22 عاما على 11 سبتمبر.. هل نجحت استراتيجية واشنطن للقضاء على الإرهاب؟
وضعت هجمات الـ11 من سبتمبر/أيلول قبل 22 عاما، مسوغا للإدارة الأمريكية حينها؛ لتنفيذ مخططات "الحرب الاستباقية"، و"نشر الديمقراطية"، بالعالم.
وكان الهدف المعلن من ذلك حينها هو تفادي تكرار مأساة الهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر/ أيلول 2001، والعمل على تعزيز ونشر الديمقراطية.
لكن بعد أزيد من عقدين، يثور التساؤل "هل نجحت الولايات المتحدة في حربها على الإرهاب ولو تكتيكيا"؟، أم ما زال "الإرهاب في أوج نشاطه"؟.
تساؤلات طرحتها "العين الإخبارية" على عدد من المسؤولين والخبراء في الداخل الأمريكي وخارجه، بالتزامن مع إحياء الولايات المتحدة الذكرى السنوية لاعتداءات عام 2001 التي أودت بحياة 2977 شخصا.
ماذا حدث؟
أقدم 19 من الأفراد المرتبطين بتنظيم القاعدة على خطف 4 طائرات مدنية ارتطمت اثنتان منها بمركز التجارة العالمي في نيويورك، وثالثة بوزارة الدفاع "البنتاغون" قرب واشنطن، بينما تحطمت الرابعة في حقل في بنسلفانيا بعد عراك بين الخاطفين وأفراد الطاقم والركاب.
ومنذ زلزال الإرهاب الذي ضرب الولايات المتحدة في 11 سبتمبر/أيلول، بات أمام الإدارة الأمريكية "المسوغ" للانطلاق نحو تنفيذ مخططها في مواجهة الإرهاب من خلال ما وصفته بـ"الحرب الاستباقية"، و"نشر الديمقراطية"، و"إعادة بناء الدول".
ويقول مراقبون إن "الولايات المتحدة حققت بالفعل في حربها على الإرهاب بعض النجاح التكتيكي، بعد أن قتلت بعض قادة التنظيمات الإرهابية سواء تنظيم القاعدة أو داعش، أو اعتقال بعض قادة تلك التنظيمات، مرورا بنجاحها لاحقا في طرد عناصر داعش من مناطق كان التنظيم يسيطر عليها، لكنها في الوقت ذاته لم تتمكن من القضاء على أي من التنظيمات الإرهابية، فما زال خطرها قائما.
يرى الدكتور مهدي عفيفي، العضو في الحزب الديمقراطي الأمريكي، والكاتب والمحلل السياسي والاقتصادي، في حديث خاص من واشنطن لـ"العين الإخبارية"، أن أمريكا نجحت في مساعدة بعض دول العالم في محاربة الإرهاب، لكنها لم تستطع تحقيق النجاح اللازم مع الدول التي لم تتعاون معها، ولم تستفد من الإمكانات الأمريكية.
ويضيف قائلا: "كان هنا تنسيق عالي المستوى، وتبادل للمعلومات الاستخبارية مع العديد من دول أوروبا ودول العالم، ما أسفر عن انخفاض العمليات الإرهابية في أماكن عديدة في العالم بشكل لافت".
ويؤكد عفيفي في هذا السياق أن "الإرهاب تراجع في الأماكن التي طالها الأمريكيون، ومؤسساتها الأمنية والمؤسسات التي تتعاون مع واشنطن".
تحصين جبهة الداخل
وفي ملمح آخر يتعلق بالداخل الأمريكي، والاستراتيجية التي جرى اتباعها لمنع تكرار أحداث 11 سبتمبر/أيلول، يقول عضو الحزب الديمقراطي: "ما قامت به أمريكا ومؤسساتها المختلفة بعد أحداث سبتمبر/أيلول نجح بشكل كبير في منع تكرار المأساة مرة أخرى، بعد أن اعتمدت مجموعة من الحلول لم تكن أمنية فقط".
وأوضح أنه "كان هناك تنسيق أمني على أعلى مستوى بين الولايات الـ50 مع المؤسسات الأمنية المختلفة في أمريكا، إضافة إلى تفعيل آليات للتواصل الفعال مع الجاليات الإسلامية، بدأت بزيارة الرئيس جورج بوش للمسجد الكبير في واشنطن، وهو ما أعطى إشارة إيجابية تمثلت في الفصل بين المسلمين كلهم ومجموعة قامت بحادث إرهابي".
وينوه أيضا بأن المؤسسات الأمنية قامت بدورها بعمل حملات تواصل مع الجاليات الإسلامية، لفهم عاداتها وتقاليدها، كما تحرك المجتمع الإسلامي في الولايات المتحدة نحو الانفتاح بشكل كبير على المجتمع الأمريكي، حيث كان الكثير من المؤسسات العربية والإسلامية منغلقة على نفسها وخاصة داخل المساجد، قبل تلك الأحداث الإرهابية.
