شولتز بـ«لحظة حرجة».. «انقلاب قصر» وبيستوريوس يهددان الولاية الثانية
وزير الدفاع الألماني هو أكثر السياسيين المحبوبين في ألمانيا، في حين أن المستشار أولاف شولتز هو أحد أقل السياسيين شعبية في البلاد.
نعم هذا صحيح. إذ تصنف استطلاعات الرأي بوريس بيستوريوس، وزير الدفاع وعضو الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم، باستمرار كأكثر السياسيين المحبوبين في البلاد. فيما يصنف شولتز كأحد أقل السياسيين شعبية.
ودفع ذلك العديد من المراقبين، بما في ذلك العديد من الأعضاء داخل الحزب الاشتراكي الديمقراطي، إلى طرح سؤال واضح قبل الانتخابات الفيدرالية الرئيسية: لماذا لا يتخلى الحزب عن شولتز ويجعل بيستوريوس مرشحه الأول لمنصب المستشار؟
من جانبه، يدّعي بيستوريوس أنه لا يساوره القلق بشأن هذه المسألة. وقال مؤخرًا على التلفزيون الألماني العام: ”السؤال لا يطرح نفسه بالنسبة لي“.
موضحا ”لدينا مرشح لمنصب المستشار. إنه المستشار الحالي. كل شيء يتلخص في ذلك. أنا سعيد جدًا بعملي. أحب أن أكون وزيراً للدفاع".
باب مفتوح
رغم ذلك، يبدو أن بيستوريوس قد أبقى الباب مفتوحًا أمام ترشحه المحتمل.
وقال في وقت سابق من هذا الأسبوع خلال زيارة قام بها إلى إقليم بافاريا جنوبي البلاد: ”في السياسة، لا يجب أن تستبعد أي شيء أبدًا، بغض النظر عن موضوعه“، مضيفا: ”الشيء الوحيد الذي يمكنني استبعاده بالتأكيد هو أن أصبح بابا (لكنيسة).“
ويُعرف بيستوريوس بآرائه المتشددة نسبيًا عندما يتعلق الأمر بتزويد أوكرانيا بالسلاح وتوسيع الجيش الألماني. ولهذا السبب، فهو ليس بالضرورة مناسبًا طبيعيًا لحزب سعى تقليديًا إلى الحفاظ على العلاقات مع موسكو، وظل متشككًا في استخدام القوة العسكرية.
وعلى الرغم من ذلك، يجادل الكثيرون داخل الحزب الاشتراكي الديمقراطي، بينهم نواب، بأن بيستوريوس هو الوحيد القادر على إنقاذ الحزب من هزيمة المرجحة في الانتخابات الألمانية المبكرة المتوقعة في 23 فبراير/شباط، بعد انهيار ائتلاف شولتز المكون من ثلاثة أحزاب في وقت سابق من هذا الشهر.
وفي المقابل، سعى قادة الحزب الاشتراكي الديمقراطي إلى وضع حد للتكهنات حول احتمال ترشيح بيستوريوس، متعهدين بأن شولتز لا يزال الخيار الأول للحزب. ما دفع المتمسكون بوزير الدفاع بعرض آرائهم في العلن.
"انقلاب متدرج"
وقال ماركوس تٌونس، وهو برلماني من الحزب الاشتراكي الديمقراطي وعضو قديم في الحزب، لمجلة شتيرن الألمانية: ”لقد قام المستشار بعمل جيد في وضع صعب للغاية، لكننا وصلنا الآن إلى نهاية الائتلاف ونحتاج إلى بداية جديدة“. وأضاف: ”سيكون ذلك أسهل مع بوريس بيستوريوس من أولاف شولتز“.
أما سيغمار غابرييل، الزعيم السابق للحزب الاشتراكي الديمقراطي ووزير الخارجية الأسبق، فقد صاغ الأمر بعبارات أقوى بكثير.
