الإمارات في مجلس الأمن.. حراك متواصل لدعم فلسطين
تحرك إماراتي جديد في مجلس الأمن الدولي، هو الثاني خلال أسبوع، دعما لفلسطين ورفضا للاعتداءات الإسرائيلية على مدنها وقراها ومواطنيها.
يأتي التحرك الجديد ضمن جهود إماراتية متواصلة على مختلف الأصعدة السياسية والإنسانية والدبلوماسية لدعم القضية الفلسطينية.
كان أحدث تلك الجهود على الصعيد الدبلوماسي إصدار بيان شديد اللهجة، الإثنين، يدعو إسرائيل إلى الوقف الفوري للحملات المتكررة والمتصاعدة ضد الشعب الفلسطيني، عقب اقتحام مخيم جنين شمالي الضفة.
وعلى الصعيد الإنساني توجيه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، قبل نحو أسبوعين، بتقديم مبلغ 7.3 مليون درهم دعماً لبلدية مدينة الخليل الفلسطينية، ضمن جهود إنسانية متواصلة لدعم الشعب الفلسطيني.
كما قامت دولة الإمارات، بناء على توجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بفتح حساب مشترك والمساهمة بمبلغ 15 مليون دولار أمريكي لدعم عمليات وكالة الأونروا وخدماتها، ولتوفير المساعدات العاجلة للأسر الفلسطينية، خاصة إعادة تأهيل الخسائر في مدينة جنين ومخيمها، والتي شهدت خلال الفترة الماضية اعتداءات إسرائيلية كان لها تداعيات على آلاف الأشخاص.
دعم إماراتي أشاد به المفوض العام لوكالة "الأونروا" فيليب لازاريني، الذي قال إنها الدولة الأولى التي تمد يد العون لجنين بالضفة الغربية هذا الأسبوع، في مواجهة الدمار الهائل بالمخيم.
تحرك دولي
أما أحدث الجهود على الصعيد الدولي لنصرة القضية الفلسطينية، فجاءت عبر مجلس الأمن الدولي، التي تعد الإمارات عضوا غير دائم به لعامي 2023/2022.
ونقلت رويترز عن دبلوماسيين أن مجلس الأمن الدولي سيجتمع يوم الجمعة المقبل بشأن العنف في الضفة الغربية بطلب من دولة الإمارات.
وقال دبلوماسيون إن مجلس الأمن الدولي سيعقد جلسة مغلقة يوم الجمعة لمناقشة أحداث الشرق الأوسط، وذلك عقب تنفيذ إسرائيل أكبر عملية عسكرية في الضفة الغربية منذ سنوات.
وأضاف الدبلوماسيون أن الإمارات طلبت عقد الاجتماع "في ضوء التطورات المقلقة في فلسطين".
والإثنين، أطلقت إسرائيل عملية عسكرية واسعة في مدينة جنين ومخيمها بداعي ملاحقة مسلحين، أسفرت عن مقتل 12 فلسطينيا بينهم 5 أطفال وإصابة نحو 140 آخرين بينهم 20 في حالة حرجة.
وانسحب الجيش الإسرائيلي في ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء، من مخيم جنين شمالي الضفة، فيما سبق وتوعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن العملية العسكرية في جنين لن تكون الأخيرة.
ومنذ عدة شهور، يواصل الجيش الإسرائيلي تنفيذ اقتحامات بالضفة الغربية تتركز في مدن نابلس وجنين بدعوى ملاحقة مطلوبين.
التحرك الإماراتي الجديد لدعم القضية الفلسطينية داخل مجلس الأمن الدولي يعد الثاني من نوعه خلال أسبوع.
ففي 27 يونيو/حزيران الماضي، حذرت الإمارات من الاقتحامات المتكررة العنيفة للقرى والمدن الفلسطينية، مشيرة إلى أن الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة يقترب من نقطة اللاعودة، مما يهدد بانهيار كامل لأي مظهر من مظاهر الاستقرار والأمن.