ويقول "عفيفي" إن توفير أمريكا إمكانات ضخمة للمؤسسات الأمنية، بالتوازي مع التواصل الجيد مع الجاليات العربية والإسلامية، ساهما بشكل كبير في نجاح الاستراتيجية التي انتهجتها واشنطن في الحفاظ على الأمن الداخلي، وتفادي تكرار أحداث 11 سبتمبر/أيلول.
أما ألبير فرحات؛ الخبير في قضايا الإرهاب الدولي والمقيم في فرنسا، فيرى أنه "بتقييم عام وموضوعي لما حدث بعد 22 عاما من أحداث سبتمبر/أيلول التي ضربت الولايات المتحدة في العمق، أن الإرهاب ما زال في أوج نشاطه، بل وجرى نشر استحداث تشريعات وقرارات وأفكار جديدة في مجال مكافحة الإرهاب لم تسهم في القضاء عليه بالشكل المطلوب".
سابقة في مكافحة الإرهاب
ويوضح، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، أن الولايات المتحدة قامت بسن عدد من القوانين من أجل تتبع وملاحقة المجموعات الإرهابية، وأنشأت فرعا جديدا خاصا بمصادرة وتجفيف منابع الأموال المستخدمة في تمويل عمليات إرهابية، وهذه كانت سابقة جديدة في محاربة الإرهاب، وتم تطبيق هذا الأمر، وأصبح فيما بعد يطبق على دول وليس فقط منظمات إرهابية.
ويشير "فرحات" إلى أن أمريكا استطاعت وضع العديد من القوانين لمحاربة الإرهاب، وحماية أراضيها ومصالحها في العالم، لكنها في المقابل فشلت في العديد من الدول ودمرتها سواء في أفغانستان أو العراق.
ففي هذا السياق، يقول إن "انسحاب أمريكا من أفغانستان، وما تم عقب سقوط نظام صدام حسين في العراق، أدى إلى انتشار تنظيم داعش وتوابعه في العديد من الدول، خاصة سوريا وصولا لعمليات طالت عددا من دول أوروبا".
وفي تقدير أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورج واشنطن الدكتور نبيل ميخائيل فإن ذكرى الحادي عشر من سبتمبر، "ما زالت تؤلم أمريكا، وما زالت الأخيرة تحاول معالجة أسباب حدوثها".
استراتيجية بايدن "اضرب واهرب"
وقدر ميخائيل، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "الاستراتيجية الحالية للولايات المتحدة لن تكون عبر شن حروب جديدة كرد فعل على ما حدث يوم 11 سبتمبر، بل ستعتمد إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن حتى انتهاء مدتها على الهجمات التي تستخدم عبر طائرات المسيرات، في استهداف من ترصد أمريكا أنهم بصدد القيام بأعمال ارهابية.
وجاء في مقال نشره مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، تحت عنوان "في ذكرى 11 سبتمبر: تساؤلات عن تحولات الحرب الأمريكية على الإرهاب وتداعياتها"، أن "الحرب الاستباقية" التي أخذ قرار بدايتها الرئيس الجمهوري جورج دبليو بوش، بدأت من أفغانستان وانطلقت إلى العراق، ثم ألقت بتبعاتها على منطقة الشرق الأوسط، وتحديدا الدول العربية، وقد أسفرت عن خسائر في الأرواح، وألقت بظلال قاتمة على الأمن والاستقرار والأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحقوق الإنسان، خاصة النساء والأطفال.
ونوه المقال بأن القوات العسكرية الأمريكية دخلت إلى أفغانستان وأسقطت حكومة طالبان في نهاية عام 2001، ثم دخلت العراق وأسقطت حكومة صدام حسين في مارس/آذار 2003.
وفى أغسطس/ آب 2021، شهدنا انسحاب القوات العسكرية الأمريكية من أفغانستان؛ كما أن شهر أكتوبر/ تشرين الأول من نفس العام، شهد الانسحاب العسكري الأخير من العراق التي دخلتها القوات الأمريكية منذ 17 عاما.
وبحسب المقال، فإن الحرب الأمريكية على الإرهاب انتهت وخلفت وراءها أفغانستان تحت سلطة طالبان كما كانت قبل 20 عاما، لكن مع عدد كبير من القتلى بين المدنيين والعسكريين الأفغان، ونحو 5.3 مليون نازح ولاجئ أفغاني، أما العراق فقد خاض 17 عاما من الحرب والإرهاب الطائفي، أودت بحياة 207 آلاف عراقي، ونزِوح أكثر من 9 ملايين آخرين خارج الدولة، وتراجع حاد للبلاد على المؤشرات الدولية، إلى جانب تجذير الهوية الطائفية نتيجة قوانين المحاصصة، ورسوخ وجود المليشيات المسلحة.
aXA6IDEzLjU5Ljk1LjE3MCA= جزيرة ام اند امز