وكتب غابرييل في تغريدة على موقع "إكس" تابعتها "العين الإخبارية"، ”في قاعدة الحزب الاشتراكي الديمقراطي، تتزايد كل يوم مقاومة (العمل كالمعتاد) مع المستشار شولتز".
وتابع ”الرد الوحيد لقيادة الحزب الاشتراكي الديمقراطي هو الاسترضاء وتقديم تصريحات الولاء"، قبل أن يستدرك "ما نحتاجه الآن هو قيادة سياسية شجاعة. من سيتخلى عن ذلك سيدفع الحزب الاشتراكي الديمقراطي إلى ما دون الـ15 في المائة“ في الانتخابات.
كما قال المرشح السابق للحزب الاشتراكي الديمقراطي لمنصب المستشار مارتن شولتز (67 عامًا) في برنامج ”مايشبرجر“ بالتلفزيون الألماني: ”الأمر يتعلق أيضًا بمصير بلدنا“، في محاولة لدفع الحزب لاتخاذ قرار.
إلى ذلك، ناقش مشرعو الحزب الاشتراكي الديمقراطي في اجتماعين داخليين ساخنين الأسبوع الماضي ما إذا كان ينبغي أن يحل بيستوريوس محل شولتز.
وشارك في أحد الاجتماعين الجناح الأكثر تحفظًا في الحزب، حسبما ذكرت مجلة دير شبيغل الألمانية، بينما كان الاجتماع الآخر يتعلق بالجناح اليساري.
ووفق مجلة "بوليتيكو" الأمريكية، قال الأشخاص الذين كانوا حاضرين إن نسبة كبيرة من البرلمانيين في كلا المجموعتين فضّلوا التخلي عن شولتز لصالح بيستوريوس.
القيادة تقاوم
لكن قيادة الحزب لا تزال تتمسك بشولتز كمرشح للمستشارية.
ومع اقتراب موعد الانتخابات في أقل من 100 يوم، يرى قادة الحزب الاشتراكي الديمقراطي أن التغيير على رأس القائمة الانتخابية أمر محفوف بالمخاطر، ويتجهون إلى إنهاء النقاش قريبًا خوفًا من أن تؤدي المعركة على منصب المستشار إلى زيادة الإضرار بشعبية الحزب.
ولهذا السبب، قد يأتي الاختيار الرسمي لمرشح المستشارية في غضون أيام، حيث يرغب الكثيرون في تجنب حالة عدم اليقين التي قد تستمر حتى انعقاد مؤتمر الحزب الاشتراكي الديمقراطي في 11 يناير/كانون الثاني، وفق مجلة بوليتيكو.
استراتيجية شولتز
وإثر تصاعد الأحداث السريع، كتبت صحيفة بيلد الألمانية الأوسع انتشارا، "بينما كان المستشار (الحالي) يجتمع مع القوى العالمية في قمة العشرين، قامت أجزاء من الحزب الاشتراكي الديمقراطي بالتحريض على انقلاب عليه، لتثبيت وزير الدفاع بوريس بيستوريوس، كمرشح للمستشار".
قبل وقت قصير من إقلاع طائرته العائدة لبرلين مساء أمس، حاول شولتز احتواء الحريق في حزبه الحاكم، وأجرى مقابلات وركز على كلمة واحدة لافتة للنظر: ”معًا“.
هكذا يريد التعامل مع الأسابيع المقبلة والانتخابات البرلمانية، إذ يريد تهدئة الأجواء والموجة المضادة داخل الحزب حتى اجتماع داخلي مهم مقرر الإثنين المقبل، من المقرر أن يثبته كمرشح للمستشارية.
ووفق بيلد، يتفق المراقبون على أن شولتز سيحاول توحيد الصفوف ووقف الانقلاب بعد وصوله إلى برلين اليوم. لكن الصحيفة قالت "ما إذا كان الحزب الاشتراكي الديمقراطي سيخوض الحملة الانتخابية في نهاية المطاف مع أولاف شولتز أو بوريس بيستوريوس، لا يزال أمرا مفتوحًا تمامًا" على كل الاحتمالات.