالتحاق بها؛ بسبب الاستهداف الممنهج للمليشيات لقطاع التعليم العالي المتمثلة بتدخلات سافرة لملشنة الجامعات.
مصادر أكاديمية يمنية قالت إن المليشيات الحوثية شيدت، كيانات موازية لنقابات التدريس واتحادات طلابية تحت مايسمى الملتقيات الأكاديمية وملتقى الطالب الجامعي، بهدف استقطاب الأساتذة والطلبة ومراقبة وإرهاب كل المعارضين لتدخلاتها الغير مبررة في شئون الجامعات.
وعملت المليشيات الحوثية على توظيف الجامعات الحكومية لخدمة أجندتها الطائفية، من خلال عدة أساليب ترهيبية وإدارية بقوة السلاح.
المصادر نفسها أكدت لـ"العين الإخبارية" أن المليشيات تمارس أساليب وتعسفات بحق الكادر الأكاديمي في الجامعات الحكومية أبرزها جامعات "صنعاء" و"الحديدة" و"ذمار" و"إب" وتقوم بعملية منظمة لتدمير التعليم وملشنة الجامعات.
وكشفت المصادر أنه بعد أكثر من شهر على فتح باب القبول والتسجيل في جامعة ذمار بلغ عدد المسجلين في 4 كليات بجميع أقسامها 45 طالبا وطالبة فقط، في وقت كانت تستقبل الكلية الواحدة قبل انقلاب الحوثي أكثر من 500 طالب.
ولم تحول مليشيات الحوثي الجامعات إلى منصات طائفية وإنما عمدت للتربح من جيوب الطلاب، حيث رفعت رسوم الدراسات العليا في كلية الطب البشري إلى 27 ألف دولار أمريكي واشترطت أن يدفع الطالب كامل المبلغ دفعة واحدة لدى تقدمه للتسجيل في الكلية.
مضايقات للطلاب
ويشكو طلاب يمنيون من مضايقات حوثية مستمرة تمارسها كيانات حوثية شُيّدت مؤخراً لتعمل في إدخال كوادر من أتباعها للتجسس ومراقبة حركة الأساتذة، والطلبة، والموظفين ما دفع الكثير من الطلاب لعدم الالتحاق بها.
أحد هؤلاء الطلاب الجامعين بندر عبدالرحمن الذي فر من محافظته إب إلى محافظة تعز على أمل الحصول على تعليم بعيد عن الطائفية ومعسكرات التجنيد.
يقول الطالب الجامعي إنه فضل الدراسة في جامعة تعز الخاضعة للحكومة المعترف بها دوليا بدلا عن جامعة إب الخاضعة لمليشيات الحوثي والتي أصبحت منصة طائفية لأدلجة الطلاب.
ويضيف لـ"العين الإخبارية" أن الجامعات في مناطق الحوثيين باتت معسكرات تجنيد أيضاً، حيث تستقطب المليشيات الطلاب وتغلق الكليات التي تتعارض مع توجهاتها الطائفية.
كما تجبر الطلاب والأساتذة والموظفين على أخذ دورات طائفية فضلا عن فرض مناهج طائفية بقوة السلاح كلها تعمل على تعبئة الطلاب عسكريا وتحثهم للالتحاق بالجبهات.
ملشنة الجامعات
وتستمر المليشيات الحوثية بتنفيذ أجندتها ضد عملية التعليم في الجامعات تحت مناطق سيطرتها، من خلال ارتكاب الجرائم والتعسفات والتي شملت الاقتحام والقمع والتنكيل، وإغلاق أقسام دراسية، وفرض تعاليم لخدمة أجندتها.
بحسب أستاذ الإعلام بجامعة الحديدة الدكتور منصور القدسي فإن هناك تدخلات سافرة لمليشيات الحوثي، لملشنة الجامعات بمناطق سيطرتها، خاصة جامعات صنعاء والحديدة وذمار وإب.
ويضيف القدسي لـ"العين الإخبارية" أن المليشيات الحوثية عملت على تغيير مناهج التدريس في الجامعات بهدف خدمة أجندتها العنصرية ومشاريع خارجية، وأنها استخدمت أساليب ترهيب لإرهاب أي معارض لتلك التدخلات.
ويشير إلى تعرض كثير من الأساتذة والطلبة والموظفين لانتهاكات متعددة، وصلت، بحسب القدسي، حد الاعتقال والاختطاف منهم، دون أي مبررات.
وطالب الأكاديمي اليمني الجهات المعنية بالحكومة اليمنية بعدم تجاهل خطورة ذلك التوجه لمليشيات الحوثي ضد منتسبي الجامعات والتعليم الجامعي وأثره السلبي علي العملية التعليمية وعلى سمعة ومكانة الجامعات على المستوي الداخلي والخارجي.
وعن أسباب عزوف الطلبة من الجامعات الواقعة تحت سيطرة المليشيات، يوضح الدكتور القدسي، أن هناك أسباب متعددة أدت إلى عدم الالتحاق بتلك الجامعات، أبرزها تردي جودة التعليم في مناطق المليشيات بسبب مغادرة كثير من الكفاءات الأكاديمية إلى الجامعات بمناطق الحكومة؛ نتبجة المضايقات التي لحقتهم من المليشيات، وحرمان رواتب من تبقى من الأكاديميين منذ ما يقارب من 9 سنوات.
ومن الأسباب أيضا تردي الوضع الاقتصادي، واستقطاب المليشيات للشباب للزج بهم في معاركها الدامية.
وبحسب الدكتور القدسي فإن الشباب اليمني يعاني من حالة إحباط وانسداد أفق أمامهم نتيجة إطالة أمد الحرب الحوثية التي كسرت أحلامهم في مواصلة التعليم الجامعي بعد مشاهدتهم لخريجي الجامعات بدون عمل، فتوجه كثير منهم إلى البحث عن فرص عمل بدلا من مواصلة التعليم.
وكانت مجاميع حوثية تابعة لملتقى الطالب الجامعي، اقتحمت مطلع الجاري مبنى كلية الهندسة في جامعة ذمار وقامت بإغلاقه بقوة السلاح، الأمر الذي حرم طلبة كلية الهندسة من الاختبارات النصفية في أقسام (المدني، المعماري، الميتكرونكس).
ولم تكن المرة الأولى التي تداهم فيها عناصر الميليشيات أقساماً وكليات دراسية في جامعة ذمار؛ إذ سبق للمليشيات أن ارتكبت العديد من تلك التعسفات في أواخر أغسطس/آب 2022، حيت قام القيادي الحوثي المدعو محمد البخيتي المعين من قبل المليشيات محافظاً لمحافظة ذمار، باقتحام مباني كليتي التربية والآداب في الجامعة وإغلاقهما، واعتقال أفراد حراستها، دون مبررات.
كما وضعت مليشيات الحوثي كاميرات لمراقبة الطالبات في أروقة الجامعات الحكومية، وتحديد نوعية اللباس الذي يفترض ارتدائه، فضلا عن قطع المرتبات، وفرض طواقم تدريس خاص بها، ومنع احتفالات التخرج والغناء، وحديث الطلاب مع زميلاتهم بزعم منع "الاختلاط".
aXA6IDE4LjIyMS41OS4xMjEg
جزيرة ام اند امز