وقالت دولة الإمارات، في بيان، أمام مجلس الأمن الدولي بشأن الحالة في الشرق الأوسط بما في ذلك القضية الفلسطينية: "لقد مضى وقت الإعراب عن القلق والإدانة ويتوجب على مجلس الأمن والمجتمع الدولي تحمل مسؤولياتهم وتجاوز الوضع القائم الذي أثبت فشله".
وبينت أنه "حان الوقت لاتخاذ إجراءات حازمة ومكثفة، تساهم في تهدئة الأوضاع على الأرض وإحياء عملية السلام، مما يعني بذل مزيد من الجهود إقليميا ودوليا".
إدانات متتالية
وجنبا إلى جنب مع حراكها في مجلس الأمن، كانت الدبلوماسية الإماراتية حاضرة لتوجيه رسائل شديدة اللهجة رافضة للتصعيد، وداعية للسلام.
وأدانت دولة الإمارات، الإثنين، بشدة الاعتداءات التي قامت بها إسرائيل على مدينة جنين الفلسطينية ومخيّمها من خلال القصف الجوي وإطلاق النار، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى.
وشددت وزارة الخارجية الإماراتية، في بيان لها، على ضرورة الوقف الفوري للحملات المتكررة والمتصاعدة ضد الشعب الفلسطيني، وحثت السلطات الإسرائيلية على عدم اتخاذ خطوات تفاقم التوتر في الأراضي الفلسطينية المحتلة وتؤدي إلى تدهور الأوضاع وتوسيع دائرة العنف، وإلى الالتزام بأحكام القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن.
كما شددت الخارجية الإماراتية على ضرورة إعادة تضافر الجهود الدولية لوقف إطلاق النار لإحياء عملية السلام في الشرق الأوسط.
وأكدت دعم دولة الإمارات لكافة الجهود الإقليمية والدولية المبذولة في هذا الإطار، وكذلك وضع حد للممارسات غير الشرعية التي تهدد الوصول إلى حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
إدانة تعد الثالثة من نوعها خلال نحو أسبوعين، ففي 23 يونيو/حزيران الماضي أدانت دولة الإمارات بشدة اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين الإرهابية على عدد من القرى الفلسطينية، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى.
ودعت وزارة الخارجية الإماراتية، في بيان، السلطات الإسرائيلية إلى خفض التصعيد وعدم اتخاذ خطوات تفاقم التوتر والعنف في الأراضي الفلسطينية، مطالبة بمحاكمة من قام بالتصعيد بشكل شفاف ومحايد ومنع تكرار هذه الأعمال الإرهابية.
وفي 19 يونيو/حزيران من الشهر نفسه، أدانت دولة الإمارات بشدة الاعتداءات الإسرائيلية على مدينة جنين الفلسطينية ومخيمها من خلال عمليات القصف الجوي وإطلاق النار، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى.
ودعت وزارة الخارجية، في بيان، السلطات الإسرائيلية إلى خفض التصعيد وعدم اتخاذ خطوات تفاقم التوتر والعنف في الأراضي الفلسطينية.
وشددت الوزارة على أهمية دعم كافة الجهود الإقليمية والدولية المبذولة لوقف تصاعد التوتر والدفع بإحياء عملية السلام في الشرق الأوسط، وكذلك وضع حد للممارسات غير الشرعية التي تهدد الوصول إلى حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
رسائل هامة
تحركات متتالية توجه من خلالها دولة الإمارات العربية المتحدة رسالة مهمة تؤكد أن دعمها الأبدي للقضية الفلسطينية، وتوقيعها اتفاق سلام مع إسرائيل في 15 سبتمبر/أيلول 2020 لم ولن يكون على حساب القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، وإنما توظفها دولة الإمارات العربية المتحدة دائما لدعم حقوقه.
ففي الوقت الذي كانت تمضي فيه دولة الإمارات العربية المتحدة قدما لتعزيز العلاقات مع إسرائيل لصالح تنمية وازدهار البلدين والمنطقة، تحركت في مجلس الأمن الدولي باعتبارها عضوا غير دائم به وتمكنت أكثر من مرة من الانتصار للقضية الفلسطينية.
