مشاهد من اقتحام البرلمان.. خدمات فارهة غريبة على العراقيين
منذ الاقتحام الأول للمنطقة الرئاسية ببغداد، الشهر الماضي، وجد المحتجون أنفسهم أمام ذهول كبير جراء الخدمات الفارهة التي يتمتع بها المسؤولون.
ومع صيحات الغضب التي صدح بها العديد من المتظاهرين بسبب الأوضاع السيئة التي تعيشها البلاد، وما ترافق معها من أزمة سياسية خانقة،انشغل المقتحمون لـ "مدينة الدولة" كما يطلق عليها البعض بالشوارع المنبسطة والحدائق الخضراء ونظام المباني من الداخل المزودة بأجهزة وأثاث لم يشاهدوه من قبل.
وتقدمت الغرف في مبنى البرلمان على بقية المشاهد الأخرى، بعدما أظهرت صور ومقاطع فيديو لمتظاهرين يتجولون داخلها وهم ينشغلون بحداثة صنابير المياه بعدما عجز البعض عن معرفة استخدامها.
وتبادل المحتجون عبارات السخرية فيما بينهم بعدما وجدوا أنفسهم أمام "شفرة" ماء وليس صنوبراً، مستذكرين سوء أحوالهم وطبيعة المناطق التي يسكنونها والفقر الذي يرقع معاشاتهم ومعاناتهم اليومية.
وبحسب رصد لـ"العين الإخبارية"، لحراك تلك التظاهرات الاحتجاجية، تركز اهتمام بعض المقتحمين لمبنى البرلمان على الأجواء الباردة، وعدم انقطاع الكهرباء كبقية مدن العراق التي تعاني شحاً في الطاقة المزودة وخصوصاً خلال موسم الصيف.
وافترش محتجون كانوا أعلنوا اعتصاما مفتوحا، عند أرضيات مبنى البرلمان، حيث يلتحف بعضهم بأغطية "بطانيات"، للتخفيف من شدة البرد بسبب مكيفات الهواء.
فيما انشغل آخرون بطبيعة البلاط الذي فرشت به أرضية البرلمان من المرمر الخام، والفروش ذات الأسعار الباهظة فضلاً عن الزخارف والديكورات في فناء المبنى النيابي.
وشكلت تلك الخدمات في المنطقة المحصنة، قبلة لبعض المحتجين الذين وجدوا فيها فرصة للخلاص من بيوتهم التي باتت غرف شواء في ظل انقطاع التيار الكهرباء.
وفي مشهد آخر، تجمع أفراد حول "مرايا" معلقة عند غرفة الصحيات في مبنى البرلمان مزودة بمصابيح خفية ذات ألوان متعددة.
وأظهرت صور ومقاطع مصورة لأحد المتظاهرين ويطلب من زميل بجواره التقاط صورة له، وهو يقوم بتقليب الألوان داخل الزجاج، وهو يندب حظه الذي لم يسمح له أن يكون "سياسياً" يتنعم بتلك الخدمات.
وكذلك سجلت أحداث الاقتحام، صبية شباب وهم يجلسون على مقاعد البرلمانيين عند القاعة الكبيرة التي بدا أنها كراسي مزودة بأزرار متعددة ذات شاشة إلكترونية.
وجلس أحد المتظاهرين في حضن ذلك المقعد هو يوجه أزرار تشغيله بغية معرفة خصال ووظائف ذلك الكرسي الذي بدا أنه مزود بكل وسائل الراحة من تبريد وتدفئة وحركات متعددة تضفي الراحة لجالسيه.
ويحاول المتظاهرون الذي تصنف أغلب أعمارهم من الطبقات الشابة اليافعة من تلك الاحتجاجات العثور على حل لأزمات تعصف بمستقبلهم بينها الفقر والبطالة وفقدان الأمل القادم.
ورغم الثروات التي يتمتع بها العراق، إلا أنه معدلات الفقر وبؤس العيش وسوء الخدمات تطغى على مشاهد البلاد والتي يعزوها خبراء ومراقبين إلى الفوضى وسطوة الفساد وتوغل المليشيات في مؤسسات الدولة.
وعلق المعتصمون الأمل على الحركة الإصلاحية التي أطلقها الصدر التي وصفها بـ"الفرصة الأخيرة"، للخلاص من الفساد وحكومات التبعية والولاء للخارج.