موعدان لانتخابات السنغال.. خيط حلّ أم عُقدة التباس؟
هل التقطت السنغال أخيرا خيط الحل لأزمتها على خلفية إرجاء الانتخابات الرئاسية أم فجرت أزمة التباس قد تعقد الجزء المضيء من التطورات؟
الأمر ضبابي إلى حد ما في البلد الأفريقي بعد تسارع مفاجئ للأحداث، في ظل الأزمة السياسية الناجمة عن إرجاء التصويت في اللحظة الأخيرة.
الخبر الجيد هو أن السنغاليين سيتمكنون أخيرا من انتخاب رئيس لبلادهم في نهاية مارس/آذار الجاري، لكن في أي يوم تحديدا؟ هذه هي أزمة الالتباس الحاصلة حاليا.
ففي حين أعلنت الرئاسة أن الدورة الأولى ستجري في 24 من الشهر الجاري، حدّد المجلس الدستوري موعدها في 31 من الشهر نفسه.
لكن، وفي كل الأحوال، ستجري الانتخابات قبل انتهاء ولاية الرئيس ماكي سال في الثاني من أبريل/نيسان المقبل، وهي المسألة التي تعد من الأسباب الرئيسية للأزمة؛ إذ تشتبه المعارضة والمجتمع المدني بأن سال يسعى للتشبث بالسلطة.
"مؤشر إيجابي"
أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر الدكتور توفيق بوقاعدة، يرى أن موافقة الرئاسة السنغالية على مقترح لجنة الحوار الوطني نهاية الشهر الماضي يُعد "مؤشرا إيجابيا" لإنهاء الأزمة.
ويقول بوقاعدة، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إنه رغم عدم مشاركة طيف كبير من المعارضة في هذا الحوار، إلا أنها "خطوة على الطريق الصحيح".
وأضاف أن "الأجواء الشعبية المشحونة في الشارع هو ما أجبر الرئيس ماكي سال على الالتزام بمخرجات الحوار"، مشددًا على ضرورة تصفية مخلفات أزمة التأجيل، وإصدار عفو شامل عن كل المعتقلين السياسيين والشباب المشارك بالاحتجاجات قبل فتح باب الترشح للاقتراع.
واعتبر الخبير أنه من الضروري اتخاذ "إجراءات أخرى مرتبطة بفتح المجال الإعلامي للمعارضة للتعبير عن آرائها ومواقفها دون قيد أو شرط، وكذلك عدم التحرش بالرموز المعارضة سواء باستعمال القضاء أو بالشارع كما حدث بالفترة الأخيرة".
ولفت الخبير إلى أن "تحديد الموعد ليس حلا في حد ذاته، فرغم ارتياح قسم كبير من المعارضة لهذا التعجيل بالموعد الانتخابي، إلا أنه لابد من ترجمة سياسية لنوايا السلطة في ترك المجال الانتخابي مفتوحا أمام الأحزاب والشخصيات السياسية التي لها الرغبة في الترشح".
وتابع: "بالإضافة إلى تمكينهم من وسائل الحشد الانتخابي دون قيود أو عراقيل بيروقراطية كما عرفتها البلاد في السابق".
من جهته، اعتبر الخبير التشادي في الشأن الأفريقي الدكتور محمد شريف جاكو، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن تحديد موعد للانتخابات الرئاسية العامة في السنغال على خلاف الموعد الذي حدده ماكي سال من قبل، أدى إلى "إفشال مخطط الرئيس".
وقال جاكو، إن "تحديد موعد قريب للانتخابات سيهدئ الأوضاع، لكنه لن يلغي الاحتقان الموجود في الشارع بشكل نهائي"، مضيفًا أن "هناك تيارات وخطوطًا تنافسية عديدة بالبلاد، وسيصعب تهدئة الأوضاع المضطربة بسهولة ويسر".
أسباب
أما الباحث السوداني في الشأن الأفريقي الدكتور محمد تورشين، فيرى أن قرار الرئيس ماكي سال بتحديد موعد قريب للانتخابات يأتي بعد جولة من الخلافات والصراعات السياسية أعقبت تأجيل الاستحقاق الانتخابي.
