كوسوفو وصربيا.. حرب أوكرانيا والعلاقة بأوروبا على خط التوتر
عندما تصاعدت التوترات بين كوسوفو وصربيا، الواقعتين في البلقان، الأحد، أثارت المخاوف من وقوع أعمال عنف خطيرة استجابة قوية من مهمة حفظ السلام التي يقودها حلف شمال الأطلسي (الناتو) في عاصمة كوسوفو، بريشتينا.
وقال بيان صدر سريعا: "تراقب مهمة (قوة كوسوفو) عن كثب ومستعدة للتدخل إذا تعرض الاستقرار للخطر."
وذكرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية أن جذور المشكلة تتمثل في النزاع بين البلدين بشأن التدابير المتبادلة التي أعلنتها كوسوفو فيما يتعلق بلوحات الترخيص وبطاقات الهوية، وهي خطوات تعتبرها صربيا والصرب الذين يعيشون في كوسوفو استفزازا لأنهم يعترفون بسيادة كوسوفو.
ولم ينتظر الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش طويلا حتى وجه لكماته البلاغية على قادة كوسوفو، قائلًا خلال مؤتمر صحفي: "سنصلي من أجل السلام ونسعى للسلام، لكن لن يكون هناك استسلام، وصربيا ستفوز."
وهدأ الوضع في وقت سابق من الأسبوع بعد تدخل السفير الأمريكي لدى كوسوفو، ، جيف هوفينير، الذي نجح في الضغط من أجل أن تؤجل بريشتينا الإجراءات لمدة 30 يومًا لتسوية أي سوء تفاهم.
لكن الحادث أثار القلق في شتى العواصم الغربية، الحساسة تجاه تهديدات العنف الإقليمي بعد حرب روسيا على جارتها أوكرانيا نهاية فبراير/شباط. (ودخلت صربيا في حرب مع الانفصاليين من كوسوفو عام 1998، وهو صراع تسبب في تدخل حلف الناتو وإنشاء دولة كوسوفو الفتية في النهاية).
وأشارت "فورين بوليسي" إلى أن الكلمات القاسية التي أطلقها الرئيس الصربي لفتت الانتباه مجددا إلى موقف صربيا من الحرب الروسية.
ومنذ بداية الحرب في أوكرانيا، خط فوتشيتش خطا رفيعا بين دعم الإدانة الغربية لعدوان موسكو العسكري في أوكرانيا وضمان عدم تعرض العلاقات الصربية مع الكرملين لضربة نهائية.
ولفتت "فورين بوليسي" إلى أن صربيا وبيلاروسيا هما البلدان الأوروبيان الوحيدان اللذان لم يفرضا عقوبات على روسيا (بالرغم من أن المجر بذلت قصارى جهدها لعرقلة أي استجابة للاتحاد الأوروبي على الصراع).
وعلاوة على ذلك، ضاعفت بلجراد عدد الرحلات المباشرة إلى روسيا بالرغم من الحظر الأوروبي على الطائرات الروسية.
ولإثارة غضب القادة الغربيين، وقع فوتشيتش على ثلاثة أعوام إضافية من الغاز الروسي في مايو/آيار، في اتفاقية أجريت عبر الهاتف مع بوتين مباشرة. وعلى الجانب الآخر، أكدت بلغراد أن صربيا تدعم سيادة أوكرانيا.
وكما الحال مع رئيس وزراء المجر، فيكتور أوربان، دفع فوتشيتش بأنه زعيم دولة صغيرة ويجب عليه تلبية احتياجات شعب صربيا، بما في ذلك مواصلة الاعتماد على روسيا للحصول على إمدادات الطاقة التي تشتد حاجتهم إليها.
وقبل الحرب العالمية الأولى، كانت صربيا تدور في فلك موسكو لدرجة أنها أصبحت السبب المباشر للحرب بين روسيا الإمبراطوريات الروسية والنمساوية المجرية والألمانية.
وخلال الحرب الباردة، لعبت يوغوسلافيا التي كانت تهيمن عليها صربيا دورا جيوسياسيا ضخما – وهو الدور الذي تلاشى إلى جانب يوغوسلافيا أوائل التسعينيات، فيما ظلت الذكريات.
وتقول صربيا إنها لاتزال تسعى إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، حيث كانت تنتظر مع وضعية مرشح منذ عام 2009. لكن تنظر بلجراد غربا، وجنوبا، وشرقا، وترى أفخاخ في كل مكان.
ويريد الاتحاد الأوروبي أن تعترف صربيا بدولة كوسوفو، وهي منطقة محظورة في بلجراد. وعندما زار المستشار الألماني أولاف شولتز صربيا في يونيو/حزيران، سخر فوتشيتش منه بسبب تعليقاته على اعتراف صربيا بكوسوفو. وقال الرئيس الصربي: "لا نستجيب للضغط."
ويوم الأحد، اتخذت موسكو موقفا صارما بشأن التوترات الإقليمية، داعية بريشتينا "لوقف الاستفزاز ومراعاة حقوق الصرب في كوسوفو."
وقالت ألكساندرا تومانيك المديرة التنفيذية للصندوق الأوروبي لمنطقة البلقان إن قادة روسيا وصربيا الحاليين لا يتشاركان التقارب التاريخي فحسب ولكن أيضًا رؤية الدولة التي تعزز الميول القومية القوية، مضيفة: "ما لدينا هنا في الواقع هو أن صربيا وروسيا لديهما نفس النظرة للعالم."
وأضافت: "بالنسبة إلى الحكومة الحالية، يشبه انضمام صربيا إلى الاتحاد الأوروبي الزواج القسري، والدعوات لفرض عقوبات على روسيا والاعتراف المشترك بكوسوفو لم يلق قبولا جيدا."
وأشارت "فورين بوليسي" إلى أن تحذير يوم الأحد جاء كتذكير لبروكسل بأن اعتراف صربيا بكوسوفو لايزال بعيد المنال وأن اليد السوداء الروسية في المنطقة لم تتلاشى.
aXA6IDE4LjIyMS4xMi42MSA=
جزيرة ام اند امز