ألغاز بومباي تتكشف.. الجينات تصحح تاريخا عمره 2000 عام
كشفت دراسة جينية حديثة عن مفاجآت بشأن الهويات والعلاقات الأسرية للأفراد المدفونين في مدينة بومبي الرومانية القديمة، التي دُمرت عام 79م.
وأظهرت الدراسة، التي نُشرت تفاصيلها عبر موقع "ساي تيك ديلي"، أن العديد من السرديات التي بنيت لعقود على الأدلة الأثرية قد تكون غير دقيقة.
تحليل الحمض النووي
قام فريق من الباحثين الدوليين بتحليل الحمض النووي لخمسة أفراد تحنطوا بقوالب الجبس منذ نحو 2000 عام، ضمن مشروع لترميم 86 قالبا تالفا عام 2015.
وأظهرت النتائج أن بعض الافتراضات الشائعة عن جنس الأفراد وعلاقاتهم الأسرية، المستندة إلى المظهر الجسدي للقوالب والأدلة الأثرية الأخرى، كانت إما خاطئة وإما أكثر تعقيدا مما كان يُعتقد.
"الأم والطفل"
من أبرز الاكتشافات أن الشخص البالغ الذي كان يرتدي سوارا ذهبيا ويحمل طفلا على حجره، والذي افترض لعقود أنه امرأة مع طفلها، تبين أنه ذكر وراثيا، والطفل لا يمت له بأي صلة بيولوجية.
كما كشفت الدراسة أن ثلاثة من أربعة أفراد في مجموعة عائلية مفترضة لم يكن لديهم أي روابط وراثية واضحة، على الأقل حتى الدرجة الثالثة.
الجينات والأدلة الأثرية
صرحت أليسا ميتنيك، الباحثة المشاركة في الدراسة وقائدة مجموعة في معهد ماكس بلانك: "توضح هذه النتائج أهمية الجمع بين التحليل الجيني والمعلومات الأثرية والتاريخية لتصحيح أو إثراء السرديات التي تعتمد على أدلة محدودة." وأضافت أن الروايات التقليدية غالبا ما تعكس وجهات نظر الباحثين وتحيزاتهم أكثر مما تعكس الواقع التاريخي.
إبداع أم تحريف؟
وأشار الباحثون إلى أن قوالب الجبس المستخدمة للحفاظ على بقايا الضحايا قد تعرضت للنقل وإعادة الترميم بطرق قد تكون إبداعية أو منحازة بحسب أذواق الفترات التاريخية المختلفة. هذا الأمر يضيف مزيدًا من التعقيد في تفسير العلاقات الأسرية أو الأدوار الاجتماعية للأفراد.
أصول سكان بومبي
وأكدت الدراسة أيضا نتائج سابقة حول أصول سكان بومبي، مشيرة إلى أن معظمهم ينحدرون من مهاجرين من شرق البحر المتوسط، مما يعكس الطابع العالمي للإمبراطورية الرومانية في تلك الفترة.
وأكد ديفيد رايش، أستاذ علم الوراثة في جامعة هارفارد وأحد المشاركين في الدراسة، أهمية الحذر عند بناء قصص حول العلاقات الأسرية والجنس بناءً على أدلة أثرية محدودة.
وقال "بدلاً من إنشاء سرديات جديدة قد تكون مضللة، تشجع النتائج الجينية على التفكير النقدي حول مخاطر إسقاط توقعات العصر الحديث على المجتمعات السابقة".
وتشير هذه الاكتشافات إلى أهمية إعادة تقييم ما نعرفه عن الماضي بناءً على أدوات علمية متطورة، حيث تُظهر الدراسة أن الصورة التاريخية قد تكون أكثر تعقيدا مما نفترض، وأن الجمع بين الأدلة الأثرية والجينية يوفر فهما أعمق وأكثر دقة.
aXA6IDMuMTUuMTM3LjEzNSA= جزيرة ام اند امز