يوم السمسم.. احتفال يمني بإرث زراعي متجذر (صور)
يرتبط السمسم (الجلجلان) ارتباطًا وثيقًا بتهامة اليمنية، حيث تحوّل موسم حصاده إلى تظاهرة سنوية فريدة تعكس أهمية هذا المنتج الزراعي.
وبدعم من نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، طارق صالح، تبنّى شباب تهامة مبادرة لتعزيز فرص تسويق السمسم عبر فعالية سنوية تتحدى تداعيات الحرب، التي تسببت في تراجع مساحات زراعته من 23 ألف هكتار إلى 18 ألف هكتار، وفقًا للإحصائيات الرسمية.
"نادي السمسم اليمني" وإحياء الإرث الزراعي
يقود "نادي السمسم اليمني"، وهو تجمع شبابي، جهود إحياء "يوم السمسم اليمني"، الذي يصادف 30 يناير من كل عام، تكريمًا لإرث الأجداد الذين برعوا في استخراج "زيت السمسم" المعروف محليًا بـ"السليط"، واستخدامه في الغذاء والطب والعطور.
وتحمل هذه العادة جذورًا تاريخية، حيث استخدم اليمنيون القدماء زيت السمسم كتعويذة لحماية المواليد الجدد من "الشياطين"، ولا تزال العديد من الأسر اليمنية تحافظ على هذا التقليد، إذ يُعتقد أن دهن جسم الرضيع بالسليط كل صباح يعزز صحته ويقوي عظامه.
أما تسمية "السليط"، فتعود إلى مقولة شائعة في اليمن: "الله يسلطه على كل علة"، في إشارة إلى فوائده العلاجية العديدة.
احتضن سوق حيس القديم، في المدينة التاريخية الواقعة بالريف الجنوبي لمحافظة الحديدة، النسخة الثانية من تظاهرة "يوم السمسم اليمني"، وسط حضور رسمي وشعبي كبير.
وتخلل الفعالية استعراض لمختلف أصناف السمسم، وفقًا لألوانه (الأسود والبني)، إلى جانب عرض مشغولات يدوية من الفخار والخزف، وأزياء تقليدية، وبخور، فيما أدت فرق فنية رقصات شعبية مصحوبة بسجالات شعرية.
وتتراوح أسعار السمسم في الأسواق اليمنية بين 5 إلى 6 آلاف ريال للكيلوغرام (حوالي 3 دولارات أمريكية)، في حين يصل سعر نصف لتر من زيته إلى 4 دولارات، وذلك نظرًا لاعتماد إنتاجه على المعاصر التقليدية المتوارثة، في ظل ارتفاع تكاليف الوقود وأسعار الصرف.
تتصدر محافظة الحديدة إنتاج السمسم في اليمن، بكمية تقدر بنحو 6 آلاف طن سنويًا، من إجمالي الإنتاج الوطني البالغ 22.6 ألف طن، تليها محافظات أبين ومأرب وحضرموت وتعز.
ولا يزال غالبية المزارعين اليمنيين يعتمدون على الطرق التقليدية في زراعة السمسم وحصاده وتجفيفه، ما يرفع من تكاليف إنتاجه. كما أدت الحرب المستمرة منذ نحو عقد إلى انخفاض الإنتاج من 25.3 ألف طن إلى 22.6 ألف طن.
كشف يوسف الغليسي، المسؤول الإعلامي لنادي السمسم اليمني، لـ"العين الإخبارية"، أن تخصيص 30 يناير يومًا للاحتفاء بالسمسم جاء تقديرًا لمكانته في ثقافة الإنسان التهامي، مشيرًا إلى قيمته الغذائية والصحية والاقتصادية العالية.
وأضاف أن المزارعين يواجهون تحديات كبيرة، من بينها تفشي الآفات الزراعية، التي أثرت بشكل كبير على المحاصيل، لا سيما في تهامة وأبين وحضرموت وتعز.
وأعرب الغليسي عن أمله في تقديم دعم حكومي للمزارعين عبر توفير البذور وتحسين الإنتاج، مؤكدًا التزام "نادي السمسم اليمني" بمواصلة أنشطته لتعزيز فرص التسويق لهذا المنتج الحيوي والزيوت المستخلصة منه.