ففي 26 أبريل/نيسان الماضي، ألقى خليفة شاهين المرر، وزير الدولة الإماراتي، بيان دولة الإمارات العربية المتحدة في المناقشة المفتوحة رفيعة المستوى لمجلس الأمن الدولي بشأن الحالة في الشرق الأوسط بما في ذلك القضية الفلسطينية.
وشدّد المرر، في البيان، على المكانة الخاصة لمدينة القدس والتي لا يجوز المساس بها، واحترام وضعها التاريخي والقانوني القائم، واحترام الوصاية الهاشمية على المقدسات فيها قولاً وفعلاً.
وطالب في البيان المجتمع الدولي بعدم التراخي في التعامل مع هذا الصراع الذي طال أمده، وأن يواصل الضغط لخفض التصعيد، محذرا من أن حالة الاحتقان الراهنة لا تحتمل مزيداً من التحريض على العنف والكراهية.
ودعا إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وتجنب أي خطوات أحادية، وأيضاً إلى "ضرورة حماية حل الدولتين الذي لا بديل له لتعايش دولتي فلسطين وإسرائيل جنباً إلى جنب بسلام وأمن واعترافٍ متبادل".
وأكد تضامن الإمارات الراسخ مع الشعب الفلسطيني لإقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وفي 5 أبريل/نيسان من الشهر نفسه، دعت دولة الإمارات العربية المتحدة بالشراكة مع الصين، إلى عقد اجتماع مغلق في مجلس الأمن الدولي لمناقشة التطورات الأخيرة المقلقة في الأراضي الفلسطينية، وتحديداً اقتحام المسجد الأقصى المبارك.
وتمكنت الإمارات أكثر من مرة عبر حراكها المتواصل في مجلس الأمن الدولي من الانتصار للقضية الفلسطينية.
ولعل أبرز تلك الانتصارات ما حدث في 21 فبراير/شباط الماضي، عندما تمكنت من اقتناص نصر حيوي للقضية الفلسطينية من داخل مجلس الأمن الدولي باعتماده بياناً رئاسياً يعارض الإجراءات أحادية الجانب التي تعرقل عملية السلام في الأراضي الفلسطينية، ويؤكد التزامه بحل الدولتين.
كانت دولة الإمارات العربية المتحدة، بصفتها عضواً منتخباً في مجلس الأمن، قد يسّرت هذا القرار المهم بدعم من جميع أعضاء المجلس.
جهود تكللت بإصدار أول قرار من مجلس الأمن الدولي بشأن ملف الاستيطان منذ أكثر من ست سنوات، ودعوة إماراتية قوية تؤكد أهمية التزام المجتمع الدولي برؤية فلسطين مستقلة تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل في سلام، ورفض أي إجراءات إسرائيلية تعوق حل الدولتين.
قبل أن تعود الإمارات مجددا في المجلس ذاته يوم 22 مارس/آذار الماضي وتوجه رسائل قوية لدعم القضية الفلسطينية، وضعت من خلالها خارطة طريق لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على المدى القصير والطويل، من خلال رؤية واضحة شاملة تحمل كل طرف مسؤولية سياساته وأفعاله بشفافية مطلقة، وتدعو إلى خلق بيئة تتيح إعادة إطلاق عملية سلام جدية وذات مصداقية.
وسبق أن أدانت دولة الإمارات العربية المتحدة من داخل مجلس الأمن الدولي في 5 يناير/كانون الثاني الماضي بشدة اقتحام وزيرٍ إسرائيلي باحة المسجد الأقصى المبارك بحماية من القوات الإسرائيلية، باعتبار أن مثل هذه التصرفات الاستفزازية تدل على عدم الالتزام بالوضع التاريخي والقانوني القائم في الأماكن المقدسة في القدس، فضلاً عن كونها تزعزع استقرار الوضع الهش في الأراضي الفلسطينية.