وقال تورشين لـ"العين الإخبارية"، إن هناك عدة عوامل جعلت سال يعدل عن قراره، متمثلة في "قرار المجلس الدستوري وكذلك ضرورة التأكيد على أن يتم تحديد قيد زمني للانتخابات".
ولفت إلى أنه رغم "استناد الرئيس على الأغلبية بالبرلمان في قرار تأجيل الانتخابات، وتمديد ولايته حتى يمكنهم إجراء حوار وطني شامل، لكن نتيجة للضغوطات السياسية والاحتجاجات الشعبية والجماهيرية، فضلا عن القرارات الصادرة من المجلس الدستوري، جعلت الحزب الحاكم يعيد النظر في هذه الجزئية".
وخلص إلى أنه "بهذا القرار، فإن العملية الانتخابية ستستمر لقرابة الشهر، و"هذا ربما يكون في صالح بعض المرشحين الذين كانت لديهم بعض الإشكاليات المرتبطة بالحملة الانتخابية والدعاية والتمويل وما إلى ذلك".
"ماراثونية"
في حديثه، رجح تورشين أن يستفيد مرشح الحكومة والحزب الحاكم من هذه الجزئية، مستدركا: "لكنّ مراقبين يعتقدون أن تأجيل الانتخابات أثر على دعم مرشح الحزب الحاكم".
وأوضح أنه في حال جرى الاقتراع بشكل سلس، وكانت التجاوزات محدودة جدا، فستتمكن الأحزاب من المشاركة بشكل جاد، وتستنفر كل قواعدها، وتشارك مجموعات واسعة من الناخبين.
وتوقع الخبير أن "تكون الانتخابات مليئة بالزخم والرهانات على الفوز من قبل القوى السياسية الأخرى، وربما يكون هناك تحالفات من أجل إسقاط مرشح الحكومة الحالية، وأن تكون الانتخابات ماراثونية ومثيرة في نفس الوقت".
بدوره، يعتقد الخبير المصري في الشأن الأفريقي عطية عيسوي، أن قرار تحديد موعد للانتخابات في السنغال "مفيد إلى حد كبير".
واستدرك في حديث لـ"العين الإخبارية": "لكن القرار بالضرورة يحتاج إلى عوامل أخرى، مثل إطلاق سراح بعض المعتقلين، وكذلك الممنوعون من الترشح"، معتبرًا أنه "إن لم يتم حل مشكلة هؤلاء، فلن يقتنع الشعب، أما إذا أصرت السلطات على أن الاعتقالات قانونية فسيؤدي ذلك إلى احتجاجات ومظاهرات جديدة في الشارع تراق فيها دماء الأبرياء، خاصة أن أنصار المعارضة مشحونون من السلطة".
وشدد على ضرورة أن يتخذ الرئيس ماكي سال إجراءات أخرى لتهدئة الشارع، وأن يتعهد بإجراء انتخابات حرة، وعدم منع أحد من المشاركة فيها بدون وجه حق، مضيفًا: "من الطبيعي أن تدعم الحكومة مرشحها بكل مقدراتها، لكن هذا الدعم لا ينبغي أن يضيق على الآخرين".
هل يستجيب؟
يرى الخبير المصري في الشأن الأفريقي أن "سال قد يستجيب لبعض المطالب، خاصة بعد وعده بالعمل على الاستقرار والإفراج عن المعتقلين".
ومستدركا: "لكن الرئيس لم يحدد من هم الذين سيتم الإفراج عنهم، وهل سيكون من بينهم (المعارض) عثمان سونكو أم لا".
وأعرب الخبير عن اعتقاده بأنه "من غير الممكن حل مشكلة سونكو في المستقبل القريب، لأنه مدان قانونيا، ومن الممكن أن يقول الرئيس إنه لا يمكن التدخل في السلطة القضائية".
وبالنسبة له، فإنه "إذا أفرج عن سونكو فستهدأ الأوضاع إلى حد كبير، وتشارك المعارضة"، معتبرا أن الرئيس يتجه إلى حد ما لإنهاء الأزمة لأنه يريد تفادي الانتقادات الخارجية".
aXA6IDMuMTQyLjIwMS45MyA= جزيرة ام اند امز