ذكرى انتهاء الحرب مع إيران.. العراق يدفع "ثمن انتصاره"
وسط أزمة سياسية خانقة يعيشها العراق على وقع احتجاجات جماهيرية حاشدة تطالب بإنهاء الفساد وتحجيم سطوة المليشيات المسلحة.
تمر على العراقيين الذكرى الـ34 لانتهاء الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت 8 سنوات، وخلفت مئات آلاف من الضحايا واستنزفت ثروات طائلة لكلا البلدين.
ومع ما يشهده العراق من أزمات منذ الغزو الأمريكي والتغلغل الإيراني، دفع الكثير من المراقبين للتأكيد بأن العراق يدفع ثمن انتصاره، وإيران استثمرت الأوضاع ما بعد 2003، وبات الأمر كأنها تريد أن تُثأر لخسارتها وضحاياها الذي سقطوا في الحرب.
الحرب العراقية الإيرانية جاءت بعد نحو عامين من ثورة الخميني التي أطاحت بنظام الشاه، واستولت على الحكم، وبدت بعدها رغبة عارمة لما عرف حينها بـ"تصدير الثورة" إلى الفضاء الإقليمي والدولي.
ودفعت حينها "اتفاقية الجزائر"، الموقعة عام 1975، إلى اندلاع النار بين الطرفين في معركة تعد الأطول في تاريخ القرن العشرين، بعد أن أعلن الرئيس العراقي السابق، صدام حسين، بعد عام من وصوله إلى السلطة، التخلي عن بنود ذلك الاتفاق وعدم الالتزام بمقررات ما نصت عليه.
وتقوم اتفاقية الجزائر على تشاطر الجانبين الإيراني والعراقي نهر شط العرب، وكانت قد وقعها الرئيس الإيراني الشاه مع صدام حسين حين كان يشغل مهام النائب الأول لرئيس جمهورية العراق.
وكانت إيران المرشد ردت على إلغاء العراق لاتفاقية الجزائر بقصف جوي في 4 سبتمبر/أيلول 1980، طال مناطق حدودية خانقين وزرباطية ونفط خانة شرق البلاد، مما أدى لاستعار نار الحرب التي استمرت 8 سنوات.
وسجلت الحرب معارك طاحنة خالدة في ذاكرة الأجيال التي عاشت تلك الفترة بينها "المحمرة"، و"نهر جاسم"، و"جزيرة شبه الفاو"، والتي كلفت الجيش العراقي الكثير حتى استردها بعد نحو عام على احتلالها.
و باسترجاع "الفاو" عند جنوب البلاد عام 1987، وما تلاها من انتصارات عراقية متوالية ضمن معارك "توكلنا على الله" كانت إيران تدرك أن الاستمرار في الحرب بات احتراق ونهاية لقوتها ونظامها السياسي، مما حدى بها الركون والتسليم لمطالب السلام.
وفي 8 أغسطس/أب دخل قرار مجلس الأمن الدولي 598، حيز التطبيق بعد عام على إقراره، الذي أنهى بموجبه الحرب الطاحنة.
وفيما كان العراق الذي خرج منتصراً من تلك الحرب يحتفل بما حقق وسط فرحة عارمة عمت أغلب شوارع البلاد، كان المرشد الإيراني الخميني تجرع "كأس السم"، بقبول إنهاء الحرب والمصادقة على قرار مجلس الأمن.
وبحسب تقارير أممية فقد كلفت الحرب الطرفين نحو350 مليار دولار، ودفع الطرفان خسائر بشرية كبيرة، تكبد النصيب الأكبر منها الطرف الإيراني الذي تجاوز أعداد قتلاه المليون شخص، فضلا عن 2 مليون آخرين مشردين دون مأوى.
تداعيات الحرب
ومع انتهاء الحرب، إلا أن ذلك لم يسدل الستار على مخلفاتها وأضرارها، حيث لايزال حتى الآن المئات من الجنود لم يعرف مصيرهم فضلاً عن ملفات مازالت معلقة دون أن تجد حلاً على ميادين القتال طوال الـ8 سنوات.
ورغم مرارة الحرب والخسائر البشرية والمادية، إلا أن الكثير من العراقيين يستذكرون تلك المرحلة بفخر وزهو لما أبداه الجيش من بسالة وشجاعة في الدفاع عن حدوده الممتدة مع إيران لأكثر من 1400 كم.
لطيف ناصر، ذو الـ60 عاماً، يستحضر ذلك التاريخ الذي كان جزءاً من صناعته بعد أن عاش المعركة من البداية إلى لحظة انتهائها جندياً في إحدى كتائب المدفعية.
ويقول لـ"العين الإخبارية"، إن "تلك الأيام لا يمكن أن تنسى حيث الخنادق والحدود وأصوات الموت التي تتخطف وتحصد الأرواح يومياً، كنا نقاتل لأننا مؤمنون بعدالة قضيتنا ومشروعية تلك الحرب التي اضطررنا إلى خوضها ".
وتابع، لم أتوقع العودة إلى أهلي مع كل عملية أشارك في تنفيذها، حيث يستحضر أحد مشاهد الحرب قائلا: "بقيت في دبابتي محاصراً لأربعة أيام من القوات الإيرانية حتى إنني كتبت وصيتي حينها، ولكن شاء الله أن أبقى حياً إلى الآن".
ويبدي ناصر أسفه على "تلك التضحيات الجسام وذلك الزمن المهيب بعد أن تحول العراق ما بعد 2003، إلى ساحة للنفوذ الإيراني".
ومن جانبه يقول الضابط السابق والخبير الأمني، معن الجبوري، إن "إيران استثمرت الأوضاع في العراق ما بعد 2003، وبات الأمر كأنها تريد أن تثأر لخسارتها وضحاياها الذين سقطوا في حرب الثماني سنوات".
ويوضح الجبوري، لـ"العين الإخبارية"، أن "طهران بدت تعزز من نفوذها داخل العراق ما بعد سقوط نظام صدام حسين من خلال صناعة الأذرع المسلحة والتوغل داخل المؤسسات السياسية عبر مسميات وشخصيات تعود بالولاء لها".
ويضيف الجبوري في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "الحرب وأن خلفت الأرامل والأيتام والموتى إلا أن العراقيين يفتخرون بأنهم استطاعوا تطويق الرغبة الإيرانية حينها بالتمدد وتصدير أفكار انقلاب عام 1978".
aXA6IDMuMTQwLjE4NS4xOTQg
جزيرة ام اند امز