وفي 20 يناير/كانون الثاني الماضي أيضا، أصدرت دولة الإمارات بيانا من داخل مجلس الأمن الدولي أدانت فيه أي انتهاكات أو إجراءات استفزازية لتغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم في مدينة القدس، وكذلك الاقتحامات المتكررة لباحة المسجد الأقصى المبارك.
مواقف تنبع أهميتها ليس من قوتها فحسب، بل من كونها صادرة من دولة عربية بينها وبين إسرائيل معاهدة سلام، وتواصل سعيها لتعزيز العلاقات معها تحت مظلة السلام والازدهار، لذا فإن أي موقف يصدر منها سيتعامل معه العالم أجمع بثقة واحترام، وسيكون له تأثيره القوي.
دعم إنساني لا ينقطع
مواقف سياسية متتالية واكبها جهود إنسانية متواصلة لدعم الشعب الفلسطيني، كان أحدثها توجيه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، بفتح حساب مشترك والمساهمة بمبلغ 15 مليون دولار أمريكي لدعم عمليات الوكالة وخدماتها، ولتوفير المساعدات العاجلة للأسر الفلسطينية، خاصة إعادة تأهيل الخسائر في مدينة جنين ومخيمها والتي شهدت خلال الفترة الماضية اعتداءات إسرائيلية كان لها تداعيات على آلاف الأشخاص.
وكذلك توجيه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في 16 يونيو/حزيران الماضي بتقديم مبلغ 7.3 مليون درهم دعماً لبلدية مدينة الخليل الفلسطينية. وأيضا في 16 مارس/آذار الماضي بتقديم 3 ملايين دولار لدعم إعادة إعمار بلدة حوارة الفلسطينية، وتسليم قطاع غزة أكبر قافلة مساعدات طبية، تضم أدوية ومستلزمات طبية ضرورية، بتبرع سخي من دولة الإمارات العربية المتحدة.
ووصلت القافلة، التي تضم أكثر من 85 طنا من الأدوية والمستلزمات الطبية بتكلفة 10 ملايين دولار عبر شاحنات ضخمة، من خلال معبر رفح الحدودي بين قطاع غزة ومصر.
وجاء إرسال القافلة الطبية لغزة بعد نحو شهر من قيام دولة الإمارات العربية المتحدة بتوقيع اتفاقية تعاون مع منظمة الصحة العالمية، لدعم مستشفى المقاصد الذي يعد أكبر مستشفى أهلي خيري تعليمي في القدس الشرقية بـ25 مليون دولار، تنفيذاً لتوجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
مواقف تأتي جميعها ضمن جهود دولة الإمارات العربية المتحدة المستمرة لدعم قدرات المؤسسات الصحية الفلسطينية وتلبية متطلبات الشعب الفلسطيني في المجالات الإنسانية والمعيشية والصحية والاجتماعية والتعليمية وغيرها.
وخلال الفترة من 2010 حتى مطلع عام 2021، بلغ إجمالي المساعدات الإماراتية لفلسطين 1.14 مليار دولار أمريكي، منها 254 مليون دولار لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى "الأونروا"، حسب وكالة الأنباء الإماراتية "وام".
وتعد دولة الإمارات من أكبر الجهات المانحة للأونروا لتمويل مختلف القطاعات في الأراضي الفلسطينية، لتؤكد مواقف إنسانية ودبلوماسية وسياسية متتالية.
أيضا تؤكد دولة الإمارات من خلال تلك المواقف أن السلام الشامل والدائم والعادل هو السبيل الوحيد لحل أزمات المنطقة، وأنه لن يستطيع أي من الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني حسم الصراع لصالحه مهما طال الوقت، وسيكون الخاسر دائما هم الأبرياء من النساء والأطفال والمدنيين الذين لا ذنب لهم.
كما تأتي تلك المواقف ترجمة لرؤية دولة الإمارات ورسالتها التي عبرت عنها عمليا منذ توقيع اتفاقية السلام التاريخية وتحملت في سبيل إيمانها برؤيتها الكثير من حملات الإساءات والافتراءات، وهي أن نشر السلام ودعم القضية الفلسطينية مساران يتكاملان ولا يتقاطعان.