صربيا وكوسوفو.. هل يصلح الانضمام للاتحاد الأوروبي ما أفسده الصراع؟
"بين ماضٍ مستبعد عودته، وفرصة نحو المستقبل قد تذهب بلا رجعة".. تقف صربيا حائرة في مفترق طرق في قضية تطبيع علاقاتها مع كوسوفو.
فصربيا التي رفضت في السابق الاعتراف باستقلال كوسوفو، التي كانت أحد أقاليمها، تجد نفسها اليوم أمام خيارين، إما الاستمرار في العناد ورفض التطبيع وإما النظر إلى المستقبل بالقبول بالتطبيع والانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
صربيا تلمح بالقبول
ويبدو أن الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش، يميل إلى ضمان مستقبل بلاده، حيث أكد أن بلاده ستدرس خطة الاتحاد الأوروبي التي تقترح تطبيع العلاقات مع كوسوفو.
وأشار فوتشيتش إلى الأسباب التي قد تدفعه للقبول بهذا هي أن المخاطرة بفقدان فرصتها في الانضمام إلى التكتل، قد يجعل المستثمرين الأجانب يرحلون.
وتابع في تصريحات صحفية من بلغراد، نقلتها وكالة بلومبرغ للأنباء، الإثنين: "سنصبح ضائعين سياسيا واقتصاديا دون دعم الاتحاد الأوروبي".
تصريحات فوتشيتش جاءت بعد أيام فقط من اجتماعه مع مبعوثي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اللذين حاولا التوسط لإبرام اتفاق دائم بين صربيا وكوسوفو.
ولفت فوتشيتش إلى أنه تسلّم اقتراحا خلال اجتماع الأسبوع الماضي مع ممثلين عن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا للوصول لوقف نهائي للتوترات مع كوسوفو.
وأضاف أنهم قالوا له "يجب أن تقبل هذه الخطة، وإلا ستواجه وقف عملية الاندماج الأوروبي، وسحب الاستثمارات والتدابير الاقتصادية والسياسية الشاملة ووقفها، وهو ما سيلحق ضررا كبيرا بصربيا"، بحسب قوله.
ولمح فوتشيتش إلى احتمال إجراء استفتاء، موضحا أن "البرلمان الصربي سيتعين عليه مناقشة الاقتراح".
وكان جوزيب بوريل الممثل الأعلى للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، أكد، الإثنين، أن الاجتماعات في كوسوفو وصربيا ركزت على "بحث اقتراح تطبيع العلاقات. وأن التقدم في هذا الاقتراح سيحقق فوائد كبيرة لكلا الجانبين".
ويعطل انضمام صربيا إلى الاتحاد الأوروبي المرشحة له منذ أكثر من عقد، تطبيع العلاقات مع كوسوفو، والذي عده الاتحاد شرط رئيسي للمضي قدما بملفها.
صراع تاريخي
يذكر أن كوسوفو، التي كانت في السابق أحد أقاليم صربيا، كانت قد أعلنت استقلالها في عام 2008 في أعقاب حرب استمرت بين عامي 1998 و1999.
وقصف الناتو خلالها تلك الحرب يوغوسلافيا التي كانت تضم صربيا والجبل الأسود، لحماية كوسوفو ذات الأغلبية الألبانية.
وأعلنت بلغراد، وحليفتاها الرئيسيتان روسيا والصين الاعتراف بالخطوة، ما حرم بريشتينا من الحصول على مقعد بالأمم المتحدة.
وشجعت بلغراد 120 ألفا من الصرب في كوسوفو على تحدي سلطة بريشتينا خصوصا في الشمال، حيث يشكل الصرب غالبية.
أزمات متجددة
وتشهد المناطق الحدودية بين كوسوفو وصربيا توترات بين الحين والآخر، كان آخرها في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي عندما ترك مئات الموظفين الصرب بالشرطة والقضاء وظائفهم، احتجاجا على قرار مثير للجدل يمنع الصرب الذين يعيشون في كوسوفو من استخدام لوحات المركبات الصادرة من بلغراد، وهو قرار تراجعت عنه بريشتينا في النهاية.
وأعقب ذلك في 10 ديسمبر/كانون الأول الماضي، اضطرابات بين البلدين عندما أقام الصرب حواجز على الطرقات، احتجاجا على اعتقال شرطي سابق يشتبه في تورطه في هجمات ضد ضباط شرطة كوسوفيين ألبان، ما أوقف حركة المرور بمعبرين حدوديين.
وتعرضت شرطة كوسوفو وقوات حفظ السلام الدولية لعدة هجمات وحوادث إطلاق نار، فيما تم وضع القوات المسلحة الصربية في حالة تأهب قصوى.
لكن الرئيس الصربي ألكسندر فوجيتش استبعد أن يتحول التوتر بين بلاده وكوسوفو إلى حرب، وأعرب عن أمله في تجنب كل المصاعب.
وتعهد فوجيتش، على هامش مشاركته في منتدى دافوس، ببذل كل ما بوسعه للحفاظ على السلام والاستقرار بمنطقة البلقان.
aXA6IDMuMTYuMjAzLjI3IA== جزيرة ام اند امز