"المسموح في المهرجانات ممنوع بالسينما".. ما سر انفصام الرقابة العربية؟ (خاص)
قبل أيام عرف الفيلم الأمريكي "بابليون" طريقه للعرض في المغرب، وفوجئ عشاق السينما بحذف 7 مشاهد من أحداث الفيلم المرشح لجوائز الأوسكار.
واستبدلت الرقابة المغربية تلك المشاهد بشاشة سوداء، وأجرى رجال الرقابة جولات تفقدية على دور العرض، للتأكد من حذف المشاهد، التي تتضمن قبلات بين نساء وأخرى جنسية.
وصول مقص الرقيب إلى فيلم "بابليون"، الذي يشارك في بطولته براد بيت ومارغو روبي، يفتح الباب للتساؤل بشأن انفصام الرقابة على المصنفات الفنية في المجتمعات العربية، حيث تسعى لحذف تلك المشاهد من السينمات وقت عرضها تجاريا، وعدم الاقتراب منها عند عرضها في المهرجانات.
الناقد المصري أمجد مصطفى يقول لـ"العين الإخبارية": "في أغلب دول العالم لا توجد رقابة على المصنفات الفنية، ولكن في عالمنا العربي توجد رقابة بشكل واضح".
ويضيف مصطفى: "الأمر الغريب أن المجتمع هو الذي يقود الرقابة وليست وجهة نظر الرقيب، فعادات المجتمع وتقاليده هي التي تفرض سطوتها وسيطرتها على الرقيب".
ويتابع مصطفى: "في مصر على سبيل المثال مُنع عرض أفلام ورُفضت سيناريوهات من البداية بسبب خوف الرقيب من الصدام مع أعراف المجتمع، وفي أحيان كثيرة يقدم نواب البرلمان طلبات إحاطة حول عمل فني، لأنه ربما يحتوي على مشاهد جريئة أو يناقش قضية شائكة".
وحول السماح بعرض الأفلام كاملة في المهرجانات والحذف في العرض التجاري، قال مصطفى: "في المهرجانات تفرض الجهة المنتجة شروطها على إدارة المهرجان، ومن بين هذه الشروط العرض دون حذف، وبعض المخرجين يقومون بعمل نسختين للفيلم الواحد، وذات مرة قال لي أحد مساعدي المخرج العالمي يوسف شاهين إنه كان يقدم نسخة للفيلم في المهرجان تحتوي على كل شيء، بينما يقوم بالحذف قبل الوصول للسينما خوفا من حدوث أزمة تؤثر على عرض الفيلم تجاريا".
من جانبه، يقول الناقد طارق الشناوي لـ"العين الإخبارية": "للمهرجانات قانون خاص، إما عرض الفيلم كاملا وإما عدم العرض.. لست سعيدا بوجود رقابة عربية على الإبداع، ولكن عرض الأفلام تجاريا يخضع بالفعل لرقابة الدول".
ويوضح الشناوي: "لا يوجد قانون عام للحذف.. كل دولة لها وجهة نظر.. الصين على سبيل المثال لديها رقابة، وإيران تمارس الحذف بقسوة، وهناك أفلام مصرية كثيرة عُرضت كاملة في المهرجانات وطالها مقص الرقيب في العرض التجاري، مثل فيلم (اشتباك) للمخرج محمد دياب وبطولة نيللي كريم، حيث شارك في مهرجان (كان) في قسم (نظرة ما)، وتم الاتفاق بين المخرج والرقيب على حذف أجزاء منه بسبب المحاذير السياسية، ووُضعت لوحة مكتوب عليها زمن الأحداث قبل السماح بعرضه للجمهور".
فيما قال المنتج الفني حسين نوح لـ"العين الإخبارية" إن "وجود سقف للإبداع أمر مزعج، وأتمنى اختفاء مقص الرقيب في عالمنا العربي، لا سيما بعد الثورة التكنولوجيا التي طالت العالم.. فمن السهل على محبي السينما الوصول إلى نسخة الفيلم كاملة.. لذا أتمنى أن يختفي مرض الانفصام، ويتم التعامل مع الإبداع بحرية، فالحذف في كثير من الأوقات يشكل خطرا على جودة المنتج الفني وربما يجعله يصاب بالتشوه".
aXA6IDEzLjU4LjE2MS4xMTUg جزيرة ام اند امز