ألمانيا تدخل حقبة جديدة.. الجيش ينتظر تحديثا "تاريخيا"
دخلت ألمانيا حقبة جديدة في سياستها الدفاعية والسياسية، بعد أن أعلن المستشار أولاف شولتز، حملة تحديث تاريخية للجيش الألماني.
جاء ذلك في بيان حكومي ألقاه شولتز أمام البرلمان، تعهد خلاله المستشار الألماني، بالدفاع عن كل شبر من أراضي بلاده، وأراضي الحلفاء في حلف شمال الأطلسي "الناتو".
المستشار الألماني قال أيضاً أمام البرلمان "سنستثمر أكثر في أمننا الوطني"، موضحا "ميزانية 2022 ستخصص 100 مليار يورو للاستثمارات العسكرية".
وأوضح "هناك شيء واحد واضح: علينا أن نستثمر أكثر وبشكل كبير في أمن بلدنا من أجل حماية حريتنا وديمقراطيتنا".
وتابع "ستستخدم الأموال في الاستثمارات الضرورية ومشاريع التسلح"، مضيفا "الهدف هو جيش يتسم بالكفاءة والحداثة والتقدم ويحمينا بشكل موثوق".
كما أعلن شولز "من الآن فصاعدًا، وعامًا بعد عام، ستستثمر ألمانيا أكثر من 2% من ناتجها المحلي الإجمالي في الدفاع عن نفسها".
وكانت حكومة شولتز المكونة من أحزاب الاشتراكي الديمقراطي والخضر والديمقراطي الحر، ترفض رفع ميزانية الدفاع، لكن المستشار تحدث في خطابه اليوم، عن "نقطة تحول بدأت مع الغزو الروسي لأوكرانيا".
وعلى الفور، وصفت صحيفة بيلد الألمانية كلمات شولتز بأنه "خطاب طال انتظاره، وسيغير ألمانيا وأوروبا إلى الأبد"، موضحة "أعلن شولتز تخصيص صندوق خاص للاستثمارات في الجيش بقيمة 100 مليار يورو، وهذا يمثل قفزة كبيرة، فعلى سبيل المثال بلغت ميزانية الدفاع في عام ٢٠٢١، 47 مليار يورو فقط".
كما دشن شولتز، وفق الصحيفة، سياسة خارجية جديدة، حيث قال "حرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أوكرانيا، تعني نقطة تحول أيضًا لسياستنا الخارجية"، مضيفا "في المستقبل، يجب أن يكون المعيار: أكبر قدر ممكن من الدبلوماسية دون سذاجة.. لن نتحدث من أجل يتحدث".
وبصفة عامة، يعد تخصيص صندوق خاص للاستثمارات في الجيش، ورفع الميزانية السنوية للدفاع إلى ٢% من الناتج المحلي الاجمالي، حدثا تاريخيا، وقطيعة مع نهج اتّبعته برلين منذ سنوات باستثمار نسبة أدنى بكثير من ٢% في الجيش، ما أدى لتعكير علاقاتها مع حلفاء الناتو، وحرك أيضا مشاكل كثيرة داخليا حول عدم كفاءة الجيش، وفق صحيفة بيلد.
وقال مراقبون، إن الحرب الروسية الأوكرانية، دفعت إلى حدوث تغيير كبير في السياسة الدفاعية والخارجية الألمانية، وقضى على عدد من التابوهات في ألمانيا، مثل الحد من الإنفاق العسكري، ومبدأ "القوة المدنية" الذي سيطر على الخطاب الألماني لعقود طويلة وحال دون بناء جيش حديث وقوي نتيجة لإرث البلاد الصعب وتجربتها مع الحروب العالمية.
نقطة التحول في السياسة الدفاعية، بدأت بتصريحات لوزير المالية الألماني كريستيان ليندنر، الخميس الماضي، قال فيها إن الوقت حان لإحداث "نقطة تحول" في الاستثمار الدفاعي الألماني.
وقال للتلفزيون الرسمي: "أخشى أننا أهملنا القوات المسلحة كثيرا في الماضي إلى درجة أنها لم تعد قادرة على أداء واجباتها كما ينبغي"، مضيفا "تراجع الإنفاق الدفاعي لم يعد يتناسب مع زماننا".
وكانت أنغريت كرامب-كارينباور وزيرة الدفاع السابقة في عهد المستشارة أنجيلا ميركل اعترفت في وقت سابق اليوم، بفشل تاريخي لبرلين في تعزيز نفسها عسكريا.
وقالت "أنا غاضبة جدا من أنفسنا لفشلنا التاريخي. بعد جورجيا وشبه جزيرة القرم ودونباس، لم نُعِدّ أي شيء من شأنه أن يردع بوتين حقا"، في إشارة إلى الاجتياحات التي نفذتها روسيا خلال وجود ميركل في السلطة.
وجاءت تصريحاتها الغاضبة على "تويتر"، بعدما كتب قائد الجيش البري الألماني ألفونس مايس على شبكة "لينكد إن" أن "الخيارات التي يمكننا تقديمها للسياسيين لدعم (حلف شمال الأطلسي) محدودة للغاية".
وكتب مايس في اعتراف صارخ أن الجيش الألماني "عارٍ بصورة أو بأخرى".
كما قال القائد الألماني إن "مناطق حلف شمال الأطلسي ليست مهددة بشكل مباشر إلى الآن، حتى لو شعر شركاؤنا في الشرق بالضغط المتزايد باستمرار".
لكنه اعتبر أن الوقت حان لتعزيز الجيش، وإلا "لن نكون قادرين على تنفيذ مهماتنا الدستورية أو التزاماتنا تجاه حلفائنا".
وعزز الماضي المظلم لألمانيا جنوحها بشكل تقليدي وقوي إلى السلم، ما عرّضها غالبا لانتقادات من شركائها لعدم وضعها ثقلها في معالجة أزمات ساخنة.
وطوال السنوات الماضية، دق المسؤولون العسكريون الألمان ناقوس الخطر بشأن مشاكل وأعطال تعاني منها طائرات الجيش ودباباته وسفنه.
وفي نهاية عام 2017، كانت جميع الغواصات الألمانية تخضع للتصليح، بينما في العام التالي لم تكن أي من طائرات "آي 400 إم" المخصصة للنقل والتابعة لسلاح الجو صالحة للطيران.
aXA6IDMuMTQ5LjI1MC4xOSA=
جزيرة ام اند امز